أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

طرق العراق.. حوادث وموت واختناقات

شبكة الطرق المتهالكة في العراق تستمر بتعطيل حياة المواطنين وإزهاق أرواحهم على الرغم من إعلان الحكومة عن خطط لتطويرها وتعبيدها

بغداد – الرافدين
تستمر معاناة العراقيين مع شبكة الطرق المتهالكة بسبب الفساد والإهمال الحكومي على الرغم من المشاريع الكثيرة التي تعلن عنها الحكومة لتطوير الشوارع وتخفيف الاختناقات المرورية والحوادث شبه اليومية التي تودي بحياة العراقيين، إلا أنها بقيت من غير صيانة أو تجديد.
وتقر الجهات المعنية بتفاقم الحوادث المرورية المميتة والتي تسجل معدلات قياسية نتيجة جملة من العوامل أبرزها تهالك الطرق وسوء التنظيم، إذ يقتل نحو 250 مواطنًا شهريًا وهو ما يفوق ضحايا العصابات والعمليات العسكرية.
ووفقا لإحصاءات رسمية فقد تم تسجيل 11 ألفا و523 حادثا مروريا خلال 2022، بارتفاع بلغ 8% مقارنة بعام 2021، أودت بحياة 3021 شخصا، مقابل 10 آلاف و659 حادثا في سنة 2021.
يقول المحامي والناشط المدني، جمال الحمداني، إن “جزءا كبيرا من المسؤولية يقع على الحكومة في استمرار الحوادث الدامية على الطرق”.
وأضاف أن “أغلبية طرق العراق غير مؤثثة بالعلامات المرورية التحذيرية أو الإرشادية، وهناك حفر ومطبات وانعدام للسياج الأمني على الطرق بعد سرقة أغلبه، وبعض الطرق لم تتم صيانتها منذ الغزو الأميركي للعراق 2003، وقسم منها بمسار واحد، لم تعد تستوعب العدد الكبير للسيارات”.
وبين أن إلقاء اللوم على المواطنين أو السائقين على تلك الطرق أمر معتاد، بسبب انعدام ثقافة الاعتراف بالخطأ لدى الحكومات المتعاقبة.
وبلغت أعداد السيارات في العراق أكثر من 7 ملايين سيارة، منها 3 ملايين في بغداد وحدها وهو ما يعادل عشرة أضعاف الطاقة الاستيعابية لشوارعها التي لا تزال على حالها القديم.
وتعاني الشوارع فوضى نتيجة للازدحامات وأعداد السيارات وتسجل العاصمة حوادث مرورية يومية تؤدي إلى وفاة عشرات المواطنين.
وتعتمد بغداد على شوارع أنشئت قبل العام 2003 حيث لم ستحدث الحكومات المتعاقبة طرقًا جديدة فيما ظلت القديمة متهالكة تملؤها الحفر والمطبات من غير إعادة تأهيل.
وكانت أمانة بغداد قد أعلنت في نيسان الماضي عن إطلاق حملة تشمل مسوحات وتصاميم للشوارع الرئيسية والمتضررة من أجل تعبيدها إلا أن حال الشوارع لم يتغير.
وحتى الطرق التي تعلن الأمانة عن إكمال تعبيدها فإنها سرعان ما تعود إلى حالها المتردي نتيجة استخدام مواد سيئة الجودة، فقد شهد الشارع الرئيس في منطقة الشعب انخسافا كبيًرا بعد نحو أسبوع واحد على إنجازه.
وقال المهندس في مديرية الطرقات والجسور محمد الدايني، إن “لشركات التي تنفّذ مشاريع تعبيد الطرقات تقدم خطة كاملة عن أنواع المواد التي سوف تستخدمها، غير أنها تعرض أفضل أنواع الأسفلت وأجوده في حين تستخدم نوعًا آخر أقل جودة وتحملًا، مشيرًا إلى أن الشركات لو اعتمدت أجود المواد، فإنّ صيانة الطرقات لن تكون ضرورية في كلّ عام”.
وسبق أن وصفت مجلة الإيكونومست البريطانية بغداد في تقرير بأنها واحدة من أسوأ المدن في حركة السير، حيث تشهد ازدحامات مرورية خانقة بسبب تهالك الطرق وانتشار نقاط التفتيش وزيادة أعداد السيارات وتلكؤ وفساد في مشاريع البنى التحتية، وفشل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 في حل المشكلة.
يقول المقدم في مديرية المرور  علي الجنابي، إن “أرقام المخالفات المرورية اليومية كبيرة للغاية، تصل أحيانا إلى 10 آلاف مخالفة في اليوم الواحد في العاصمة وهذه الأرقام تؤشر إلى حالة الفوضى في قيادة السيارات، التي بلغت حدا خطيرا”.
وسبق أن قالت لجنة الخدمات النيابية إن أحد أهم أسباب دمار الطرق هي تعامل الجهات الحكومية المعنية مع شركات غير رصينة، مشيرة إلى ضرورة وضع حد للتلكؤ في إعمار الطرق والجسور، مبينة أن أموال الرسوم والجباية والغرامات يجب أن يتم تبويبها وتسخيرها لخدمة المواطنين من خلال تأهيل الطرق والجسور.
ويقدر خبراء أن أكثر من 50 بالمائة من طرق العراق متهالكة ولا تصلح لسير المركبات بسبب الفساد وسوء تنفيذ الطرقات وعدم صيانتها بشكل دوري.
وكان البنك الدولي قد بين في وقت سابق أن العراق يحتاج للاستثمار بأكثر من 21 مليار دولار في قطاع النقل خلال السنوات الخمسة المقبلة بسبب تهالك شبكة الطرق، ما يفند الادعاءات بتطوير هذا القطاع وإنشاء شبكة طرق على مدار عشرين عامًا.
ولم تشهد شبكة الطرق توسعات تتناسب مع حجم الزيادات السكانية وزيادة أعداد السيارات، إذ لا يمكنها استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، مما يسبب اختناقات مرورية تعطل حياة المواطنين.
وفاقم الفساد المالي الذي تعاني منه الدولة مشكلة الحوادث، إضافة إلى ارتفاع عدد السيارات، حيث إن الحكومات السابقة كانت تعلن عن تخصيص مبالغ لترميم الطرقات الخطرة في أكثر من موازنة مالية سنوية ، لكن هذه المبالغ تذهبت إلى جيوب أعضاء في أحزاب نافذة، ولم ينجز شيء من المشاريع المقررة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى