أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

حكومة الإطار تدفع بالاقتصاد العراقي إلى فوضى الدولار

الولايات المتحدة ترفض طلبًا عراقيًا للحصول على شحنة خاصة بقيمة مليار دولار نقدًا، وتؤكد أن السيولة النقدية في أيدي العراقيين أصبحت مصدراً مربحًا للدولارات غير المشروعة للميليشيات القوية والسياسيين الفاسدين وإيران.

بغداد- الرافدين
تدفع السياسات المالية التي تنتهجها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني السوق العراقية إلى السيناريو اللبناني بعد أن بدأت “فوضى الدولار” تهدد الأسواق العراقية التي تعيش بالأساس وضعًا هشًا وعدم استقرار سعر الصرف.
يأتي ذلك بعد أن ذكر مسؤول في البنك المركزي العراقي أن الحكومة ستحظر السحب النقدي والتحويلات بالدولار اعتبارًا من أول كانون الثاني 2024، بذريعة “الحد من إساءة استخدام احتياطيات البلاد من العملة الصعبة في جرائم مالية والتهرب من العقوبات الأمريكية على إيران”.
غير أن خبراء اقتصاديين لا يقتنعون بالتبرير الحكومي لحظر السحب النقدي بالدولار، في وقت رفضت الولايات المتحدة طلبًا عراقيًا للحصول على شحنة خاصة بقيمة مليار دولار نقدًا من بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وظهرت مؤشرات سريعة على أن خطط المركزي العراقي لن تلقى ترحيبًا.
وانتشر مقطع مصور الخميس على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيما يبدو أحد المودعين في بنك ببغداد وهو يهدد بحرق الفرع إذا لم يتسلم وديعته نقدًا بالدولار وهو مشهد يذكر بما أقدم عليه مودعون خلال أزمة المصارف اللبنانية.
وظهر الرجل وهو يقول “أقسم سأحرقه. أقسم سأدخل للخزينة وأحصل على مالي”.
وقال مسؤولون أمريكيون إن السيولة النقدية في أيدي العراقيين أصبحت مصدراً مربحاً للدولارات غير المشروعة للميليشيات القوية والسياسيين الفاسدين وكذلك لإيران.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنه منذ الاحتلال الأمريكي للعراق قبل عقدين، تقدم الولايات المتحدة 10 مليارات دولار أو أكثر سنويًا لبغداد عبر رحلات شحن نصف شهرية، وتستمد الأموال من عائدات مبيعات النفط العراقي المودعة لدى بنك الاحتياطي الفدرالي.
ومن خلال تقديم طلب للحصول على شحنة إضافية بقيمة مليار دولار، يقول العراق إنه يحتاج إلى الأموال للمساعدة في دعم عملته المتعثرة. وأوضح مسؤول عراقي أن “البنك المركزي العراقي قدم الأسبوع الماضي طلبا رسميا لا تزال وزارة الخزينة تدرسه، وذلك بعد ما رفضت واشنطن الطلب الأولي الذي تقدم به العراق الشهر الماضي”.
ومنعت واشنطن 18 مصرفًا عراقيًا من التعامل بالدولار، معتمدة قواعد أكثر صرامة للتحويلات الإلكترونية بالدولار من مصارفها.
وقال مسؤولون عراقيون إن مسؤولي الخزانة أبلغوا محافظي البنوك المركزية العراقية أن إرسال شحنة إضافية كبيرة يتعارض مع هدف واشنطن المتمثل في الحد من استخدام العراق للأوراق النقدية الأمريكية وتهريبها إلى إيران.
وتحدث مسؤولون أمريكيون عن أدلة دامغة بأن بعض الدولارات التي كانت تصل إلى العراق هربت نقدًا على مدى سنوات إلى إيران، وكذلك إلى تركيا ولبنان وسوريا والأردن.
وحذر خبراء من تكرار السيناريو اللبناني وسط التخبط الحكومي، عندما يتم اقتحام المصارف تحت تهديد السلاح للحصول على أموال المودعين.
وكانت جميع المصارف العراقية الحكومية والأهلية قد امتنعت منذ مطلع تشرين الأول عن تسليم الدولار إلى المواطنين الذين لديهم حسابات مصرفية أو حوالات خارجية مما خلق حالة من الإرباك والتذمر بين الزبائن الذين طالبوا بتسليمهم ودائعهم بالدولار.
وخرج العشرات من أصحاب شركات الصرافة في بغداد في مظاهرة أمام مبنى البنك المركزي العراقي في شارع الرشيد للمطالبة بإعادة إصلاح النظام المصرفي في العراق وتلبية متطلبات شركات الصرافة لسد احتياجات الزبائن.
وقال الخبير الاقتصادي باسم أنطوان “محافظ البنك المركزي في العراق لا يمتلك عصا سحرية لإنهاء أزمة الدولار في بحر أسبوعين أو شهر
وفق قانون ونظام البنك المركزي العراقي.”
في وقت استبعد مسؤول في البنك
المركزي العراقي أن تقفز مؤشرات سعر صرف الدولار في السوق العراقية الموازي سقف 1700 دينار لكل دولار أمريكي.
وقال مازن أحمد مدير عام إدارة الاستثمار والتحويلات في البنك المركزي لوكالة “رويترز” إن الهدف من السحب النقدي والتحويلات بالدولار هو وقف الاستخدام غير المشروع لنحو 50 بالمئة من مبلغ نقدي يبلغ عشرة مليارات دولار يستورده العراق سنويا من بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك.

أزمة المصارف اللبنانية تتكرر في العراق
غير أن التبرير الرسمي لا يتسق مع الواقع في البلاد عندما يقوم متنفذون ومصارف يديرها سياسيون مشاركون في حكومة الإطار التنسيقي بالاستحواذ على الدولار وتهريبه إلى إيران وسوريا ولبنان.
ويفضل العراقيون العملة الأمريكية على الدينار بسبب الحروب والأزمات منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.
وقال مازن أحمد إن من يودعون الدولارات في البنوك قبل نهاية 2023 سيمكنهم سحبها بالعملة نفسها في 2024 لكن تلك المودعة في 2024 لا يمكن سحبها إلا بالدينار بسعره الرسمي البالغ 1320 للدولار.
وأضاف “تريد تحويل أموال؟ لتفعل. تريد بطاقة بالدولار؟ تفضل، يمكنك استخدام البطاقة داخل العراق بالسعر الرسمي، أو إذا كنت تريد السحب النقدي، يمكنك بالسعر الرسمي بالدينار… لكن لا تتحدث معي عن الدولار نقدا بعد الآن”.
وفي وقت لاحق، قال البنك المركزي العراقي في بيان إنه يتخذ خطوات لخفض سعر الدينار مقابل الدولار في السوق الموازية وإن حظر السحب النقدي بالدولار من بداية 2024 سيسري فقط على التحويلات الدولارية من الخارج.
وأنشأ العراق تحت الضغط والعقوبات الأمريكية على المصارف العراقية الأهلية منصة لتنظيم التحويلات المصرفية التي تشكل الجزء الأكبر من الطلب على الدولار، والتي كانت بمثابة بؤرة للإيصالات المزيفة والمعاملات الاحتيالية التي سربت الدولارات إلى إيران وسوريا الخاضعتين لعقوبات أمريكية.
وذكر مدير عام إدارة الاستثمار والتحويلات في البنك المركزي، أن هذا النظام، الذي وضع بالتنسيق مع السلطات في الولايات المتحدة حيث يتم الاحتفاظ باحتياطيات العراق البالغة 120 مليار دولار من مبيعات النفط، أصبح الآن شبه محكم ويوفر الدولار بالسعر الرسمي لمن يمارسون أنشطة تجارة مشروعة مثل استيراد المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية.
لكنه قال إن إساءة استخدام السحب النقدي لا تزال مستمرة بطرق تشمل الراغبين في السفر الذين يحق لهم رسميا الحصول على ثلاثة آلاف دولار لكنهم يبحثون عن أساليب للتحايل على النظام.
وفي الوقت نفسه، تحرص حكومة الإطار التنسيقي المشكلة من أحزاب وميليشيات مسلحة تدين بالولاء لإيران على عدم مجافاة طهران أو إثارة غضب الأحزاب والجماعات المسلحة التي لها مصالح كبيرة في الاقتصاد العراقي غير الرسمي.
وحدَ الكثير من البنوك المحلية بالفعل من السحب النقدي بالدولار على مدى الأشهر القليلة الماضية مما فاقم النقص الذي تسبب في استمرار ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية.
وقال مازن أحمد إن بعض البنوك تعاني من نقص الدولار لأن كثيرا من الناس يحاولون السحب في وقت واحد في ظل شعور بعدم الارتياح حيال النظام المالي، بينما يعاني بعض البنوك من نقص أيضا لأنها قدمت قروضًا مقومة بالدولار سُددت بعد ذلك بالدينار.
وأضاف أن البنك المركزي العراقي حد أيضا من كمية الدولارات التي يوفرها في إطار اتفاق مع المركزي الأمريكي للحد من السيولة النقدية والتحول إلى المدفوعات الإلكترونية.
وقال “إن المركزي العراقي يتوقع أن يخسر الدينار المزيد من قيمته مع دخول الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ” لكنه أضاف أن ذلك يعد أثرًا جانبيا مقبولًا لإضفاء الطابع الرسمي على النظام المالي مشيرا إلى أن البنك المركزي يوفر الدولارات بسعر الصرف الرسمي لكل الأغراض المشروعة.
وذكر أن عمليات التمويل التي تتم بشفافية وبصورة قانونية عبر البنك وبالسعر الرسمي هي الأهم وبالتالي لا يهم أي أمر آخر حتى وإن كان وصول سعر الصرف إلى 1700.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى