أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

خبير اقتصادي وسفير سابق يصدم حكومة السوداني بوجود مليون موظف وهمي

الحشد الشعبي يرفض الإعلان عن أعداد منتسبيه في ظل وجود تضخم في أسماء العناصر الوهمية ممن تذهب رواتبهم لتمويل ميليشيات وأحزاب سياسية مرتبطة بالحشد.

بغداد- الرافدين
قلل الخبير الاقتصادي الدكتور همام الشماع من أهمية خطط حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بالإصلاح الاقتصادي.
وقال الدكتور الشماع الذي شغل منصب سفير ورئيس دائرة العلاقات الاقتصادية الدولية في وزارة الخارجية العراقية “لا يمكن إنقاذ الاقتصاد مع وجود مليون موظف فضائي (وهمي) في العراق، يستلمون رواتب لا يستحقونها سواء باستلام أكثر من راتب أو أنهم شخصيات وهمية بالأساس”.
ويفند الخبير الاقتصادي في هذه المعلومة الصادمة، مزاعم السوداني بالإصلاح الاقتصادي والسيطرة على الفساد المستشري.
ويتزامن تصريح الدكتور الشماع مع تحذير تقرير جديد للبنك الدولي بأن هناك “ديناميت” سينفجر في الاقتصاد العراقي بمجرد انخفاض أسعار النفط، حيث ما زالت القطاعات غير النفطية تعاني من الكساد التام.
وذكر تقرير البنك بعنوان “الضغوط تعاود الظهور: التعافي في العراق على المحك” بأن المخاوف حقيقية وجادة أمام اقتصاد لم يغادر اعتماده المطلق على تصدير النفط.
وتلوح في الأفق مخاطر أكبر على الاقتصاد العراقي، تتمثل إلى حد كبير بالتحديات الهيكلية العميقة التي لم تتم معالجتها، والتي تعرضه بشدة إلى مخاطر الصدمات النفطية والضغوط التضخمية والآثار المتزايدة لتغير المناخ وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، مما قد يفاقم الاتجاهات الحالية نحو الفقر، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي.
ولم يتعرض تقرير البنك الدولي إلى الفساد الكامن في بنية المؤسسات الحكومية التي تستنزف الاقتصاد العراقي بطريقة جعلت البلاد تتصدر المراتب العليا في تقارير منظمة الشفافية الدولية باعتبار العراق مثالًا للفساد السياسي والاقتصادي.
ويقدر مسؤولون أن حجم الأموال التي اختفت من الخزانة العامة منذ سنة 2003 تتجاوز 300 مليار دولار.
ويصنف العراق من البلدان الغنية في العالم، حيث يعد أحد أكبر منتجي النفط في العالم بتحقيق أرباح من الصادرات في سنة 2022 تجاوزت 115 مليار دولار. ومع ذلك، لا يصل سوى القليل من هذه الأرباح إلى الناس العاديين.
وأضاف تقرير البنك الدولي “على الرغم من تحقق الإيرادات النفطية القياسية غير المتوقع، وإقرار الموازنة المالية الجديدة التي طال انتظارها، لا زال العراق عرضة لتفويت فرصة المضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات الملحة التي طال انتظارها، والتي تعتبر بالغة الأهمية من أجل تعزيز نمو القطاع الخاص.


الدكتور رافع الفلاحي: بمجرد أن نعرف أن أقل من ربع سكان العراق يستهلكون 75 بالمائة من الموازنة، نصل إلى نتيجة نهائية بكذبة الإصلاح الاقتصادي التي تزعم بها حكومة الإطار التنسيقي

وأعاد تصريح الدكتور همام الشماع الحديث عما يعرف بقوائم “الفضائيين” وهو مصطلح دارج في الأوساط العراقية للتعبير عن الجنود غير الموجودين على أرض الواقع ممن تعتمد على قوائمهم الميليشيات في استنزاف خزينة الدولة لتبرير نفقاتها وما تصرفه من أموال.
وضاعفت ميليشيات الحشد الشعبي المكونة من مجاميع ولائية إلى 238 ألف فرد وبميزانية تقدر بثلاثة مليارات دولار من الميزانية التي أقرت مؤخرًا، وفق اللجنة المالية بالبرلمان الحالي.
ولم تكشف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني المسوغات الأمنية والاقتصادية التي تستوجب مضاعفة عناصر هذه الميليشيات في وقت يتساءل عراقيون لماذا لا تتم تقوية الجيش الحالي بدلًا من تشجيع السلاح الخارج عن سلطة الدولة.
وأكد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن هناك زيادة غير عادية في عدد قوات ميليشيا الحشد في العراق.
وذكر أنها تنمو بسرعة على الأصعدة كافة، ابتداءً من الميزانية ووصولًا إلى القوى البشرية المعتمدة والتدريب والبرامج الاقتصادية.
وقال المعهد إن هناك زيادة في الموازنة ستشمل نفقات كبيرة لقوات الحشد، مؤكدا أن القوى البشرية المعتمدة في ميليشيا الحشد ازدادت بنسبة 95 في المئة في موازنة عام 2023، وتضاعف تقريبًا عدد عناصرها من 122 ألفًا إلى 238 ألفًا.
وكشف المعهد أنه ستضاف 400 مليار دينار إلى الموازنة الاستثمارية لهيئة الحشد تستخدمها شركة المهندس العامة التابعة لها كما صوّت مجلس الوزراء بالموافقة على إضافة مبلغ 1.5 مليار دينار عراقي كنفقات سرية لهيئة الحشد.
وقال المحلل السياسي عقيل عباس إن “رواتب المنتسبين الفضائيين في هيئة الحشد الشعبي تذهب لتمويل حركات سياسية مرتبطة بالحشد، الذي تحول إلى مؤسسة سياسية عسكرية”.
وأضاف “الحشد الشعبي كيان غامض وغير مفهوم من الناحية المؤسساتية بعد تحوله إلى مؤسسة سياسية عسكرية خلافًا للقانون والدستور”.
ولفت إلى أن الحشد الشعبي رفض في انتخابات 2021 تزويد مفوضية الانتخابات بأسماء منتسبيه من أجل المشاركة بالاقتراع في ظل وجود تضخم في الأسماء للفضائيين ممن تذهب رواتبهم لتمويل حركات سياسية مرتبطة بالحشد.
وتلتزم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني الصمت حيال الاتهامات الموجهة للحشد بتقديم قوائم من الفضائيين وتزييف أرقام مقاتليه بهدف تعظيم موارد الميليشيا المالية.
وأكد مسؤول أمني بارز إنه “سواء أحببنا ذلك أم لا” فإن الحشد هو في الواقع الجناح العسكري للإطار التنسيقي، المهيمن على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأضاف المسؤول مفضلاً عدم الإشارة إلى اسمه ومنصبه “من الطبيعي أن يسعوا إلى تعزيز هذا الجناح ماليًا وفي الأفراد كلما سنحت الفرصة نظرًا لأن البرلمان الحالي والحكومة يخضعان بالكامل تقريبًا لسيطرتهم، فإن هذه الزيادة تبدو معقولة ومبررة، نظرًا لتوفر الغطاء القانوني اللازم”.
وحذر محللون سياسيون وخبراء اقتصاديون من التعويل المبالغ فيه على ما تروجه حكومة محمد شياع السوداني بشأن الإصلاح الاقتصادي، وابتكار حلول جذرية لحل المأزق الاقتصادي العراقي المتواصل منذ عشرين عاما.
ووصف سياسيون مزاعم السوداني بـ “هراء اقتصادي قبل أن يكون سياسيًا” لمجرد معرفة أن 74 بالمائة من موازنة الدولة تذهب إلى رواتب العاملين إلى القطاع العام والمتقاعدين والإعانة الاجتماعية، دون الحصول على إنتاج مقابلها يدعم نمو الاقتصاد.
ويعد العراق أكثر دولة في العالم بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة بالاعتماد على دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية.
وبلغت نسبة العاملين في القطاع الحكومي في العراق 37 بالمائة بين مجموعة دول من ضمنها الصين شملتها دراسة منظمة العمل الدولية، إذ يعتبر القطاع الحكومي الأكثر ضغطا على الموازنة العامة للدولة التي تذهب بمجملها كرواتب للموظفين، دون وجود إنتاج حقيقي يوازي هذه المصروفات العالية نتيجة عدم خلق بيئة استثمارية تساهم في تشجيع القطاع الخاص وتوفير فرص عمل من خلاله.

عقيل عباس

عقيل عباس: رواتب المنتسبين الفضائيين في هيئة الحشد الشعبي تذهب لتمويل حركات سياسية مرتبطة بالحشد، الذي تحول إلى مؤسسة سياسية عسكرية

وسبق أن عزت دراسة لمعهد “تشاتام هاوس” البريطاني الفساد في العراق إلى ارتباطه الوثيق بمظلة سياسية تعمل من خلال التعيينات والدرجات الخاصة على ضمان تدفق الموارد القادمة من العقود والوزارات وبقية المؤسسات الحكومية.
وذكر المعهد أن إساءة استخدام السلطة داخل بيروقراطية متجذرة في العراق أدت إلى أن يصبح الموظفون في الدرجات الخاصة هم صناع القرار الحقيقيين في الوزارات والوكالات بعيدا عن أي مساءلة.
وأشار إلى أن الفساد في العراق تسبب في هدر مئات المليارات معظمها ذهب إلى جيوب الفاسدين من المسؤولين ووكلائهم في الداخل والخارج.
وأكد على أن تضخم الجهاز الحكومي واعتماد الحكومة على عائدات النفط هما أساس المشكلة، مبينًا أنه مع غياب القطاع الخاص المنظم فإن الحكومة ستبقى المشغّل الأول لمعظم الأيدي العاملة وهذا يعني استمرار الفساد وتوسعه واستغلال أموال الدولة لأغراض سياسية وشخصية.
ووصف الباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي الإصلاح الاقتصادي الذي تعد به حكومة السوداني بكذبة كبيرة وضحك على اللحى.
وقال الفلاحي في تصريح لقناة “الرافدين” “بمجرد أن نعرف أن أقل من ربع سكان العراق يستهلكون 75 بالمائة من الموازنة، نصل إلى نتيجة نهائية بكذبة الإصلاح الاقتصادي التي تزعم بها حكومة الإطار التنسيقي”.
وشرح الباحث السياسي العراقي تفاصيل ذلك بقوله إن “عدد الموظفين يتضخم حسب دراسة لمنظمة العمل الدولية، وان العراق يصنف في مقدمة الدول الأعلى في العالم بعدد موظفي القطاع العام، من دون إنتاج حقيقي يراكم اقتصاد البلد، وغياب البيئة الاستثمارية”.
وأضاف “يوجد أربعة ملايين موظف لا يعمل أفضل عنصر فيهم أكثر 17 دقيقة في اليوم، يضاف لهم 3.5 مليون متقاعد و2.5 مليون يحصلون على رواتب الإعانة الاجتماعية، فضلا عن 3 ملايين من الموظفين الفضائيين، فهذا يعني لدينا 13 مليون موظف يحصلون على أكثر من 70 بالمائة من موازنة الدولة كرواتب من دون مردود اقتصادي”.
وأشار الفلاحي إلى أنه لا يمكن أن ننسى بيئة الفساد السياسي والاقتصادي هنا ونحن نتحدث عما بقي من موازنة الدولة المقدرة، بـ 30 بالمائة أغلبها يذهب في صفقات الفساد الميليشياوي والحكومي، وبعدها علينا أن نحصل على إجابات بشأن الحلول التي تقترحها حكومة السوداني بشأن إصلاح الوضع الاقتصادي المتردي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى