أخبار الرافدين
تقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

اللافتات والصور الانتخابية تزيد من الرثاثة البصرية في المدن العراقية

مفوضية الانتخابات تتجاهل الانتهاكات الصارخة جراء الحملات الترويجية للمرشحين كقطع الأشجار والتجاوز على الجزرات الوسطية والمساحات الخضراء.

بغداد ــ الرافدين
تتصاعد التحذيرات من استغلال الأحزاب والجهات السياسية للأماكن العامة والطرق والمساحات الخضراء في نشر الدعاية الانتخابية.
وتشير المنظمات المعنية بمراقبة الحملات الانتخابية لمجالس الانتخابات المقبلة، إلى تورط الأحزاب السياسية بتشويه واجهة الأماكن العامة وتعطيل حياة العراقيين وأعمالهم اليومية نتيجة تثبيت الملصقات الانتخابية بشكل عشوائي ما يعكس حقيقة هذه الأحزاب التي تسعى لتحقيق منافعها الخاصة دون الاكتراث لحياة العراقيين ومعاناتهم.
ويرى مراقبون أن التلوث البصري الذي أحدثته عشوائية وفوضى الدعاية الانتخابية فضلًا عن إعلانات الأحزاب التقليدية التي يرى الناخب أنها لم تقدم شيئًا ملموسًا للبلاد تزيد من حالة الغضب الشعبي تجاه هذه الملصقات.
وعمد المرشحون والأحزاب المتنافسة على وضع لافتات في الشوارع والأسواق والمناطق السكنية بشكل لم يراع المواطنين وأعمالهم اليومية.
وشكا مواطنون من خروقات الحملة الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات في العراق والتي انطلقت منذ أكثر من أسبوعين.
وأكد المواطنون أن اللوحات واللافتات الكبيرة للمرشحين أثرت على الحياة العامة وأعمالهم بشكل عام فيما تكتفي مفوضية الانتخابات بإطلاق الوعود الزائفة بشأن محاسبة المخالفين دون أن تحرك حقيقي على الرغم من تلقيها مئات الشكاوى من قبل المواطنين والمنظمات الرقابية.
وسجل مرصد العراق الأخضر المتخصص بشؤون البيئة، عدة مخالفات بيئية تزامنت مع الحملة الانتخابية لمجالس المحافظات، ومنها تصل لانتهاك صارخ كقطع الأشجار والتجاوز على الجزرات الوسطية، مشيرًا إلى أن العاصمة بغداد هي الأكثر تجاوزًا على البيئة والحياة العامة.
وقال المرصد في بيان صحفي، إن “فرق الإرصاد ببغداد والمحافظات سجلت مئات المخالفات للبيئة ضمن الحملة الانتخابية، وأن مخالفات المرشحين شملت جميع التحالفات السياسية والشخصيات المستقلة وكوتا الأقليات أيضًا”.
وأضاف أن أبرز المخالفات هي قطع الأشجار وسط الطرقات، والطرق الجانبية ومداخل الأحياء السكنية والتجارية لتعليق الدعاية الانتخابية.
وتابع المرصد البيئي، أن من المخالفات أيضًا هي التجاوز على المساحات الخضراء ومنها الجزرات الوسطية وتخريب الأرضيات والحشائش، لافتًا إلى أن التجاوزات لا تضر المساحات الخضراء فقط، بل انعكس على تشويه مظاهر المدن من خلال تعليق بوسترات لاصقة على الجدران العامة والخاصة يصعب إزالتها بعد انتهاء الحملة الانتخابية.
ودعا المرصد مفوضية الانتخابات إلى محاسبة المضرين بالبيئة جراء حملاتهم التي يراد منها الوصول لمنصب يزعم تقديم خدمة للناس ولبيئة البلاد.
وقال الناشط المدني سنان الزيدي، إنه لا يوجد التزام من قبل المرشحين بشروط الدعاية الانتخابية وهناك تجاوزات كبيرة تم رصدها، وأن لافتات المرشحين غطت على المحال التجارية والمنازل والأرصفة وأثرت في حياة المواطن العراقي.
وأكد أن الكثير من الشكاوى تصل إلى المفوضية والجهات المسؤولة بشأن تلك الخروقات، إلا أنها لم تتخذ أي إجراءات قانونية بحق المخالفين، ولم تقم بإزالة المخالفات، محمّلًا المفوضية مسؤولية التعامل مع تلك الخروقات ومحاسبة المخالفين قانونيًا، وعدم السماح بتأثير تلك الحملات على حياة المواطنين.

فوضى الوعود تتعدى على الأماكن العامة وتعيق حركة المواطنين

وسجلت مراكز الشرطة في العاصمة بغداد عشرات الدعاوى من قبل المواطنين، ضد مسؤولي الحملات الدعائية للمرشحين.
وقال أحد الضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الكثير من المواطنين حاولوا منع وضع اللافتات التي تؤثر في أعمالهم، وهو ما سبب مشاكل ومشادات كلامية وصلت إلى الضرب أحيانًا مع مسؤولي الحملات الدعائية في كثير من مناطق البلاد.
وأشار إلى رفع عشرات الدعاوى في مراكز الشرطة بسبب تلك التجاوزات والاعتداءات على الأماكن العامة.
وتدعي مفوضية الانتخابات تخصيص 907 لجان رصد لمتابعة الحملات الدعائية الانتخابية وتسجيل أي خروقات محتملة.
وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية حسن هادي زاير، إن الحملات الدعائية للانتخابات ما زالت في بدايتها، وتم تشخيص بعض الجوانب السلبية وهي قيد الدراسة حاليًا، ولكنها لم تصل إلى حد الخروقات، باستثناء ما يعرض بوسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد أن المفوضية منعت وضع العلامات الانتخابية في البنايات العائدة للدولة والشوارع والخطوط السريعة والجسور والمجسرات، وأن عدم التزام هذه الضوابط يعتبر خرقًا.
فيما يرى مختصون أن غياب القانون وعدم تطبيق التشريعات التي تحاسب الأحزاب التي تنتهك حدود الأماكن العامة أثناء نشر الدعاية الانتخابية أدى إلى تمادي هذه الحملات حتى باتت تمثل مصدر إزعاج لدى الكثير من العراقيين.
وتنتهج الأحزاب السياسية كالعادة أساليب التحايل لكسب الأصوات والانفاق المالي المشبوه على الحملات الدعائية فضلًا عن الشكوك في نزاهة الاقتراع ونسب المشاركة الحقيقية.
وتفتقر معظم الأحزاب المشاركة في الانتخابات المرتقبة إلى مشروع سياسي استراتيجي واضح أو إصلاحي طويل الأمد مع غياب البرنامج الانتخابي للأحزاب المترشحة.
ويرى مراقبون أن شح البرامج الانتخابية دفع الكتل السياسية إلى استعارة الشعارات الترويجية نفسها التي رددتها خلال الانتخابات الماضية.
ويعتقد المراقبون أن الدعاية الانتخابية للقوائم المتنافسة هذه المرة باتت محصورة بالقواعد المؤدلجة التابعة للأحزاب وليست موجهة إلى الرأي العام العراقي.
وأضاف المراقبون أن الكتل السياسية تلجأ إلى مصطلح المرشح المستقل بشكل واسع خلال الدعاية الانتخابية في محاولة يائسة لاستمالة الجمهور الناقم على الأحزاب التقليدية.
وشهدت العديد من المدن العراقية حالات تمزيق لصور مرشحين في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يعطي انطباعًا عن النزعة الواسعة لمقاطعة العملية السياسية برمتها.
وأكد مواطنون من مدينة الصدر ببغداد عن رفضهم المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات، فضلًا عن منعهم استخدام مدينتهم من قبل المرشحين للترويج دعائيًا للكتل السياسية.
وبدت المدينة خالية من أي دعاية من ذلك النوع أو حتى لافتة معلقة تدعو للتصويت لمرشح معين حيث اتهم الأهالي الأحزاب بالتنصل من تنفيذ الوعود السابقة.

مكي النزال: أعضاء العملية السياسية في العراق يعلمون أن عمليتهم الانتخابية فاشلة وأن الشعب العراقي قد حسم الأمر بمقاطعتها

وقال عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي مكي النزال، إن أعضاء العملية السياسية في العراق يعلمون أن عمليتهم الانتخابية فاشلة وسيقاطعها 90 بالمائة على الأقل من الناخبين.
وأضاف في تصريح لقناة “الرافدين” أن الشعب العراقي قد حسم الأمر في مقاطعة الانتخابات باستثناء الموالين للكتل السياسية والأحزاب.
ويرى رئيس المركز العراقي الأسترالي للأبحاث أحمد الياسري أن حالة تخبط الدعاية الانتخابية الحالية هي نتيجة لضعف قدرة الإقناع لدى الكتل السياسية والتي باتت تتضاءل بشكل كبير، حتى وصلت إلى حدود التخوف من عدم القدرة على إقناع القواعد الحزبية التابعة لها.
ومن جانبه يعتقد الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، أن السبب خلف استخدام عبارة المرشح المستقل التي باتت تغزو اللافتات الانتخابية يرتبط بكون غالبية المرشحين مترددين في الإفصاح عن انتمائهم الحزبي، إدراكًا منهم أن الأحزاب باتت تعاني أزمة ثقة جماهيرية.
ويرى الشريفي أن كل البرامج التي طرحت في الانتخابات منذ عام 2003 وحتى الآن استهلكت، ولم تعد هناك جرأة لدى الأحزاب بإعادة استخدامها مرة أخرى، مبينًا أن هذا الأمر أسهم في غياب طرح الكتل المتنافسة برامجها أمام الرأي العام العراقي بشكل صريح.
ولفت إلى أن تمزيق صور المرشحين يعطي انطباعًا للأحزاب بأن طرح البرامج الانتخابية لن يكون مقبولًا هو الآخر، مع عدم توفر قناعة لدى الرأي العام العراقي بأن الانتخابات المقبلة ستنتج تغييرًا حقيقيًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى