حكومة الإطار تتواطأ مع العتبة العسكرية للاستيلاء على أراضي سامراء
شيوخ ووجهاء ومثقفو سامراء يطالبون الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالتدخل لوضع حد للممارسات الاستفزازية للعتبة العسكرية ومحاولات التغيير الديمغرافي التي تمارسها في المدينة.
صلاح الدين – الرافدين
تواصل إدارة “العتبة العسكرية” في سامراء استيلاءها على أراضي المدينة بالتواطؤ مع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بعد ضغط الأخير على وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة بنكين ريكاني وإيعازه لمدير بلدية سامراء منح “العتبة العسكرية” أرضًا بمساحة 48 دونم وسط المدينة.
واستنكر شيوخ ووجهاء وعلماء مدينة سامراء، استيلاء “العتبة العسكرية” على أراضي المدينة، واستمرار عمليات التغيير الديمغرافي التي تقوم بها بتواطؤٍ مع حكومة الإطار التنسيقي.
وقال الشيوخ والوجهاء في بيانٍ إن “العتبة العسكرية، تسببت بالتضييق والخناق على مدينة سامراء القديمة، وحرمان أهلها من التحرك والتصرف بأملاكهم ومصادر معيشتهم، فضلًا عن محاولاتها المستمرة للاستيلاء على الجامع الكبير والمدرسة العلمية فيها”.
وأكد البيان، على رفض أهالي سامراء التغيير الديمغرافي القسري الذي تقوم به “العتبة العسكرية” من خلال جلب 1000 عائلة من خارج المدينة وإسكانهم في المنطقة القديمة المغلقة أمام أهالي سامراء، للعمل في مشروع إعادة إعمار ضريح العسكريين فيها.
وأشار إلى، استيلاء “العتبة العسكرية” على أملاك بلدية سامراء داخل المدينة القديمة، وإغلاقها، وحرمان أهلها من فرص العمل دون مبرر.
وأوضح أن الأرض الممنوحة لـ “العتبة العسكرية” كانت قد أحيلت لشركات هندسية قبل عام 2003 لتنفيذ مشاريع سكنية عليها، إلا أن المشروع توقف دون معرفة الأسباب، لتدخل في حزيران 2023 ضمن الاتفاقية العراقية المصرية على إنشاء مجمعات سكنية عمودية فيها.
وطالب البيان، الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالتدخل لوضع حدٍ للممارسات الاستفزازية لـ “العتبة العسكرية” ومحاولات التضييق المستمرة لأهالي المدينة، وإلغاء قانون العتبات رقم 19 لسنة 2005 وإرجاع الحقوق لأهل المدينة التي كابد أهلها التهميش والإقصاء طوال عشرين عامًا.
وأثار قرار منح حكومة السوداني قطعة أرض في سامراء لـ “العتبة العسكرية” غضب الشارع العراقي، من نهجها الطائفي وغض الطرف عن محاولات التغيير الديمغرافي الصلفة الذي تعمل عليه “العتبة العسكرية” دون رقيب أو سند قانوني.
ووصف مراقبون استفراد السوداني ووزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة بنكين ريكاني، بمنح أرض داخل مدينة سامراء لـ “العتبة العسكرية”، بمعزل عن أهل المدينة، بالنهج الطائفي الذي عكفت عليه الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي يؤكد أن مدينة سامراء وأهلها خارج حسابات الحكومة.
وكانت دراسة مطولة أصدرها معهد “تشاتام هاوس” في لندن عن “افتراس التراث الثقافي في العراق: الاستملاك الطائفي لماضي العراق” قد ذكرت أن المنطقة المحيطة بالمسجد العسكري مهملة.
وأكدت الدراسة، أن البيئة المعمارية ذات الأهمية التاريخية في وسط سامراء بدأت بالتحول التدريجي من قبل الوقف الشيعي، ويجري هدم عشرات المباني وغيرها من المواقع التراثية التي تعود إلى الحقبة العثمانية، إضافة إلى تشريد عشرات الآلاف من الأسر السنية بعد سيطرة ميليشيا “سرايا السلام”، ما جعل الحياة الثقافية لسامراء أقل تنوعًا.
وأشارت الدراسة، التي كتبها نخبة من الباحثين في المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس” إلى إغلاق “الجامع الكبير” وهو مسجد يديره الوقف السني ومطالبة الوقف الشيعي به كواحد من جوامعه.
وبينت أن استغلال الوقف للموارد الثقافية والدينية للمدينة، واتجاهه لأعمال البنية التحتية داخل المنطقة المسيجة، أدى إلى تغيير جوهري في طابع واحدة من أهم المدن العراقية. كما جرت تطورات مماثلة أيضًا في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد.
واستولى الوقف الشيعي على مركز المدينة التاريخي في سامراء، بما في ذلك أصول الدولة المملوكة للسلطات المركزية وسلطات المحافظات، ما أدى إلى تغيير ديموغرافي في سامراء.
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بردود الفعل الغاضبة من مدونين وناشطين وصحفيين، تعبيرًا عن استيائهم من إقدام حكومة السوداني على مثل هذه الخطوة التي تهدد السلم الأهلي في المدينة وسط تصاعد لمناشدات إنقاذ سامراء من سطوة الميليشيات.
وأطلق مدونون على وسائل التواصل الاجتماعي وسم “أنقذوا سامراء المنكوبة” للفت الأنظار باتجاه مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد وللتعبير عن رفضهم نفوذ الميليشيات وسيطرتها على أراضي وممتلكات المواطنين.
وكانت “العتبة العسكرية” في سامراء قد نشرت إعلانًا تبين فيه تغيير اسم الجامع الكبير في المدينة إلى جامع “صاحب الأمر” بعد ترميمه كما زعمت، ما أثار ردود فعل غاضبة بين العراقيين على الاستيلاء الصلف لأوقاف المسلمين.
وسبق أن حذرت هيئة علماء المسلمين في العراق من هذا الاستيلاء بمشاركة ميليشيات “سرايا السلام” وديوان الوقف الشيعي، مؤكدة على أنها خطوة أخرى خطيرة في مشروع الاستيلاء الممنهج على الأوقاف الإسلامية في العراق، وفرض الوصاية الطائفية بسطوة القوة العسكرية.
وأوضحت الهيئة، في بيان لها، أن ديوان الوقف الشيعي مارس بسطوة الميليشيات وأجهزة الأمن الحكومية حملة استيلاء على عقارات أبناء المناطق الغربية من سامراء المحيطة بالمرقد والجامع والمدرسة، سواء بوضع اليد عليها دون وجه حق أو بفرض البيع على مالكيها تحت طائلة التهديد والاعتقال، وفي بعض الأحيان بالإغراءات مقابل مبالغ مالية خيالية.
وشددت الهيئة على أن مجاورة الجامع الكبير والمدرسة العلمية للمرقد، لا تعطي حقًا للعتبة ولا لغيرها في الاستحواذ عليهما تحت ذريعة الإعمار، وأن ديوان الوقف السني هو المسؤول عنهما، وهو أيضًا المسؤول في المقام الأول عن التفريط بحمايتهما، ولا سيما وأن له سوابق في التخاذل عن القيام بمهامه، ومنها تسليمه نظيره الشيعي المرقد دون قيد أو شرط ونقل ملكيته إليه بعد أحداث سنة 2006م.
ولفتت الهيئة، إلى أن المسؤولية يشارك في تحمّلها من يسمّون بالسياسيين “السنّة” الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا أوراقًا على طاولة العملية السياسية تتلاعب بها الأيدي كيفما شاءت.
ودعت الهيئة علماء العراق عامة وعلماء سامراء خاصة، والعراقيين جميعًا والسامرائيين على وجه الخصوص، للقيام بما يوجب عليهم دينهم الحنيف، وبما تقتضيه مروءتهم في الدفاع عن تاريخ هذه المدينة الصابرة المجيد، وحاضرها ومستقبلها المهددين على حد سواء.
ورفض علماء وشيوخ عشائر سامراء محاولات الاستيلاء على الجامع الكبير والمدرسة العلمية في المدينة مؤكدين أنها خطوة ومحاولة لإشعال الفتنة الطائفية في البلاد.
وحذروا من مغبة السكوت على تلك المحاولات التي تستهدف مساجد السنة، داعين السلطات إلى التدخل العاجل ووقف تلك الممارسات من أجل تجنب التصعيد الطائفي التي تحاول بعض الجهات إثارته في المدينة.