أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

صراعات سياسية مبكرة على المكاسب قبيل انتخابات مجالس المحافظات في العراق

قوى سياسية تستخدم نفوذها في إقصاء المرشحين المنافسين لها وتبدأ بحملة إعلامية مبكرة باستخدام المال العام.

بغداد ــ الرافدين

تفتح انتخابات مجالس المحافظات في العراق بابًا آخر من أبواب الفساد والتصفيات السياسية للسيطرة على المناصب والمكاسب.
وتتصاعد الصراعات السياسية بشكل ملحوظ مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات المقرّرة في شهر كانون الأول القادم، وتزداد أهمية السيطرة على مجالس المحافظات بفعل زيادة حجم أموال التنمية المخصّصة للمحافظات بفعل ارتفاع عوائد البلاد من مبيعات النفط.
ولجأت قوى سياسية ذات نفوذ ومناصب في الدولة بالضغط على مفوضية الانتخابات لإقصاء مرشّحين منافسين لها من خلال استخدام قانون المساءلة والعدالة، وهو قانون يطالب الكثير من العراقيين بإلغائه معتبرين أنّه بات مجرّد وسيلة لتصفية الحسابات وسببًا في استدامة التوتّر بين مكوّنات المجتمع العراقي.
وأعلنت المفوضية، أن عدد المرشحين المستبعدين بلغ 255 مرشحًا، وأن أغلبهم على ارتباط بحزب البعث المحظور في البلاد عقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، إضافة إلى استبعاد المفوضية لنحو 100 مرشح قبل شهر من موعد الانتخابات.
وبحسب مصادر سياسية، فإن أبرز المستبعدين هو محافظ نينوى نجم الجبوري، الذي أسس حزبًا سياسيًا للمشاركة في الانتخابات المحلية، لكنه نجا من الاستبعاد بعد أن استثناه مجلس الوزراء.
وعلّق الجبوري غاضبًا عقب قرار إقصائه، بالقول “إنهم كانوا يقولون عني (رجل شجاع) قبل سنتين، لكنهم الآن يقولون عني إنني بعثي مع قرب الانتخابات”.

الانتخابات في العراق.. ديمقراطية على مقاس الأحزاب وميليشياتها

وأفادت مصادر سياسية بأن ما تُعرف بهيئة المساءلة والعدالة، باتت لعبة بيد قوى وشخصيات سياسية تمارس الابتزاز والإقصاء، وأن معظم قرارات الاستبعاد جرت باتفاقات سياسية واضحة، مشيرة إلى أن استبعاد نجم الجبوري أوضح الأمثلة على الاستخدام التعسفي للسلطة في تحييد الخصوم عن المشاركة السياسية، وبالتالي فإن قرار استبعاده ليس بسبب حزب البعث، وإنما بسبب الصراع على منصب محافظ نينوى.
وتأتي إجراءات استبعاد المرشحين بهذه الطريقة، خلافًا لوعود قطعها رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بنقل إجراءات هيئة “المساءلة والعدالة”، المتعلقة باستبعاد أعضاء حزب البعث من المشاركة بالحياة السياسية والحكومية إلى القضاء، ليكون الملف قضائيًا بعيدًا عن أي جانب سياسي، وهو ما تطلبه القوى السياسية العربية السنية التي تعتبر أن الملف استخدم سياسيًا بشكل كبير، بينما تتمسّك قوى سياسية شيعية بالقانون المذكور حيث يتيح لها استبعاد مرشّحين بعينهم ويفتح لها الطريق لمدّ نفوذها خارج معاقلها الرئيسية في المحافظات ذات الغالبية الشيعية إلى المحافظات السنّية ذات المواقع الإستراتيجية والميزانيات التنموية المرتفعة.
وقال عضو الميثاق الوطني العراقي عبدالقادر النايل إن الاستبعاد الذي جرى لقسم كبير من المرشحين لمجالس المحافظات هو تصفية سياسية مبكرة قبل الانتخابات وفي وقت حساس لاسيما بعد إغلاق مفوضية الانتخابات لباب الترشح.
وأضاف أنه “عندما تقبل المفوضية طلب الترشح فهذا يعني أن المرشحين خضعوا للتدقيق الأمني وإجراءات المساءلة والعدالة الخاصة باجتثاث حزب البعث والتي تستخدم فقط ضد فئة بعينها، وبالتالي فإن المرشحين استوفوا الشروط كاملة، وعندما يتم استبعادهم بعد إغلاق المفوضية باب الاستبدال، فإن هذا يعد إنهاء للكيان السياسي واستبعادا للمنافسين لصالح آخرين حتى يتم ضمان الفوز لهم وبقاء مرشحيهم وكتلهم السياسية بكامل طاقتها”.
واعتبر أن “عملية الاستبعاد تشير إلى أن الديمقراطية مفصلة على مقاس كتل سياسية أسست العملية السياسية الحالية، ولا تريد منافسا لا يخضع لها، وهو بالتأكيد ضرب علني لكل مفاهيم المشاركة السياسية”.

مخاوف من حدوث عمليات اغتيال لمرشحين في انتخابات مجالس المحافظات

وكانت مصادر سياسية قد كشفت في وقت سابق عن حملة استبدال موظفين في مفوضية الانتخابات جاءت بإرادة من قبل نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون حيث يخشى من تصاعد نفوذ الأحزاب الجديدة الموالية للميليشيات.
وأضافت المصادر نفسها أن أحزابًا جديدة دخلت بتحالفات بعيدة عن ائتلاف المالكي تهدد الأخير بخسارة كبيرة في نتائج انتخابات مجالس المحافظات لاسيما وأنها تملك مبالغ مالية كبيرة استطاعت خلال الفترة الأخيرة مزاحمة المالكي في مناطق نفوذه وتحديدًا في محافظة كربلاء.
وتوقعت حدوث مشاكل سياسية بين الطرفين في المرحلة المقبلة لأن الميليشيات التي ستدخل الانتخابات المقبلة تهدد الوجود السياسي الحالي للمالكي.

يحيى السنبل: كل من يقدم للترشيح إلى الانتخابات دون موافقة إيران فسيتم تصفيته أو إقصائه

وتتصاعد المخاوف من حدوث عمليات اغتيال لمرشحين في انتخابات مجالس المحافظات، مماثلة لما شهدته انتخابات عام 2014 من اغتيال 15 مرشحًا، كما أعلنت مرشحة لانتخابات مجالس المحافظات في ديالى عن انسحابها بعد تهديدها باغتيال ابنها في حال استمرارها بالترشح.

ويؤكد عضو الميثاق الوطني العراقي يحيى السنبل أن “الانتخابات في العراق ليست ديمقراطية وقد فصلها المحتل على مقاسات لاستمرار عملية التدمير والتخريب”.
وقال السنبل خلال مشاركته في برنامج “تحت الضوء” الذي تبثه قناة “الرافدين” إن “من يحكم العراق هم مجموعة جواسيس عملوا للاحتلال، وأراد الاحتلال أن يتفضل عليهم ففصل لهم قوانين حسب مقاساتهم”.
وأضاف أن “كل من يقدم للترشيح إلى الانتخابات دون موافقة إيران فسيتم تصفيته أو إقصائه من الانتخابات من خلال الأحزاب الموالية لها وميليشياتها المسيطرة على المشهد السياسي في العراق”.
وقال الكاتب السياسي عبد الله سلمان أن “الأرضية في العراق لا تتوفر فيها إمكانيات قيام الديمقراطية بسبب أن مقومات الديمقراطية لا تنطبق مع الوضع السياسي في العراق لأنه فاقد السيادة بشكل مطلق بسبب احتلاله من أمريكا وإيران”.

عبد الله سلمان: مقومات الديمقراطية لا تنطبق مع الوضع السياسي في العراق

وأضاف عبد الله السلمان في تصريح لقناة “الرافدين” أن “ما يجري في العراق من انتخابات والحديث عن الديمقراطية فيه هو تشويه لمفهوم الديمقراطية والانتخابات وأن العراق لم يدخل مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية حتى الآن”.
وشدد على أن ما يحدث في العراق هو تقاسم للمغانم والمكاسب بين الكتل السياسية التي تحكم البلد تحت مسمى الانتخابات، وأن الأحزاب تستخدم ميليشياتها في تخويف كل من يحاول تغيير النهج الذي تتخذه تلك الأحزاب.
وتتنافس نحو 70 حزبًا وتحالفًا سياسيًا وأكثر من 6 آلاف مرشح على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها، والتي سيتمخض عنها تشكيل مجالس المحافظات وذلك بعد قرابة 13 عامًا من آخر انتخابات محلية أجريت في البلاد، والتي حلت بسبب فشلها بتوفير الاحتياجات للمواطن العراقي، وتورطها بالفساد المالي والإداري. وكان حلها أحد مطالب ثوار تشرين.
وتسعى القوى السياسية والميليشيات الموالية لإيران للهيمنة على مجالس المحافظات لذلك تدفع باتجاه الاغتيالات السياسية.
ويمارس أصحاب القرار من الكتل السياسية المتنفذة عملية خداع للمواطنين واستغلال أوضاعهم الإنسانية من أجل كسب أصواتهم الانتخابية للاستحواذ على السلطة بأي طريقة، ومنها ما أكده النائب محمد الخفاجي باستغلال المحافظين لملف التعيينات وملف توزيع الأراضي لأغراض الترويج الانتخابي، فضلًا عن استغلال المناصب الحكومية والنفوذ وموارد الدولة في الداعية الانتخابية.
وتحدثت منظمة “النور” المعنية في شؤون الانتخابات، عن أن “قوى سياسية استبقت الحملات الانتخابية باستغلال موارد الدولة والدوائر الحكومية لأغراض الانتخابية وتسخيرها للدعايات المبكرة ومنها خدمات التبليط والكهرباء والملفات الخدمية البعيدة عن اختصاصاتها وصلاحياتها”.
وذكرت المنظمة في تصريحات صحافية أن “نسبة 80 بالمائة من الحملات الانتخابية في ديالى تمول من المال العام، ما جعل أصحابها أصحاب الحظ الأوفر بحصد مقاعد في مجلس المحافظة، بغض النظر عن المنافسة مع القوى الأخرى.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى