أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدولية

الدكتور مثنى الضاري: كلام السوداني ذر للرماد في العيون وهو دائم الاجتماع مع رومانوسكي لضبط سياسة الحكم

مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري: الحديث عن حرب جديدة وإخراج قوات الاحتلال لا يمكن أن يصدقه عاقل في العراق وفي المنطقة.

عمان / ليث الجنيدي / الأناضول
مع تصاعد التوتر في العراق بين فصائل مسلحة تعتبرها سلطات بغداد قوى أمن رسمية، والقوات الأمريكية، على خلفية الحرب “الإسرائيلية” على غزة، ترتفع حدة مخاوف دول المنطقة من تداعيات تلك المواجهات، ونشوب أزمة جديدة تفاقم حجم الأعباء عليها.
التطورات اللافتة في العراق، تفرض تحديًا جديدًا على دول الجوار، خاصة الأردن، لا سيما أن المملكة تعقد آمالا على جارها الشرقي، وتعتمد في سد جزء من احتياجاتها النفطية على ما يأتيه منه، فضلاً عن تحالف مفترض يجمعهما مع مصر، بات يعرف بـ”تحالف الشام”.
وكالة أنباء “الأناضول” أجرت مقابلة عبر تطبيق “زوم” مع مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين بالعراق الدكتور مثنى حارث الضاري، تحدث خلالها عن واقع بلاده، والآثار المتوقعة على دول المنطقة.
وقال الضاري “العراق منذ ساعة الاحتلال الأمريكي ليس على ما ينبغي، والأمور فيه سيّالة، وكل يوم نجد حدثًا جديدًا وتطورا ما”.
وأضاف “للأسف (..) مشروع الاحتلال السياسي ما زال عاملا في العراق، والنظام السياسي الذي بُني على عين الاحتلال قائمٌ بتمثيلاته المختلفة وحكومات الاحتلال المتتابعة”.
وزاد “أي متابع للشأن العراقي، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، يقف بسهولة ويسر على الكثير من المآخذ والمصائب والوقائع التي تجعل من العراق يعيش وضعية النكبة، دون أي أفق لحل ما”.
واعتبر أن “الحديث عن حرب جديدة وإخراج قوات الاحتلال لا يمكن أن يصدقه عاقل في العراق وفي المنطقة”.
وبخصوص حديث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن إنهاء وجود التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، قال الضاري “هو لذرّ الرماد في العيون”.
وفي الخامس من كانون الثاني الجاري، أعلن السوداني تشكيل لجنة ثنائية لترتيب إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق، مؤكدًا موقف بغداد “الثابت والمبدئي” لتحقيقه، وذلك بعد أيام من ضربات أمريكية لمواقع عراقية عدّتها بغداد “عدائية ومساسًا بالسيادة”.
في المقابل وبعدها بأيام، نفت وزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون” أي خطط لسحب قواتها من العراق، وهو ما يتعارض مع تصريحات بغداد، كما أعلنت في الخامس من كانون الثاني مقتل أبو تقوى السعيدي، أحد زعماء ميليشيا النجباء، وهي قوة مليشيا شيعية تابعة للحشد الشعبي المقرب من إيران، في غارة جوية ببغداد، “لأنها كانت تنظر إليه على أنه يشكل تهديدا”.
ورأى الضاري أن “هذا الخطاب المعلن (لحكومة العراق) يأتي من نظام سياسي عقدت إحدى حكوماته اتفاقية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، ومن نظام سياسي يعُد واشنطن صديقًا للعراق”.
واعتبر أن “ما يجري في العراق هو مقتضيات الصراع الأمريكي الإيراني التخادمي”.
وتساءل “كيف لنا أن نفهم تصريح السوداني في ظل الاجتماعات المستمرة مع السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي، والتي تكاد تكون أسبوعية لضبط سياسة الحكم؟”.
وبسؤاله عن دوافع الاستهداف الأمريكي لقوات الحشد الشعبي في العراق ما دام هناك “تفاهمات” بين واشنطن وطهران، أجاب الضاري “الدوافع معلومة، فكلنا يعلم أن الصراع بين الدول تنتابه أحيانًا مراحل من التدافع اللين أو الهين”.
واستطرد “عندما تتقاطع مصالح قوتين أو دولتين في مكان أو زمان ما، تبدأ كل واحدة منهما تدفع الأخرى بطريقة ما”.
وبيّن “ليس بالضرورة أن يكون هناك جلوس إلى الطاولة وتقسيم للكعكة، فالولايات المتحدة احتلت العراق وهي في المنطقة لأهدافها الخاصة، وإيران أخرجت العراق من معادلة القوة في المنطقة، واستطاعت أن تفرض نفسها قوة كبيرة فيها”.
واعتبر الضاري أن أسباب الضربات الأمريكية للحشد الشعبي في العراق “وجود قواعد اشتباك ينبغي عدم تجاوزها، وأن هناك رسائل متبادلة بين الطرفين (طهران وواشنطن)”.
وأضاف “العالم يعرف أن إيران تتحكم في مشهد الحرب الخارجية، وهنا أقصد حرب (طوفان الأقصى) في غزة، من خلال ضبط كل وكلائها في المنطقة وعدم الذهاب إلى توسعة الحرب؛ لأن ذلك سيضر بمصالحها والولايات المتحدة وإسرائيل”.
وتابع “إيران هي التي تحدد لكل أذرعها في المنطقة، وتحديدًا في العراق، مديات استهداف القوات الأمريكية وطريقته ودرجته؛ لتوصل إلى المجتمعات العربية والمسلمة بأنها حليفة للمقاومة الفلسطينية وتشارك فيها وفي المعركة معها”.
وأكد الضاري أن “المنطقة ليست ذاهبة إلى حرب، والعراق تحديدًا مضبوط إيرانيًا وأمريكيًا لدواعٍ ومصالح خارج الساحة العراقية، تقتضيها ظروف إدامة (التخادم) بين واشنطن وطهران إلى حين، حتى يفرغوا من هذه القضية ثم ينصرفوا”.
واستدل على التفاهم الأمريكي الإيراني بأن كليهما لم يدخلا “معركة حقيقة وواسعة (فيما بينهما)”، مشيرًا إلى أنها تقتصر على “تهديدات وضربات، والردّ الأمريكي دائما ما يكون منضبطًا إلى حد يختلف عن ردها وحلفائها في هجمات أخرى، خاصة فيما يسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب”.
الدكتور الضاري وفي توضيحه أنّ “ما كان يجري في العراق هو افتعال للأزمات هدفها التأثير على دول الجوار”، قال “الغاية الأولى لها مقتضيات في صراع الطرفين (إيران والولايات المتحدة)، فكل طرف يحاول أن يحسّن من وضعه التفاوضي أمام الطرف الثاني عسكريًا وسياسيًا”.
واستطرد “بالنتيجة، المتأثر الأول في ذلك هو دول المنطقة، فالعراق أولا هو الساحة البرية الوحيدة للمواجهة الأمريكية الإيرانية، ثم دول المنطقة”.
وتابع “تأثيرات الصراع الأمريكي الإيراني على المنطقة كبيرة جدا، وتدخلات طهران في صياغة المشاهد في عدد من الدول العربية ظاهرة ومكشوفة”.
وأستبعد الضاري أن يكون ما يجري في العراق “تشتيت انتباه عما يجري في قطاع غزة”، معتبرًا أن ذلك يكون “عبر التضييق على العدو في المناطق التي يمكن الوصول إليها والتي من بينها جنوب لبنان وسوريا”.
وأوضح “الأحداث التي تجري في العراق هي للتشتيت (..) للتشتيت على الدور الإيراني الخطير في المنطقة عمومًا، والخطر في الإجهاز على المقاومة الفلسطينية في غزة من خلال عدم توسعة نطاق المعركة وضبطها بكل السبل، وللتشتيت على الأمة أيضا وإيهامها بأن إيران منخرطة في هذه المعركة”.
فيما يتعلق بالأردن، أشار الضاري إلى أنه “جزء من الحالة العربية المتأثرة بما يجري في العراق، والمملكة متأثرة منذ ساعة الاحتلال حتى اللحظة”.
لكنه اعتبر أن في الأردن “حالة من الأمن والاستقرار، ولم تتطور الأوضاع فيه إلى حد تدخلات إيرانية كما حصل في بلدان أخرى”.
وشدد على أن “الأردن لم يستفد الفائدة الاقتصادية الحقيقية التي كان يرجوها من الوعود التي تطلقها الحكومات المتتابعة في العراق”.
وتناول الضاري موضوع أنبوب النفط الذي كان من المفترض أن يمتد من العراق إلى الأردن لحل مشكلاته ومشكلة تصدير النفط العراقي، مبيناً أنه “لم يقم حتى الآن”.
وكشف عن أن “هناك دعوات لقوى ميليشياوية وأحزاب متشددة وبعض الأذرع الإيرانية ومن يسميهم العراقيون بـ(الولائيين، يدينون بالولاء لنظام ولاية الفقيه بقيادة المرشد الإيراني علي خامنئي) إلى تغيير مسار هذا الأنبوب إلى سوريا؛ بحجة أن المملكة غير داخلة في سياقات ما يسمونه محور المقاومة”.
ووقّع الأردن والعراق في التاسع من نيسان 2013، اتفاقية إطار لمد أنبوب لنقل النفط العراقي الخام من البصرة إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة، بكلفة إجمالية للمشروع قُدرت في ذلك الوقت بـ18 مليار دولار.
وأوضح الضاري “إلى الآن لم يحصل الأردن على شيء، وجزء كبير من الناس لا يعلمون أن ما يصل له من النفط العراقي خلال الشاحنات هو 10 بالمئة فقط من حاجة المملكة، وممكن لأي دولة عربية أن تقوم بهذا الأمر”.
يشار إلى أن الأردن والعراق مرتبطان باتفاق آخر في المجال النفطي، وهو نقل النفط من كركوك إلى الأردن من خلال الصهاريج، وفق مذكرة التفاهم يعمل الأردن بموجبها على شراء النفط الخام العراقي (خام كركوك) لاستيراد 10 آلاف برميل نفط يوميا.
ولفت الضاري “ستبقى هذه الضغوط على الأردن وعلى المنطقة، ولن يستفيد شيئا يمكن أن يقال بأنه سيحدث نقلة ما في اقتصاده”.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الضاري دعا الأردن إلى “أن يُبقي الخطوط متصلة؛ لأن الأوضاع فيه والمنطقة عموما تقتضي ذلك للاستفادة من تسيير الأمور وبقائها على ما هي عليه إن أمكن”، مردفاً “لكن نتمنى عدم التعويل على الوعود”.
أما بخصوص انعكاسات الأحداث في العراق على ما بات يعرف بـ”تحالف الشام” مع الأردن ومصر، قال الضاري “هو غير موجود ولم نلمس شيئا منه”.
وأضاف “الأحداث الموجودة نعم تزيد من فرص عدم قيام هكذا تحالف، لكن على فرض أن هذه الأحداث غير موجودة، أنا أقول لن يقوم أي تحالف لأن هناك شريك مشاكس مرتبط بقرار إيراني”، في إشارة إلى العراق.
ورأى “أن القرار العراقي مرتبط بالإيراني، وطهران لن تقدم على خطوة فيها جدوى حقيقية لقيام شراكات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية بالمنطقة”.
يذكر أنّ تحالف الأردن والعراق ومصر، بات يُطلق عليه اسم “الشام الجديد”، الذي بدأ الحديث عنه عقب عقد مجموعة من القمم بين الدول الثلاث.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى