أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تدهور أوضاع وحقوق الطفولة في العراق وسط غياب القوانين والتشريعات

اليونيسف تحذر في اليوم العالمي للطفل من خطورة الأضرار الجسدية والنفسية على حياة الأطفال في العراق جراء حرمانهم من حقوقهم في التعليم، محملة الحكومات المتعاقبة مسؤولية تجاهل دعوات تفعيل قانون حقوق الطفل.

بغداد ــ الرافدين
حذرت منظمات حقوقية من المخاطر المحدقة بمستقبل الطفولة في العراق وما تخلفه من آثار سلبية واضحة على المجتمع العراقي نتيجة الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل.
ويحتفي العالم باليوم العالمي للطفل الذي يوافق في العشرين من تشرين الثاني من كل عام، وذلك بناء على توصية من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1954، ليكون هذا اليوم يومًا للتآخي والتفاهم بين أطفال العالم أجمع، وللعمل من أجل مكافحة العنف ضد الأطفال وإهمالهم، واستغلالهم في كثير من الأعمال الشاقة التي تفوق طاقتهم.
وتدعوا الأمم المتحدة الحكومات على سن قوانين وأنظمة لحماية حق الطفولة وبما يعانى منه الأطفال في بعض دول العالم من ألوان العنف.
وتستثمر المنظمات الدولية والمحلية هذه المناسبة للتذكير بالواقع المؤلم الذي يعيشه الطفل العراقي الذي يفتقر إلى أبسط الحقوق.
وتزداد معاناة الطفل العراقي بسبب دوامة الفوضى المزمنة وضياع الحقوق السائدة في العراق منذ عام 2003 والتي تهدد بظهور جيل مجبول على الفوضى والانحراف نتيجة للظروف البيئية المتوترة.
وتتصاعد الدعوات من أجل إنقاذ الطفولة في العراق من أوضاعها الكارثية، من قبل منظمات مجتمعية محلية ودولية، بعد ارتفاع مؤشرات تدهور أوضاع حقوق الأطفال وتفاقم الانتهاكات التي يتعرضون لها، وسط عجز حكومة الإطار التنسيقي وإهمال البرلمان لإقرار قانوني حماية الطفل وحماية الأسرة.
وحذر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في تقريره السنوي مطلع العام الجاري، من تزايد معاناة الطفل في ظل حالة الفوضى وضياع الحقوق في العراق، حيث يتعدى انتهاك الحقوق بشتى أشكاله بحق الأطفال إلى الحد الذي نتج عنه انحراف كبير في مسار المجتمع.
وأشار التقرير إلى أن أغلب الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية ويواجهون رفضًا في الاندماج بالمجتمع، بعد رصد أجراه عن الأوضاع الإنسانية في مخيمات النزوح.

د.فاطمة العاني: الواقع المؤلم الذي يعيشه أطفال العراق نتيجة غياب حكومة وطنية تساهم بتطوير البلاد والحفاظ على حقوق الأطفال

وقالت مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب الدكتورة فاطمة العاني، إن الواقع المؤلم الذي يعيشه أطفال العراق نابع من تأثير العمليات العسكرية وسيطرة الميليشيات وغياب حكومة وطنية تساهم بتطوير البلاد والحفاظ على حقوق الأطفال.
وأضافت العاني في تصريح لقناة “الرافدين” أن الحكومات المتعاقبة أهملت الأطفال بصورة كبيرة ولم تطبق أي معيار من معايير حقوق الأطفال في كافة المجالات.
وأكدت على أن الظروف المعيشية الصعبة هي التي أجبرت الأطفال على ترك الدراسة والتوجه نحو سوق العمل من أجل إعالة ذويهم للحصول على لقمة العيش.
وسلط ناشطون في مجال حقوق الإنسان الضوء على الواقع المأساوي لأطفال العراق في ظل حرمانهم من الحرية والكرامة والأمان.
وقال الحقوقي سنان علي، إن حقوق الطفل تبدأ من توفير الاهتمام والرعاية الصحية والتعليم والسكن ومستوى معيشي ملائم، مستدركًا “ولكن للأسف نجد أن أعداد الأطفال الذين يقتلون نتيجة حالة الانفلات الأمني في تزايد مستمر”.
وأضاف أن العديد من الأطفال تم تشويهه كما تم اختطاف الكثير منهم، ناهيك عن حرمانهم من التعليم والإهمال الصحي وانتشار الأمراض، متسائلًا عن حقوق أطفال العراق التي نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003.
وأكد ممثلون عن منظمة اليونيسف في العراق على أن الطفولة في العراق مهمشة وأن أطفال العراق محرومون من حقوقهم في التعليم، محملين الحكومات المتعاقبة مسؤولية تدهور وضع الطفل العراقي، وتجاهل دعوات تفعيل قانون حقوق الطفل.
ولفت الممثلون عن اليونيسف إلى وجود أطفال محرومين من الدراسة ومشردين ومجبرين على العمل في أسوأ الظروف، إضافة إلى إصابة العديد من الأطفال بالأمراض.

ساندرا لطوف: على حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني الالتفات إلى حقوق الطفل وتحسين جودة التربية والتعليم

وطالبت ممثلة منظمة اليونيسف في العراق ساندرا لطوف، حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بتحسين جودة التربية والتعليم، كما دعت إلى تحسين حقوق الطفل.
وشددت على ضرورة اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة لدعم الشرائح الهشة وإطلاق المشاريع لدعم شريحة الأطفال.
واتهمت لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية الكتل السياسية بعرقلة سن قانون لحماية الطفل بسبب انشغالها بمصالحها الخاصة وحملاتها الانتخابية وتعمد عدم إكمال النصاب داخل مجلس النواب.
وأكدت على أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن الطفل العراقي في وضع سيئ جدًا، لأن العائلة لا تستطيع أن تحمي الأطفال بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤكدة أن الأطفال بحاجة ماسة إلى ظروف آمنة.
وقالت إن الطفل العراقي يفتقر إلى حماية من الناحية القانونية حتى اللحظة، متهمة الحكومة بالتنصل عن مسؤولياتها تجاه الطفولة من حيث توفير حياة آمنة وكريمة لهذه الشريحة.
ويعاني أطفال العراق من مشاكل معقدة، نتيجة العنف وغياب البنى التحتية والأزمات المتلاحقة التي مرت بها البلاد خلال سنوات ما بعد الاحتلال وعدم جدية الحكومات بإيجاد حلول حقيقية.
وأكد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق أنس العزاوي، أن ظاهرة بيع الأطفال والاتجار بهم في تزايد مضطرد مؤخرًا في العراق مع انتشار شبكات الجريمة المنظمة في المحافظات العراقية.
وأضاف، إن هناك مؤشرات على وجود نحو مليون طفل منخرطين في سوق العمل ويجري استغلال جزء كبير منهم في الاتجار بالبشر في ظل غياب أي تشريع حكومي يحمي الفئات الهشة ومنهم الأطفال.
وتشير التقارير التي نشرتها منظمة منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف أن الأطفال في العراق هم الأكثر ضعفًا وهشاشة والأكثر تأثرًا بالعنف المستمر والتهجير والاقتتال الدائر في البلاد.
وتكرر اليونيسف دعوتها الملحة لضرورة حماية جميع الأطفال وتوفير المساعدة الضرورية لإنقاذ أطفال العراق ولتجنب المزيد من الخسائر.
وقالت المنظمة إن الأطفال في العراق ما زالوا يعانون من الآثار المدمرة للفوضى الأمنية، والذخائر المتفجرة ومخلفات الحرب، والاضطرابات السياسية والاجتماعية والعنف المجتمعي.
وأبدت قلقها البالغ من استمرار الأطفال في دفع الثمن الباهظ جراء استمرار العنف والصراع السياسي في العراق.
وكشف تقرير لموقع “ريليف ويب” عن وجود 2.5 مليون عراقي من بينهم 1.1 مليون طفل، بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وقال التقرير، إن الوضع الإنساني في العراق متردي بسبب العنف والصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي.
ونوه إلى وجود فجوات تمويلية كبيرة في مجالات المياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم والصحة والتغذية، مشددًا على أن الإنفاق الحكومي الحالي غير كاف لمواصلة تقديم الخدمات لشريحة الأطفال.
وأكد الموقع على ضرورة توفير الخدمات الأساسية للاطفال في العراق كونهم الأكثر ضعفًا.
وعبرت المنظمات الحقوقية عن قلقها من استفحال ظاهرة عمالة الأطفال في العراق وما رافقها من تداعيات تهدد البنية المجتمعية في البلاد، وسط إهمال من قبل الحكومات المتعاقبة لأسباب هذه الظاهرة والتي تتطلب وجود برامج حقيقية للمعالجة وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات وإطلاق التصريحات.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف إلى أن ثلث أطفال العراق تدفعهم ظروفهم المادية الصعبة للعمل بغرض مساعدة عائلاتهم مما أدى إلى توسع نطاق عمالة الأطفال غير المنظمة التي تغيب عنها السيطرة والمراقبة من قبل الحكومة والنقابات المعنية مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، إن عوامل اجتماعية واقتصادية وبيئية وسياسية غير منصفة تعزز الممارسات الاستغلالية والتمييزية للأطفال، مبينًا إنه تم الاتجار بما يقرب من نصف الأطفال في العمل المنزلي والتسول والزراعة.
وأشار إلى أن ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق هي جريمة منظمة دولية تقودها عصابات تدر عليهم المليارات، وأن أساليب هذه الظاهرة تطورت بشكل يومي حتى وصلت إلى الاتجار الإلكتروني مستهدفة الأطفال والفتيات في جميع محافظات العراق.

أطفال العراق عرضة لاستغلال عصابات الجريمة المنظمة

وحذرت الجمعية النفسية العراقية من خطورة الأضرار الجسدية والنفسية على حياة الأطفال بعد اضطرار الآلاف منهم للانخراط في سوق العمل لإعالة عوائلهم الفقيرة.
ودعت الجمعية السلطات المعنية إلى العمل على الحد من ظاهرة عمالة الأطفال عبر تطبيق العدالة الاجتماعية وتوزيع ثروات البلاد على المواطنين، بالإضافة إلى زيادة الوعي الثقافي وتنبيه الأهل من خطورة تشغيل أطفالهم ونتائجه، على العكس فيما لو تم إرسالهم إلى المدارس لتلقي العلوم والمعرفة.
ويذكر أن منظمة اليونيسف قد قدرت حجم عمالة الأطفال في العراق بنحو المليون طفل، لافتة إلى أنه من بين كل 5 أطفال في العراق يوجد طفلان فقيران.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية في العراق، إن ظاهرة عمالة الأطفال في العراق تنسف براءة الأطفال وتضع عبئًا ثقيلًا عليهم وتعرض حياتهم للأذى والخطر.
ودعت مديرة مكتب اللجنة سمر عبود، المجتمع الدولي إلى الاهتمام بقضايا الأطفال في العراق ومواجهة مشاكلهم بكافة السبل المتاحة.
وأكدت سمر عبود على التقصير الحكومي الواضح في ملف عمالة الأطفال، وأن الواقع يختلف كثيرًا بالنسبة للعديد من الأطفال في جميع أنحاء البلاد عما هو مأمول.
وقال الباحث الاجتماعي عبد الزهرة الماجد، إن مشاهد الضياع والألم الذي يمر به أطفال العراق محزن كثيرًا، مبينًا أن الكثير منهم أصبح مشرد في الشوارع مما خلق الفرصة للعصابات إلى استغلالهم.
وأضاف أنه أصبح من الضروري الانتباه إلى مخاطر عيشهم في أماكن لا تليق بهم، فالكثير منهم يتسول ومن ثم يتعاطى المخدرات والكحول، حيث ازداد عددهم في الآونة الأخيرة في الشوارع وأمام أنظار الجميع.
ومن جانبها أعربت لجنة حقوق الإنسان النيابية عن قلقها من زيادة ظاهرة استغلال الأطفال في العمالة بالعراق في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة.
وقال نائب رئيس اللجنة قصي عباس، إنه يجب وقف استغلال الأطفال في العمل، مشددًا على ضرورة تجريم من يستغل عمالة الأطفال.
وأشار إلى أن استغلال الاطفال في العمالة يعتبر انتهاكًا صارخًا بحق الطفولة وعلى الجهات التنفيذية أن يكون دور في اتخاذ تدابير قانونية بحق كل من يستغل الأطفال في العمالة وخصوصًا الأعمال الشاقة التي لا تتلاءم مع أعمارهم.
وقالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان هدى البدراني إن الأرقام التي يتم تسجيلها لعمالة الأطفال في العراق خطيرة جدًا، وهي تجعل الأطفال عرضة للاستغلال من قبل عصابات الجريمة المنظمة، وهذا له انعكاسات خطيرة على المجتمع مشيرة إلى أن حملات حكومة السوداني للقضاء على الظاهرة لا تمثل معالجات حقيقية على أرض الواقع.
وأجمع مراقبون على تقصير حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في حماية الطفولة في العراق، رغم توفر جميع الإمكانيات المادية والبشرية لديها.
وأكدوا على أن تدهور أوضاع الطفولة في العراق هو جزء مهم وخطير ضمن الانهيار الشامل في البلاد، والذي انعكس عبر ظواهر خطيرة على المجتمع، بالوقت الذي تتجاهل فيه أحزاب السلطة هذا الموضوع رغم أهميته وخطورته بدليل عرقلتها تمرير القوانين التي تضمن حقوق الأطفال منذ سنوات.

أطفال العراق هم الأكثر تأثرًا بالعنف المستمر والتهجير والفوضى في البلاد.
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى