أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأحزاب والميليشيات تكمم الأفواه للتستر على فسادها وفشلها السياسي

استمرار اختطاف الصحافيين ومنع وسائل الإعلام الحرة من البث في العراق وحجب المقالات والآراء الناقدة لحكومة الإطار التنسيقي.

بغداد – الرافدين
تستمر الأحزاب السياسية والميليشيات المستحوذة على حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بقمع الأصوات المعارضة لها ضمن سياسية تكميم الأفواه التي تنتهجها منذ العام 2003، لتخويف أي جهة إعلامية تحاول فضح الفساد أو الحديث عن زعماء الميليشيات وانتقادهم.
ويكشف تعرض كثير من الناشطين والصحفيين إلى الاعتقال والتغييب في السنوات الأخيرة محاولة الأحزاب الحاكمة لإعادة صياغة الخطاب الإعلامي بما يتوافق مع توجهاتها، وأن يكون أداة للتستر على فسادها وجرائمها.
وأجمع ناشطون وحقوقيون عراقيون على أن السلطات الحكومية بصمتها عن الانتهاكات التي تطال العاملين بمجال الصحافة والإعلام شريكة للميليشيات وتُشرعن هذه الانتهاكات.
وتشير الإحصاءات إلى تزايد الاعتداءات على الصحفيين والناشطين من غير تقديم الجهات المسؤولة إلى المحاسبة، فقد أحصت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، وهي منظمة عراقية غير حكومية، 345 اعتداءًا في العام 2022.
ووفقًا للمنظمة فإن 205 صحفيين تعرضوا للضرب والمنع من أداء عملهم بينما تعرض 66 للاعتقال والاحتجاز و14 لدعاوى قضائية.
ويرجح الناشط العراقي، فراس الكناني، أن عدد من تم خطفهم وتغييبهم أو اغتيالهم يتجاوز 100 صحفي ومدون وناشر محتوى على مواقع التواصل، خلال الفترة المحصورة بين عام 2013 و2023.
وقال إن “عدد من تم اعتقالهم أو استدعاؤهم والتحقيق معهم بشأن تعليق أو محتوى منشور، هو بالمئات بعد عام 2019، بعضهم حكم عليه بالسجن بسبب آراء سياسية”.
ويبين حجم الانتهاكات مدى تراجع مستوى حرية التعبير في البلاد، ووضوح سياسية التخويف والقمع التي تمارسها السلطات وميليشياتها لضمان بقاءها في السلطة على الرغم من فشلها في إدارة الدولة.
ورغم تعهدات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بحماية الحريات الصحفية يؤكد صحفيون أن الحكومة نفسها تقوم بالتضييق عليهم، وتتهاون في الدفاع عنهم.
وعلى الرغم من مزاعم الأحزاب السياسية والمسؤولين الحكوميين، أن أبرز ما نالته البلاد، بعد عام 2003، هو حرية التعبير عن الرأي، إلا أن ذلك بات محل سخرية خلال السنوات الأخيرة، إذ شهدت البلاد عمليات قتل وخطف وتغييب كثير من الناشطين والصحفيين.
وأثارت حادثة اختطاف مقدم البرامج في قناة البغدادية علي الذبحاوي الحديث بشأن صدق مزاعم الجهات الحكومية عن حماية الحريات والاستقرار الأمني في البلاد.
وبحسب الموقع الرسمي لقناة البغدادية، فإن مجموعة مكونة من عشرين مسلحًا، قامت باختطاف مقدم برنامج استوديو التاسعة، علي الذبحاوي، من داره، واقتادته إلى مكان مجهول، محملة ميليشيا “سرايا السلام” التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مسؤولية اختطاف الذبحاوي وسلامته.
وحاول عناصر من ميليشيا “سرايا السلام” اقتحام مقر قناة البغدادية بعد انتقاد الذبحاوي لزعيم التيار الصدري بشأن خطاب الإصلاح وفساد المنتمين للتيار.
وبعد الحادثة أعلنت هيئة الإعلام والاتصلات إغلاق قناة البغدادية بذريعة أنها لا تملك موافقات أصولية من دون أن تفسر كيف استمرت بالبث من مكاتبها في بغداد كل السنوات السابقة.
وعد مراقبون خطوة هيئة الإعلام بإغلاق القناة انتهاكًا جديدًا يضاف إلى الانتهاكات التي تمارسها الدولة، وخضوعًا واضحًا لسطوة الميليشيات والأحزاب، وتهديدًا لحرية الصحافة والرأي في العراق.

عادل الجبوري: الأحزاب الحاكمة تريد تحويل الخطاب الصحفي إلى خطاب موافق لها، وكثير من وسائل الإعلام تخشى من الحديث عن قضايا الفساد وغيرها بسبب سياسية تكميم الأفواه، لا سيما مع السكوت الدولي عن الانتهاكات

وقال الصحفي والناشط المدني، عادل الجبوري، إن “الإعلاميين والصحفيين في العراق يشكون من الانتهاكات، فكل من يتحدث عن قضايا الفساد يتعرض للاختفاء والقتل والمحاكمة”.
وأضاف الجبوري في تصريح لقناة “الرافدين” “إغلاق وسائل الإعلام إجراء تعسفي هدفه إسكات هذه الوسائل وإبعاد الصحفيين من بغداد ولا يستند لإمر قضائي”.
وأكد على أن الخطف هي أعمال العصابات لا أعمال دولة، والقوات الأمنية تتحمل مسؤولية خطف الذبحاوي لأنها لم تقم بواجبها بحمايته”.
وأشار إلى أن الأحزاب الحاكمة تريد تحويل الخطاب الصحفي إلى خطاب موافق لها، وكثير من وسائل الإعلام تخشى من الحديث عن قضايا الفساد وغيرها بسبب سياسية تكميم الأفواه، لا سيما مع السكوت الدولي عن الانتهاكات.
وسبق أن اقتحمت عناصر ميليشياوية مؤسسات إعلامية أكثر من مرة، من بينها قنوات “Utv” و”دجلة”، بسبب انتقادات عادة ما يطلقها ضيوف النشرات الإخبارية أو البرامج السياسية، إضافة إلى التهديدات اليومية من الميليشيات بتصفية من ينتقد زعمائهم.
وانتقد صحفيون وإعلاميون ممارسات الميليشيات وتواطؤ الجهات الحكومية مع هذه الممارسات، مطالبين بحماية حرية التعبير وعدم قمع المعارضين.
وقال الصحفي العراقي إياد الدليمي، في منشور له على منصة أكس “أسلوب البلطجة وتكميم الأفواه ضد كل من ينتقدكم معيب وكارثي، لديكم قضاء ومحاكم تدعون أنها مستقلة إذهبوا إليها”.
وأضاف “الخطف والاعتقال ومحاصرة وسيلة الإعلام دليل آخر يضاف إلى ما سبق يؤكد أنكم لستم بناة دولة، وإنما مجموعة لصوص وعصابات متقاتلة”.
وسبق أن مُنع عميد كلية الاعلام السابق الدكتور هاشم حسن التميمي من الكتابة في صحيفة “الصباح” الحكومية لمجرد كتابة مقالات ناقدة بعناوين متهكمة على الطبقة السياسية الحاكمة مثل “كلا… لتكميم الأفواه” و “باض الديك وعاد مصفى بيجي”.
وقال التميمي “إن تكميم الأفواه انتهاك لحق أصيل للمواطن أقرته جميع الدساتير والمواثيق الدولية، وتكميم الأفواه اغتيال للحرية، وسياسة فاشلة وبائسة وهي مصدر سخرية للشعوب التي تعاني من هذا التضييق”.
وأضاف “الحاكم والمسؤول الشريف لا يخاف من الحرية وتداول المعلومات والنقد الموضوعي، بل ويوفر بما في وسعه من منصات الرأي وسماع شكوى الناس وأفكارهم ولا يكتفي بسماع المستشارين والمحللين المنافقين”.

هاشم حسن التميمي: هل المطلوب من الصحفي أن يدبج الاخبار والمقالات ومقاطع الفيديو التي تتحدث عن انجازات الطبقة السياسية التي ظهرت في كروشهم وجيوبهم وحياتهم الخاصة وأصبح حافيهم مليارديرا بالدولار وليس الدينار؟

وتساءل التميمي بعد منع نشر مقالاته في جريدة “الصباح” الناطقة باسم حكومة الإطار التنسيقي، ما المطلوب من الصحفي، هل سيمسك الطبل في الليالي الحمر لأصحاب المعالي أو أنه ينفخ البوق حين تمر مواكب الزعماء والحكام والنواب وذيولهم، فهل المطلوب منا معشر الصحفيين أن نكون وعاظ سلاطين ومطبلين في حفلات الزيف والتزوير الانتخابي، وعلى سمفونية سانت ليغو المحاصصة. وأضاف “أو المطلوب أن ندبج الاخبار والمقالات ومقاطع الفيديو التي تتحدث عن انجازات الطبقة السياسية التي ظهرت في كروشهم وجيوبهم وحياتهم الخاصة واصبح حافيهم مليارديرا بالدولار وليس الدينار، ولم تظهر بعد عقدين من التغيير المزعوم على الشعب إلا علامات الظلم والجوع وسياسة التمييز والحرمان من أبسط الخدمات المتوافرة للقطط والكلاب في بلدان أفقر من العراق والسماح لهم فقط وبقوة للتعبير عنها بطقوس جلد الذات”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد انتقدت في تقرير لها عن الحريات السلطات في العراق لمحاولة تشريع قوانين لقمع الحريات والتضييق على الصحفيين.
وقالت المنظمة في تقريرها إن “إعادة طرح القوانين تزامن مع سلسلة من الملاحقات القضائية التي تستهدف الأشخاص الذين ينتقدون الشخصيات الحكومية”.
وبحسب المنظمة، تحاول السلطات في العراق قمع حرية التعبير ما يكشف عن تجاهلها الصارخ للتضحيات الاستثنائية التي قدمها العراقيون خلال ثورة تشرين 2019 لضمان حرياتهم”.
وأكدت أن من حق الشعب العراقي أن ينتقد قادته، وأن يحتج سلميًا من دون خوف من التعرض للسجن ودفع غرامات باهظة.
ويتذيل العراق نتيجة للممارسات القمعية والتضيق على الحريات، قائمة البلدان في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود حيث حل في المركز 167 من أصل 180.

انتهاك لحقوق الإنسان والحريات الصحفية دون رادع
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى