إعدامات “طائفية” في الخفاء تنفذها حكومة الإطار التنسيقي بسجن الناصرية
مأساة حقيقية يواجهها المعتقلون في السجون الحكومية في العراق، بإعدامهم جماعيًا دون وجه حق، في نهج انتقامي ميليشياوي يفضح الوجه الحقيقي للحكومة الطائفية.
ذي قار – الرافدين
كشفت حملة الإعدامات التي تقوم بها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحق المعتقلين في سجن “الحوت” بمدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، عن النزعة الإجرامية للحكومة ونواياها المبيتة ضد آلاف المعتقلين داخل سجونها بأجندة طائفية.
وكانت مصادر صحفية قد أفادت بوفاة معتقليْن اثنين في سجن الناصرية أحدهما فلسطيني الجنسية إثر تعرّضهما للتعذيب والإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجن، بالتزامن مع الكشف عن قيام الحكومة الحالية بتنفيذ أحكام إعدام بحق مدانين دون إعلان ذلك خلال الشهرين الماضيين، بحسب مصادر من داخل سجن الناصرية.
وبينت المصادر، أنه جرى تنفيذ أحكام الإعدام ببعضهم رغم إصابتهم بأمراض مزمنة، بينما يعاني آخرون من أمراض كلوية وتنفسية وجلدية، لافتين إلى أن الأحكام نُفذت دون إعلانها، وأُبلِغ ذووهم بتسلّم الجثث من دائرة الطب العدلي في الناصرية فيما بعد.
وتستمر حكومة الإطار التنسيقي بالالتفاف على الاتفاقات السياسية التي أُبرمت إبان تشكيل الحكومة والوعود التي قطعتها للقوى السياسية بالالتزام بملف المعتقلين والإسراع بإقرار قانون العفو العام، لدوافع طائفية.
وتمارس قوى وميليشيات الإطار التنسيقي، ضغوطًا كبيرة لعرقلة تمرير تشريع قانون العفو العام بصيغته الحالية، بذريعة إجراء “تعديلات جذرية” تفرغه من محتواه، وتجعل من نصوصه عاجزة عن إنصاف عشرات الآلاف من المعتقلين ممن زجوا في السجون ظلمًا وبتهم كيدية.
ومع استمرار العراقيل التي يضعها الإطار التنسيقي والتي حالت دون التمكن من قراءة مشروع القانون داخل البرلمان فإن أقوى تهديد صدر ضد المشروع كان من زعيم ميليشيا بدر وتحالف الفتح هادي العامري الذي هدد باللجوء للدم في حال تمريره.
وقال العامري في بيان “نعلن رفضنا لأي تعديل غير دستوري على قانون العفو العام؛ ما يتيح للتنظيمات الإرهابية فرص الالتفاف على دستور الدولة والإفلات من قبضة العدالة”.
وتابع، “كما سالت دماؤنا من أجل الدولة ومن أجل زج المجرمين في السجون فإنها ستعود تسيل لأجل منع إخراجهم منها ولن نخضع للاتفاقات السياسية”.
من جانبه قال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور أيمن العاني، إن “الإعدامات في العراق تجري وفق عقلية طائفية تتملكها الرغبة في القتل وهذه هي المعضلة التي يعاني منها العراقيون منذ عشرين عامًا”.
وأوضح العاني في حديثه لقناة “الرافدين”، أن مأساة مركبة يواجهها المعتقلون في السجون الحكومية، تتمثل في حرمانهم من حق الحياة بإعدامهم جماعيًا دون وجه حق، في نهج انتقامي ميليشياوي يفضح الوجه الحقيقي للحكومة الطائفية.
وأكد على أن قرارات الإعدام هذه لا يمكن أن تكون صادرة من جهة حكومية تحترم نفسها، بل تمثل انعكاسًا لأحقاد يدفع ثمنها العراقيون طوال العقدين الماضيين بشكل غير مسبوق.
وبين أن أحكام الإعدام تمت وفق مادة 4 إرهاب سيئة الصيت، وهي في حقيقتها مادة انتقامية جاءت لتصفية أبناء المحافظات المنكوبة تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
وشدد على أن قرارات الإعدام جائرة وتجري وفق محاكمات سرية وسريعة تفتقر لمتطلبات العدالة، دون السماح للمعتقلين بالدفاع عن أنفسهم.
وتتحدث تقارير محلية ودولية عن تنفيذ أحكام إعدام سرية بحق عدد من المعتقلين إبان فترة حكم نوري المالكي والحرب ضد “داعش”، وتم إخطار أسر المحكومين فقط بتسلم الجثث دون إحداث ضجة.
وكشفت التقارير عن إعدامات مفاجئة ، تقوم بها الحكومة الحالية في سجن الناصرية المركزي والمسمى بسجن “الحوت”، وإجبار أهالي المحكومين على التزام الصمت بشأن تلك الإعدامات، فيما ترفض وزارة العدل في حكومة الاحتلال التاسعة التعليق حول الموضوع.
وأكدت التقارير، أن ذوي المحكومين بالإعدام تلقوا اتصالات من إدارة السجن، تطالبهم بنقل جثامين ذويهم إلى المقابر، وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم الكشف عن أية معلومات.
وتعمل حكومة السوداني، على الإسراع بإعدام آلاف المعتقلين والذين يتجاوز عددهم 17 ألف معتقل، بالتزامن مع إقصاء العديد من الشخصيات السياسية المنافسة لها بالحكم، وتأجيل جلسة اختيار رئيس جديد للبرلمان، والمماطلة بإقرار قانون العفو العام الذي ترفضه الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران.
وفي تشرين الأول الماضي، حذرت هيئة علماء المسلمين في العراق من سعي الحكومة إلى تنفيذ أكبر عدد من أحكام الإعدام بحق المعتقلين في السجون الحكومية.
وأكدت الهيئة بحسب مصادر صحفية، أن أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، دعت الى المصادقة على تنفيذ أحكام الإعدام بحق أكثر من سبعة آلاف معتقل، موزعين على سبعة سجون حكومية.
وأشارت المصادر إلى أن الموقف الأخير للإطار التنسيقي جاء خلافًا لتعهده في المفاوضات التي جرت إبان تشكيل الحكومة، بمراجعة مواقفها من قضية المعتقلين استنادًا لدعوى المخبر السري، وإعادة النظر بالأحكام الصادرة وفقًا لاعترافات انتزعت تحت التعذيب.
وكانت مصادر محلية ودولية، قد أكدت، وقوع انتهاكات صارخة بحق المعتقلين في السجون المعلنة التابعة لحكومة بغداد؛ حيث يجري تعذيبهم بطرق بشعة ووحشية؛ لانتزاع الاعترافات منهم بالقوة، وحبسهم دون محاكمات.
وبينت المصادر أن الإهمال الصحي المتعمّد وقلّة التهوية في أماكن الاحتجاز، وفّر البيئة الخصبة لانتشار الأمراض، مشيرة إلى أنّ حملات الاعتقال العشوائية التي تنفذها القوات الحكومية سببت اكتظاظًا غير مسبوق في السجون.
وأكد ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أن عدد المعتقلين في السجون الحكومية المعلنة والموقوفين في مراكز الاحتجاز تجاوز المائة ألف.
وأوضحوا، أن الاكتظاظ الكبير الذي وصل الى 300 بالمائة؛ جعل المساحات المخصصة للمعتقلين معدومة، مع قطع شبه تام للكهرباء، وانعدام الوسائل الصحية، بالإضافة لوجود أعداد ليس قليلة من مصابي الأمراض الجلدية والتدرن الرئوي وغيرها يتعرضون للإهمال الطبي المتعمد ولا يحصلون على الرعاية الطبية، فضلًا عن شبهات الفساد في ملف الإطعام وغيرها من ملفات الفساد في السجون الحكومية.
وعلى الرغم من مطالبة قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ جميع المنظمات والمراكز والهيئات الحقوقية المعنية بأوضاع السجون و السجناء؛ بممارسة الضغط على حكومة بغداد الحالية للسماح لكل من له مصلحة بزيارة السجون الحكومية للوقوف على حقيقة ما يجري فيها، إلا أن وزارة العدل الحالية تواصل منع المنظمات الحقوقية من زيارة السجون والاطلاع على ما فيها.
وتنفذ السلطات الحكومية أحكامًا بالإعدام والسجن المؤبد بحق معتقلين أُدينوا بتهم تتعلق بالإرهاب، أو اعترفوا على جرائم لم يقوموا بارتكابها، تحت التعذيب الجسدي والنفسي.
وتؤكد العديد من المراكز الحقوقية المحلية والدولية أن المحاكمات التي تجري في العراق لا تستند لقانون أصول المحاكمات، وأنّ الإعدامات هي إجراءات انتقامية وطائفية وسياسية بحتة لا تمت للقانون بأي شكل من الأشكال، فضلًا عن أن أغلب المعتقلين يوقعون على اعترافات باطلة إثر التعذيب الذي يتعرضون له والتهديدات المستمرة لهم بملاحقة عوائلهم أو الانتقام منهم.