أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

المال السياسي ونفوذ السلاح لن يضفيا شرعية على انتخابات مجالس المحافظات

المقاطعة الشاملة ستصيب انتخابات مجالس المحافظات في مقتل. بينما توقعت مراكز استطلاع بمقاطعة أكثر من نصف العدد الذي يحق لهم المشاركة في التصويت.

بغداد- الرافدين
ارتفع منسوب التوقعات بمقاطعة شعبية شاملة لانتخابات مجالس المحافظات العراقية المؤمل إجراؤها في الثامن عشر من كانون الأول المقبل.
وبينما توقعت مصادر إعلامية ومراكز استطلاع بمقاطعة نصف العدد الذي يحق لهم المشاركة في التصويت، أجمع مصادر شعبية على أن المقاطعة هذه المرة ستكون شاملة وستصيب انتخابات مجالس المحافظات في مقتل.
وأكدت على أن إعادة مجالس المحافظات هي صفقة فاسدة بالأساس رفضها ثوار تشرين، وتمت إعادتها من قبل قوى وأحزاب سياسية مستحوذة على مصدر القرار من أجل زيادة تمويل نشاطها من المال العام.
ويجمع مراقبون سياسيون على تسمية انتخابات مجالس المحافظات بأنها “انتخابات مال سياسي ونفوذ سلاح” فضلا عن تثبيت أحزاب وميليشيات إيران في مركز القرار والاستحواذ على المخصصات المالية لمجالس المحافظات.
ولا يثق الغالبية العظمى من العراقيين بالقوى السياسية والميليشياوية المستحوذة على السلطة منذ احتلال العراق عام 2003، كما ينظرون إلى المجاميع التي تقدم نفسها بـ “المستقلة” بأنها جزء من كذبة الانتخابات المكشوفة.
ومثلت انتخابات مجلس النواب الأخيرة صفعة سياسية للقوى الحاكمة عندما قاطعها أكثر من 80 بالمائة من الناخبين العراقيين، كما أنها كشفت عن هزالة تأثير الأحزاب والميليشيات الطائفية على الشارع العراقي، بعد هزيمتها في تلك الانتخابات.
وقال مراقبون إن “العزوف الكبير في الانتخابات السابقة لم يكن محرجًا للحكومة فحسب، بل للبعثة الأممية في العراق”.
ووصف مراقبون ترويج رئيسة البعثة الأممية في العراق جنين بلاسخارت للانتخابات بالمبتذلة، بعد أن استبقت المقاطعة بالقول إن المنظمة الدولية ستعترف بنتائجها مهما كان نسب المشاركة.
وتوقعت تقارير إعلامية محلية أن يمتنع نحو نصف العراقيين الذين يحق لهم التصويت عن المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، مقسمين بين من قاطعوا الانتخابات البرلمانية السابقة وبين من أعلنوا عدم مشاركتهم في الانتخابات المرتقبة.
وسيزيد من منسوب المقاطعة مطالبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره بعدم التصويت في انتخابات مجالس المحافظات. وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجيًا وداخليًا.
وقال الصدر إن “مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا… ويقلل من شرعية الانتخابات دوليًا وداخليًا ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين”.
وسبق وأن قرر الصدر الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة الفاسدين، فيما عد انسحاب الصدر إلى خلافات على تقسيم حصص الحكومة بينه وبين أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي .
ورفعت دعوة الصدر لمقاطعة الانتخابات منسوب القلق داخل خصومه من أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، مقللة من أهميتها حسب مصدر مقرب من رئيس ائتلاف “دولة القانون” الذي يرأسه نوري المالكي أشد خصوم الصدر.
وقال المصدر “ليس كل الشيعة من أتباع الصدر وقلة المشاركة لا تعني عدم شرعية الانتخابات، فالدستور لا يحدد نسبة معينة من المشاركة للقبول بنتائج الانتخابات”.
ويوضح كلام القيادي في ائتلاف دولة القانون أنهم ماضون في انتخابات شكلية للاستحواذ على مجالس المحافظات بغض النظر عن الشرعية التي تمثلها الانتخابات.
وتدفع القوى السياسية الأخرى المستحوذة على مراكز القرار جمهورها للمشاركة في الانتخابات بعد ارتفاع منسوب القلق من مقاطعة شعبية شاملة تفرغ الانتخابات من مضمونها.
غير أن الانطباع السائد قبل أسابيع من موعد الانتخابات يذهب باتجاه مقاطعة شعبية شاملة.
وستُجرى انتخابات مجالس المحافظات في الثامن عشر من كانون الأول المقبل، للمرة الأولى منذ نيسان 2013. وتتولى مجالس المحافظات مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد. الأمر الذي يجعلها مصدرًا لصفقات فساد كبرى للاستحواذ على المال العام.

مقتدى الصدر

مقتدى الصدر: مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا… ويقلل من شرعية الانتخابات دوليًا وداخليًا ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين

وبحسب بيانات مفوضية الانتخابات، فإن أكثر من 23 مليون مواطن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات، لكن الذين حدّثوا سجلاتهم الانتخابية هم أقل من 10 ملايين عراقي.
وأكدت المفوضية، في وقتٍ سابق، أن 296 حزباً سياسياً انتظمت في 50 تحالفًا ستشارك في الانتخابات، ويتنافس المرشحون على 275 مقعدًا هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام، وجرى تخصيص 75 منها ضمن كوتا للنساء و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية.
وكشف مسؤول في المفوضية العليا للانتخابات في العراق عزوف المواطنين عن تحديث سجلاتهم او تسلم بطاقاتهم الانتخابية ما يدل على عدم رغبتهم بالمشاركة بانتخابات مجلس المحافظات.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن “نحو 4 ملايين عراقي لم يحدثوا بياناتهم وسجلاتهم الانتخابية، ولن يحق لهم المشاركة بالانتخابات والتصويت في حال عدم تحديثها”، مضيفًا أن “الرقم كبير جدًا ويؤشر على عزوف الناخبين عن المشاركة”.
وأشار المسؤول إلى أن “المفوضية اتخذت تسهيلات كبيرة جدًا لإجراء عمليات التحديث، وافتتحت مراكز متعددة ليسهل على الناخب تحديث سجله، لكن مع ذلك هناك ضعف في الإقبال رغم كونها أحد شروط المشاركة في الانتخابات المقبلة بحسب قانون الانتخابات المعدل لعام 2023”.
وأكد عضو في البرلمان الحالي أن “التوقعات تشير إلى أن نسب المشاركة لن تكون أكثر من متوسطة”.
وأضاف أن “التسريبات تؤكد أن عمليات تحديث السجلات ضعيفة جدًا حتى الآن، وأن ملايين العراقيين ممن تحتاج سجلاتهم إلى تحديث، كالحذف والنقل والتصحيح، فضلاً عن إضافة مواليد 2004 – 2005 ممن بلغوا 18 عاما وتحق لهم المشاركة، لم يحدّثوا سجلاتهم بعد”، موضحًا أن “تلك الأعداد يضاف لها الـ3 ملايين” من أصحاب البطاقات قصيرة الأمد.
وأكد عضو البرلمان أن “هناك إحباطًا لدى الشارع العراقي من المشاركة في الانتخابات، بسبب سوء الواقع العام للبلد والعجز في تقديم الخدمات”.
ويشير مراقبون إلى أن إقرار قانون “سانت ليغو” وإصرار قوى الإطار التنسيقي التي شكلت حكومة محمد شياع السوداني على تمرير مشروع القانون الانتخابي الجديد، أحد أسباب تدني إقبال الناخبين على تحديث سجلاتهم، حيث إن إلغاء القانون كان أحد مطالب ثورة تشرين، وأن تمرير القانون سيكون سببًا في عدم إقبال العراقيين على المشاركة في الانتخابات كحال سابقاتها.
وتوقعت منظمة ديالى لحقوق الإنسان والمعنية بشؤون الانتخابات، عزوفًا شعبيًا كبيرًا بالمشاركة في الانتخابات المقبلة بسبب سطوة مافيات المال السياسي والزعامة الانتخابية.
وبحسب المنظمة، فإن أكثر من 70 بالمائة من السكان في ديالى، عازفون عن المشاركة الانتخابية بسبب نفوذ الأحزاب في المحافظة وهيمنتها على العملية الانتخابية برمتها.
وقالت المنظمة، إن القوى الكبيرة بدأت تزج بعناصر من أفراد أسر زعمائها في الانتخابات القادمة، لحماية المال السياسي ومسك السلطة، وحماية المصالح بشتى السبل.
ولفتت إلى أن محافظة ديالى شهدت بعد انتخابات 2010 تضخمًا كبيرًا لإمبراطوريات مالية ما زالت تستحوذ على الساحة السياسية والانتخابية.
ورجح النائب محمد عثمان الخالدي أن لا تصل نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات إلى 20 بالمائة مع وجود مؤشرات عزوف وحالة عدم ثقة بالعملية السياسية برمتها بسبب أخطاء متكررة للحكومات وتجاهل القوى السياسية لوعودها، فضلًا عن عودة الوجوه التقليدية التي تحاول إعادة تدوير نفسها.
وقال الخالدي، إنه تم إبلاغ الأمم المتحدة بأن انتخابات مجالس المحافظات ستشهد عزوفًا كبيرًا، وستكون الأقل مشاركة على الإطلاق منذ 2003 وحتى الآن.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى