أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

أحزاب إيران في العراق تعمل على استراتيجية دولة ضعيفة وحشد قوي

صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية: الاستراتيجية القاضية بجعل الحشد الشعبي صاحب القرار في تحديد مستقبل العراق السياسي، هي أمر أساسي في أوساط أحزاب وميليشيات إيران في العراق.

بغداد- الرافدين

تدفع الأحزاب والميليشيات الولائية التي شكلت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى استراتيجية متمثلة بـ”دولة ضعيفة وحشد شعبي قوي” كأساس لعملها السياسي للمرحلة المقبلة.
وشددت دراسة مطولة لصحيفة “لوموند ديبلوماتيك” الفرنسية بطبعتها الإنجليزية على أن هذه الاستراتيجية القاضية بأن تجعل الحشد الشعبي صاحب القرار في تحديد مستقبل العراق السياسي، هي أمر أساسي في أوساط أحزاب وميليشيات إيران في العراق.
وذكرت الدراسة “بالنسبة للأحزاب التي تولت السلطة بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية في نيسان 2003، فإن الحشد الشعبي هو الضامن لبقائها في السلطة، مثل الحرس الثوري الذي يدافع عن النظام الإيراني”.
وقال الباحث العراقي عادل بكوان مدير “المركز الفرنسي للأبحاث والدراسات العراقيّة” (CFRI)، وعضو في “معهد الأبحاث والدراسات المتوسطية والشرق الأوسطية” (IREMMO) في الدراسة التي حملت عنوان “الحشد صاحب القرار في العراق” “بدلا من أن ينضم آلاف المتطوعين إلى الجيش العراقي، التحقوا بالميليشيات الطائفية. وللحفاظ على سيطرة هذه الميليشيات على الدولة”.
وبعد انتهاء المعارك مع تنظيم داعش لعب ومازال الحشد الشعبي دورا كبيرا في العملية السياسية القائمة في العراق.
وقامت الميليشيات المنضوية في الحشد بتوسيع عملياتها السياسية والتجارية إلى ما هو أبعد من القتال.
وذكرت إحصائية حكومية صادرة في شهر تموز 2023، بأن عدد عناصر الحشد بلغ 238 ألفا مقارنة بـ 122 ألف عام 2021 أي بزيادة تقدر 6 في المائة مع رواتب تقدر بـ2.65 مليار دولار وهو مبلغ يعادل 1.8 بالمائة من إجمالي ميزانية الدولة.
ويكشف هذا العدد المتزايد باضطراد من عناصر الحشد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مع انتفاء الحاجة إليهم بعد انتهاء القتال مع تنظيم داعش، الهدف الذي تعمل عليه أحزاب إيران في العراق وفق استراتيجية أعدها الحرس الثوري الإيراني لبناء معادل تابع له في العراق.
وعلى سبيل المقارنة، يبلغ عدد أفراد الجيش الحكومي 454 ألف فرد، وعناصر وزارة الداخلية 700 ألف فرد. وهو أمر يوضح الهدف من تضخيم عدد الميليشيات غير الحكومية في الحشد وكيف أصبح لها مثل هذا التأثير الكبير على المالية العامة لتحديد مستقبل البلاد.
وقال عادل بكوان “إن النظر إلى هذه الميليشيات على أنها كيان متجانس ذو قيادة موحدة، أو برنامج سياسي متماسك، أو لديها استراتيجيات عمل مُنسَّقة، هو أمرٌ يتعارض تماماً مع الواقع الذي يتسم بوجود خصومات تؤجج الاشتباكات العسكرية التي ينتج عنها وفيات وإصابات بين المسلحين أنفسهم”.
وأضاف الباحث الذي سبق وأن أصدر كتابا بعنوان “العراق قرن من الافلاس” “على هذا النحو، واستناداً إلى تحليل البيانات الواقعية عن هذه العداءات داخل الميليشيات، فقد تم تحديد ثلاث فئات مميّزة من الميليشيات، وهي: الميليشيات الموالية لإيران وميليشيات المرجعيات، والميليشيات القومية”.
وأوضح “يبدو بعض الشباب العراقي صار أسيراً لمنطق حكم الميليشيات التي تتحكم بمفاصل الدولة، وتحدد عبر سطوتها، مستقبله ومستقبل البلاد”.


عادل بكوان: لم تعد ميليشيات الحشد المدججة بالسلاح في حالة حرب؛ وقد انتشرت في المدن محاوِلةً فرض رؤيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية للمجتمع

وأدى انتهاء القتال في مدن غرب العراق وعودة ظهور هذه الميليشيات في الحياة اليومية، فضلاً عن إعادة انتشارها في الفضاءات الاجتماعية، إلى حدوث تحوّلات في خطابها وممارساتها.
وقال مدير المركز الفرنسي للأبحاث والدراسات العراقيّة “لم تعد الميليشيات المدججة بالسلاح في حالة حرب؛ وقد انتشرت في المدن محاوِلةً فرض رؤيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية للمجتمع، التي قَبِلها قطاع من المجتمع ودَعَمها بوضوح. ومع ذلك، هناك جزء كبير جداً ونشط من الشباب رفض رفضاً قاطعاً هذه الرؤية، وكانوا على استعداد للدخول في مواجهة عنيفة ضد هذه الميليشيات”.
ويخطط زعماء ميليشيات متنفذة في الحشد الشعبي لاستغلال انتخابات مجالس المحافظات المؤمل أجراؤها نهاية العام الحالي ومن ثم الانتخابات البرلمانية للتشبث بالسلطة.
ويرى زعماء الحشد أنه أصبح مكروها ليس فقط في المدن التي نكل وهجر سكانها في غرب العراق، بل أن النقمة عليه تتفاقم داخل حاضنته في مدن جنوب العراق.
ولم يبق لميليشيات الحشد غير الضغط بأي وسيلة وشراء الذمم في الانتخابات للبقاء في السلطة.
وكتب المحللة السياسية المتخصصة في شؤون الميليشيات الولائية بارعة علم الدين “أصبح من المستحيل أن يتخلى الحشد عن العملية (الديمقراطية) الزائفة وهو على استعداد لاستخدام ميليشياته المسلحة للقيام بانقلاب شامل، يدعمه حزب الله اللبناني والقوى المتحالفة معه في المنطقة، للبقاء في السلطة”.
وحذرت علم الدين في مقال باللغة الإنجليزية في صحيفة “أراب نيوز” التي تصدر في لندن، المجتمع الدولي من البقاء نائما وعدم الاستجابة لتداعيات ما يجري بعد هيمنة ميليشيات ولائية على مصدر القرار الحكومي والثروة في العراق.
وقالت الكاتبة التي سبق أن صدر لها كتاب عن الحشد الشعبي باللغة الإنجليزية بعنوان “دولة الميليشيا” عن دار “نوماد” للنشر “من الواضح أن الغرب لن يحرك ساكناً للمساعدة في تقليص حجم الحشد الشعبي. ولكن ينبغي لنا على الأقل أن ندرك العواقب المترتبة على وقوع دول مثل لبنان وسوريا والعراق تحت السيطرة الاحتكارية لفصائل ملتزمة علناً بمهاجمة الغرب والدول العربية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى