أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

قوباد الطالباني يصف الدستور أشبه بقائمة طعام في مطعم العملية السياسية

المطالبة بكتابة دستور خاص بمدن كردستان في شمال العراق يؤكد فشل تلبية الدستور الذي أقر بزمن شاذ، لاستمرار العملية السياسية وبعد عشرين عامًا من الفشل.

دهوك- الرافدين

وصف نائب رئيس حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، قوباد الطالباني، الدستور الذي أقر أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق بأنه أشبه بقائمة الطعام في مطعم العملية السياسية، الذي تختار الأحزاب والكتل السياسية منه ما تشتهيه لتمرير أجندتها.
وطالب الطالباني في كلمة خلال المنتدى الرابع للسلام والأمن في الشرق الأوسط المقام في محافظة دهوك، بكتابة دستور خاص بمدن كردستان في شمال العراق التي تشمل أربيل والسليمانية ودهوك، في إشارة إلى فشل تلبية الدستور الذي أقر بزمن شاذ من تاريخ العراق بدعم وتحريض من مرجعية النجف، لاستمرار العملية السياسية وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق.
يذكر أن الدستور الذي كتب في زمن الحاكم الأمريكي بول بريمر وبإشراف من القوات الأمريكية المحتلة وبصياغة أولية من الأمريكي نوح فيلدمان، همش المعايير الوطنية وبني على فكرة تقسيمة.
وفي بدايات عام 2004، انتهى الأمريكي فيلدمان من كتابة دستور العراق، فأقره الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر دون استشارة أي عراقي، وكلف بترجمته محامٍ عراقي يحمل الجنسية الأمريكية، فجاءت الترجمة ضعيفة وركيكة من ناحية اللغة والصياغات القانونية، لكن ذلك لم يكن بنظرهم مهمًا، بل المهم حصول فيلدمان والمحامي لقاء مهامهما على ملايين الدولارات، دفعها لهم بول بريمر من أموال العراقيين.

الدكتور مثنى حارث الضاري: علينا أن ندرك أنه لا توجد عملية سياسية في العراق. ولا يوجد نظام سياسي حقيقي حتى نتحدث عن مشاكل يمكن أن تحل بالإجراءات السياسية المعهودة

ولتجنب الرفض الشعبي لمسودة الدستور قام الحاكم الأمريكي بول بريمر بتشكيل لجنة أطلق عليها تسمية مزيفة “لجنة كتابة الدستور”، مؤلفة من بعض العراقيين الذين رشحتهم أحزاب وقوى العملية السياسية وعدد ممن قالوا إنهم “مستقلون”، وليس بينهم جميعًا خبير دستوري واحد.
ولم تفعل اللجنة سوى إضافة ديباجة لمقدمة الدستور المترجم وبعض المواد التي سبق أن وافقت عليها القوى التي تولت احتلال العراق منذ عام 2003 خاصة في أثناء ما كان يعرف بمؤتمر المعارضة العراقية في لندن آنذاك، التي تتعلق بتسويق الفكر الطائفي والعرقي ووضعهما في إطار قانوني، بما يحيل العراق إلى بلد ضعيف ومشتت وفاقد لأهليته.
وأجمعت قوى وطنية عراقية على وصف هذا الدستور بالمسخ الذي سيولد عملية سياسية على منواله.
وبعد عقدين من الفشل والانهيار السياسي تتصاعد المطالب لتغيير الدستور الذي قسم المجتمع العراقي إلى طوائف وقوميات وهمش معيار الوطنية العراقية.
وتكشف مطالبة قوباد بدستور لمدن شمال العراق لحل المشاكل العالقة، بعد وصف محتوى الدستور الحالي بقائمة طعام مشكلة حسب أمزجة زبائن العملية السياسية وأحزابها، القطعية مع والده جلال الطالباني الذي كان رئيسا للجمهورية ومن كبار الداعمين والمروجين للدستور آنذاك.
وقال قوباد “وجود دستور في كردستان ضروري لتنظيم العمل داخل الإقليم، لكن ذلك لم ينجح مع الحكومة الاتحادية ولم نحصل على حقوقنا”.


الدكتور رافع الفلاحي: الدستور تم تسويقه بالتزوير وبالمواد الملغومة بالقنابل العنقودية

وأضاف “هناك العشرات من الأحزاب السياسية في العراق ولكل حزب رؤى مختلفة حول النظام الفيدرالي في العراق، كما أن الدستور العراقي أصبح مثل قائمة تقديم الطعام في المطاعم”.
وأسفرت نتائج الاحتلال بما فيها الدستور الذي أقر بطريقة سريعة ورفض أكثر نصف العراقيين التصويت عليه آنذاك، عن حرب القتل على الهوية التي مارستها الميليشيات الطائفية وتهجير السكان والاستيلاء على أراضيهم بغية التغيير الديموغرافي للمناطق، وتهميش دور مؤسسات الدولة، وإقامة نظام سياسي يعتمد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية في توزيع السلطة والموارد وفق تفاهمات بين الأحزاب الرئيسية وبإدارة سلطة الاحتلال دون إجراء تعداد للسكان.
وظل العراق بعيدًا عن الديمقراطية وبعد عشرين عامًا من الاحتلال، عدا ديمقراطية “هجينة” اعتمدت مبدأ التفاهم بين رؤساء الأحزاب المتنفذة تحت مسمى “التوافقية” في توزيع السلطات والموارد بعيدًا عن أي معايير تستند إليها سواء ما يتعلق بالتمثيل السكاني، أو الواقع الجغرافي أو حاجات المناطق أو المحافظات وسكانها للخدمات.
وسبق أن قال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري علينا أن ندرك أنه لا توجد عملية سياسية في العراق. ولا يوجد نظام سياسي حقيقي حتى نتحدث عن مشاكل يمكن ان تحل بالإجراءات السياسية المعهودة من انتخابات مبكرة او تغيير وزراء أو استقالات.
واستعار مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين تعبير الراحل الدكتور حارث سليمان الضاري بوصف النظام السياسي في العراق بالمسخ، مذكرًا بان الشيخ الراحل استخدم هذا التعبير بعد الاحتلال إثر إقرار الحاكم الأمريكي بول بريمر للدستور قائلا “هذا دستور مسخ ولن ينتج الا أنظمة سياسية مثله” وهذا ما حصل اليوم في حكومة محمد شياع السوداني.


ماجد الجميلي: النزعة الطائفية والعرقية حُولت إلى ألغام في الدستور الذي كتب عبر الحديث عن مكونات دينية وطائفية واثنية التي تشكل النسيج المجتمعي العراقي، وليس عن شعب واحد بهوية وطنية جامعة

ويرى المحلل السياسي العراقي الدكتور رافع الفلاحي أن الدستور الذي أقر أثناء احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية تم تسويقه بالتزوير وبالمواد الملغومة بعشرات القنابل العنقودية التي شكلت جسم القنبلة العنقودية الكبيرة التي سميت جزافًا دستور العراق.
وقال الفلاحي “وقفت القوى المناهضة للاحتلال وفي مقدمتها هيئة علماء المسلمين في العراق، ضد إنتاج قنبلة الدستور، ونبهت إلى أن دستورًا تم إخراجه بهذه الطريقة وبما يحتويه من كوارث وألغام، سيكون وبالًا على العراقيين وأحد المصادر الأساسية في تمزيق المجتمع العراقي وتوفير عوامل الفرقة والخراب وبث روح العداء والكراهية بين كل العراقيين، وقد أثبتت الأيام حقيقة ذلك الأمر”.
ويرى الإعلامي ماجد الجميلي بأن النزعة الطائفية والعرقية حُولت إلى ألغام في الدستور الذي كتب عبر الحديث عن مكونات دينية وطائفية وإثنية التي تشكل النسيج المجتمعي العراقي، وليس عن شعب واحد بهوية وطنية جامعة في سياق مشروع سياسي طائفي قائم على الكره والبغض واحتقار الآخرين بعد تقسيمهم وتحويلهم خنادق طائفية أريد لها الانخراط في صرعات وحروب طائفية مدمرة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى