محللون سياسيون عرب يجمعون على أن الأيام ستكشف دلالات وأبعاد اغتيال العاروري
ما تقوم به قوات الاحتلال من جرائم وانتهاكات وحشية واغتيالات غير مشروعة هو نتيجة الصمت الدولي وعدم وجود آليات لمحاسبته وفتح تحقيقات في تلك الجرائم.
رام الله- رأى خبراء سياسيون فلسطينيون وعرب، أن عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت، يشكل مفترق طرق.
وطالبوا بضرورة التنبه في هذه المرحلة؛ إلى أن اغتيال الشيخ صالح في بيروت التي خرج منها سابقًا إثر ظرف خاص، فضلاً عن ثقله في ميدان المقاومة وجهده الفاعل في معركة طوفان الأقصى؛ لهما دلالات وأبعاد عدة، ستكشف عنها بلا شك الأيام القادمة.
ويقول الخبراء إن العملية قد تشعل الضفة وتتصاعد فيها عمليات المقاومة.
وأجمع الخبراء أن ما بعد العملية قد يدفع “إسرائيل” إلى أحد الاحتمالين: الأول هو ارتكاب مجازر جديدة، منتشية بـ “نصر” حققته باغتيال العاروري، والثاني يتمثل بنزولها عن الشجرة والقبول بتسوية مع المقاومة الفلسطينية متسلحة أمام شعبها بتحقيق نصر.
ومساء الثلاثاء، أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، بأن “إسرائيل” اغتالت العاروري في هجوم بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، لتعلن في وقت لاحق ارتفاع حصيلة قتلى عملية الاغتيال إلى 7، بالإضافة إلى 11 جريحًا.
وقال الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق “إن اغتيال الشيخ العاروري لن يؤثر، بلا شك، على المقاومة الإسلامية في فلسطين، ولن تخبو بفقدانه -بعون الله- جذوة عملياتها التي أخذت بعد ثلاثة أشهر من انطلاق معركة (طوفان الأقصى) تضرب عمق العدو بعدما كسرت قوّته وأفقدته توازنه وأثخنت فيه الجراح والآلام؛ لأن الشهادة على طريق الجهاد مظنة تحريض وإعداد وإقدام واستبسال.
وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أن الحركة “لن تهزم”.
الدكتور مثنى حارث الضاري: اغتيال الشيخ العاروري لن يؤثر، بلا شك، على المقاومة الإسلامية في فلسطين
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، أيمن يوسف، إنه “سيترتب على عملية الاغتيال 3 تداعيات، أولها وقف أي مسار تفاوضي وهدنات بين المقاومة وإسرائيل، واختلاق مجموعة من الأزمات، وتأجيل العديد من المبادرات، بحكم نقل إسرائيل المعركة إلى مربع وفضاء جديد”.
أما الثاني بحسب يوسف، يتمثل في “تصعيد العدوان وحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث من الممكن أن تستثمر إسرائيل عملية الاغتيال على أنها نصر، باعتبار أن العاروري الرجل الثاني في حركة حماس، وتترجم ذلك بمزيد من المجازر”.
أما الثالث، “قد ينعكس على الضفة الغربية كون العاروري ابن الضفة، ولديه شعبية في قواعد الحركة والفصائل الأخرى، وبالتالي قد يكون هناك ردود فعل عسكرية تنطلق من الضفة الغربية ضد أهداف إسرائيلية”.
وتابع “العملية تفضي إلى مرحلة جديدة من الأزمة، وقد تشمل كل الساحات، كل الخيارات مفتوحة”.
من جانبه، قال مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات، إن عملية الاغتيال تضع الصراع على مفترق طرق، أولهم يتمثل في اتساع وامتداد الصراع ليشمل كافة الساحات، واتساع رقعة المواجهة.
أما الثاني بحسب بشارات، “يكون هذا الاغتيال ثمنا للقبول الإسرائيلي بأثمان سياسية للمقاومة بغزة”.
إسماعيل هنية: المقاومة التي تقدم قادتها ومؤسسيها شهداء من أجل كرامة شعبنا وأمتنا لن تهزم أبدًا
ولكن بشارات يرى أيضا بأن “عملية اغتيال العاروري قد تعمل على تعزيز روح المقاومة في الضفة الغربية، وتدفع بالحالة الوطنية فيها لتنفيذ عمليات مسلحة، واستهدافات ليست من حماس وحدها، بل من جماعات وتنظيمات أخرى”.
أما الخبير الفلسطيني أحمد رفيق عوض، فقد رأى أن عملية الاغتيال ستخلق تداعيات كثيرة، ولكنها قد تدفع “إسرائيل” للنزول عن الشجرة، والقبول بتسوية سياسة مع فصائل المقاومة الفلسطينية”.
وأضاف عوض أن “إسرائيل ترى أنها حققت نصرًا وقد وصلت إلى أحد أهم أهدافها بقتل العاروري، وستطلب من الوسطاء ومن أصدقائها البحث عن سيناريو لإنهاء الحرب”.
وقال “منذ بدء الحرب، تكبدت إسرائيل خسائر كبيرة، وذهبت صورتها أمام العالم وأمام شعبها، واليوم تعيد بحسب رأيها شيء من هذه القوة الرادعة”.
لكن عوض يرى أن العملية بالنسبة للفلسطينيين، هي إعادة للمربع الأول وهو مربع الحرب، وهنا “إسرائيل” قد ترتكب مزيدا من الجرائم”.
سليمان بشارات: عملية الاغتيال تضع الصراع على مفترق طرق، أولهم يتمثل في اتساع وامتداد الصراع ليشمل كافة الساحات، واتساع رقعة المواجهة
وأوضح رئيس تحرير صحيفة “فلسطين كرونيكل” الأربعاء، أن اغتيال العاروري في منطقة سكنية بأحد أكثر شوارع بيروت ازدحامًا، في عاصمة عربية ودولة ذات سيادة هو “انتهاك صارخ للقانون الدولي”.
وأشار إلى أن “التوازنات في المنطقة تغيرت، ولن يمر هذا الاغتيال دون رد كما حدث في الماضي”.
وتابع “الحكومة الإسرائيلية تريد توسيع الصراع ليس لأنها قادرة على تحقيق النصر في صراع إقليمي، بل لأنها تعلم أنه بمجرد تحقق هزيمة نتنياهو في حربه على غزة فإن حكومته سوف تنهار وتنتهي مسيرته السياسية على الفور”.
ولفت بارود إلى أن القانون الدولي أثبت عدم فعاليته عندما يتعلق الأمر بغزة، معربًا عن اعتقاده أن القول إن القانون الدولي له قيمة فيما يتعلق بكيفية رد فعل العالم على اغتيال العاروري هو مجرد خطاب سياسي.
وأردف “أعتقد أن رد الفعل الحقيقي على هذا الهجوم سيأتي من المقاومة نفسها، والباقي بصراحة جعجعة”.وقال إيميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن “اغتيال العاروري في قلب معقل حزب الله ببيروت يعد إذلالا “واختبارا كبيرا لحزب الله… فهل سيخاطر بخوض حرب كبيرة ردًا على (مقتل) قائد غير لبناني؟ وإذا لم يفعل، هل سيحتفظ حزب الله بمصداقية ردعه؟”.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، إن “ما قامت به إسرائيل باغتيال العاروري جريمة حرب كبرى وإرهاب دولة”.
وأكد على أن “ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي، هو نتيجة الصمت الدولي وعدم وجود آليات لمحاسبته وفتح تحقيقات في تلك الجرائم”.