أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

ميليشيات متنفذة تصادر أراضي مواطنين في منطقة المدائن بتواطؤ الجهات الحكومية

الميليشيات الطائفية تعمل على إخراج أصحاب الأراضي في أقضية الطارمية، والتاجي، والمدائن ونواحي حزام بغداد، من أجل تغيير هوياتها ديموغرافيًا.

بغداد ــ الرافدين
تثير ظاهرة الاستيلاء على الأراضي والممتلكات العامة مخاوف الكثير من المراقبين للشأن العراقي وسط تعاظم نفوذ سطوة الميليشيات والأحزاب وسط عجز حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في محاسبة الجهات التي تستولي على أراضي وممتلكات الدولة.
وقامت الميليشيات الموالية لإيران بالاستحواذ على ممتلكات وأراضي المواطنين في منطقة المدائن جنوب شرق بغداد من خلال استخدام أساليب الترهيب ضد المواطنين وإجبارهم على المغادرة.
ووثق المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب تعرض عدد من أبناء المنطقة لعمليات ابتزاز وتهديد من قبل ميليشيات متنفذة دون أي تدخل من قبل القوات الأمنية.
وقال المركز إن الميليشيات تستغل التهم الكيدية والخلافات العشائرية لإجبار المدنيين على بيع أراضيهم أو تهديدهم بالقتل للتنازل عنها، مشيرًا إلى وجود جهات رسمية وشركات وتجارًا من طرف الميليشيات يقومون بشراء هذه الأراضي.
وكشفت مصادر صحفية عن تهديد الميليشيات المسلحة لكثير من أصحاب الأراضي في مناطق حزام بغداد، من أجل فرض سيطرتها على تلك المناطق.
وأوضحت المصادر، أن الميليشيات تعمل على إخراج أصحاب الأراضي في هذه المناطق من أجل تغيير هوياتها ديموغرافيًا عبر تهديد المواطنين كما يجري في أقضية الطارمية، والتاجي، وغيرها ونواحي أطراف العاصمة بغداد.
وساهمت الفوضى التي عمت العراق بعد عام 2003 والأزمات السياسية في فسح المجال أمام الأحزاب المتنفذة باستيلاء على الأراضي والعقارات وتغيير جنسها في جميع المحافظات في ظل المحسوبية، إضافة إلى التجاهل القضائي والحكومي الذي شجع الأحزاب والميليشيات لاحتلال الأراضي والعقارات الحكومية وكذلك التابعة للمواطنين.
ويشكل الاستحواذ على الأراضي من قبل الميليشيات الموالية لإيران أحد أبرز وسائل تحقيق مخطط التغيير الديمغرافي كونه عاملًا مهمًا في تهجير السكان من مناطقهم.
وتتفاقم ظاهرة الاستحواذ على الأراضي من قبل الجهات المتنفذة حتى أصبحت تهدد الأراضي المخصصة للناشطات الرياضية والماسحات الخضراء التي تعد المتنفس الوحيد للأهالي.
وتوفر القوات الأمنية الغطاء الأمني للجهات المتنفذة من خلال مداهمة الأراضي والملاعب الرياضية والاستيلاء على هذه الساحات بالقوة كما حدث مؤخرًا في منطقة التاجي شمالي بغداد.
وتعمل جهات متنفذة للاستيلاء على ملعب رياضي في ناحية الحماميات في التاجي وبتواطؤ من قبل الجهات الحكومية في المنطقة التي تسهل عملية الاستحواذ على الملعب مقابل مصالح شخصية بحسب حديث أهالي المنطقة.
وعرض برنامج صوتكم الذي تبثه قناة “الرافدين” حديث أهالي الناحية وهم يناشدون لمنع الاستيلاء على الملعب الرياضي من قبل المتنفذين.
ولوحوا بالتظاهر والعصيان في حال الاستيلاء على الملعب الذي يعد المتنفس الوحيد لشباب المنطقة، محملين الجهات الحكومية بالناحية المسؤولية الكاملة.

ولا تعد هذه الحادثة الأولى من نوعها حيث سبق أن استهدفت الكثير من الملاعب الرياضية الشعبية في عدد من المحافظات أمام مرأى ومسمع من الجهات المعنية.
وسبق أن ناشد لاعبون بفرق شعبية في محافظة النجف بعد مداهمة قوة أمنية لساحتهم بهدف الاستيلاء عليها، مؤكدين على تنصل المحافظ وقائد الشرطة عن المسؤولية وأنكار معرفتهم بالجهة التي داهمت الملاعب بهدف الاستيلاء عليها.
وأضاف اللاعبون أنهم تعرضوا للتهديد المباشر بالسجن من قبل المستثمرين الذين سيحولون هذه الملاعب لمشاريع ومبان خاصة بهدف الربح.
وتستغل الأحزاب السياسية سطوتها وسلاح الميليشيات للاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي وتحويلها إلى مشاريع صناعية في عمليات غسيل أموال مكشوفة ومن غير مساءلة قانونية.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة، عن وجود قلق حقيقي جراء تنامي خطر عصابات وشبكات مدعومة من الميليشيات تعمل على نهب الأراضي العائدة للدولة والمواطنين تحت مبدأ فرض الأمر الواقع من أجل بيعها وكسب مليارات الدنانير.
وأكدت المصادر، وجود تقارير مهمة تم تقديمها من نائب سابق مضمونها أنقذوا ديالى من عصابات الأراضي لافتة إلى تعرض أحد المسؤولين الذين حالوا فضح تلك العصابات إلى التهديد عقب إحباط نهب مئات الدونمات.
وأشارت المصادر إلى أن ملف الأراضي في ديالى شائك ومتورطة به جهات عدة وأن فتحه سيؤدي لمفاجئات كبيرة ومحرجة لقوى سياسية معروفة ولاسيما أن هناك من يستغل اسمها في فرض إرادته بطرق مختلفة.
واتهم النائب رعد الدهلكي، جهات متنفذة بالاستيلاء على الأراضي الزراعية التي تعود عائديتها لمواطنين في ديالى.

المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب يوثق استخدام الميليشيات المتنفذة أساليب الترهيب والابتزاز ضد المواطنين في منطقة المدائن جنوب شرق بغداد وإجبارهم على المغادرة دون تدخل القوات الأمنية

وقال الدهلكي إن جهات متنفذة حزبية وميليشياوية تعمل على الاستيلاء على الأراضي الزراعية بدوافع طائفية وذلك من خلال ملاحقة المزارعين بتهم كيدية تتعلق بالإرهاب ومن ثم اجبارهم على التنازل عنها أو تركها دون زراعة، بسبب تهديد تلك الجهات لتكون أرض غير مستغلة.
وبين أن تلك الجهات تستغل القانون رقم 80 الذي ينص على فسخ العقود الزراعية مع الفلاحين الذين لا يستغلون أراضيهم، ومن ثم تقوم بتحويلها إلى مجمعات سكنية مستغلة نفوذها في الدولة وضعف القانون.
ويرى عضو لجنة النزاهة النيابية النائب عبد الكريم عبطان، أن ظاهرة الاستيلاء والتجريف التي تطال البساتين والأراضي مخالفة قانونية صريحة وواضحة، حيث تحولت هذه البساتين إلى مدن عشوائية، ولا يوجد فيها أي معايير للتصاميم الأساسية.
وأكد على أن هناك جهات متنفذة يدها أعلى من يد القانون، تقوم بعمليات التجريف وبناء العشوائيات لأغراض غسيل الأموال، وكثير من الجهات استفادت من هذا الأمر، منها ما هو متنفذ أو تاجر أو تغيير ديمغرافي.
ودعا الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية في وقت سابق إلى وقف عمليات تجريف البساتين، واصفًا إياها بأنها سرقة للأراضي الزراعية تقوم بها جهات متنفذة، لتحويلها إلى مشاريع استثمارية، الغاية منها إعادة دخول الأموال المهربة بأطر شرعية.
ومن جهته قال أمين سر اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة البصرة توفيق علي، إن مشكلة تجريف الأراضي والبساتين تجعل محافظة البصرة من أكثر المحافظات تضررًا.
وأضاف أن هناك عمليات تجريف ممنهجة تستهدف الأراضي والمساحات الخضراء بسبب التوسع السكاني وعدم معالجة مشكلة السكن، فضلًا عن زحف السكان من المدن نحو القرى والبساتين.
وأجمع مراقبون على أن عمليات تجريف الأراضي والاستيلاء عليها ترتبط بجرائم غسيل الأموال، التي تتورط فيها أحزاب السلطة وميليشياتها، لافتين أن المساحات الحكومية باتت ضحية لتلك الجرائم التي يتبعها السماسرة من أجل تبييض الأموال المسروقة.
وأشاروا إلى أن عمليات إزالة المساحات الخضراء والملاعب الرياضية غير قانونية أو حصلت على تصاريح بناء احتيالية، أدت إلى تدمير آلاف الهكتارات بتواطؤ صارخ من قبل الجهات الحكومية.
وقال الأمين العام لمجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق الشيخ أحمد الغانم خلال مداخلة له على قناة “الرافدين” إن عمليات الاستيلاء على الأراضي وتحويلها إلى مناطق سكنية عشوائية تأتي في سياق سيطرة الميليشيات على كل شيء وتسخير مقدرات البلد لمصالحها.
وسبق أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن لصوص الدولة في العراق يقومون بغسيل الأموال التي استولوا عليها ببناء مجمعات سكنية وأسواق، مؤكدة على أن الاستثمار العقاري في بغداد بات أداة رئيسية لغسيل الأموال في العراق.
ووصف باحثان عراقي وأمريكي ما يحدث في الاستيلاء على العقارات في منطقة الجادرية بإمبراطورية الممتلكات غير المشروعة المتنامية التي أصبحت بحوزة الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، بالتوازي مع غسيل الأموال القذرة في العقارات والأراضي.
وتتصاعد باضطراد مخططات زعماء الميليشيات في إدارة غسيل الأموال القذرة والثراء غير المشروع من خلال الاستحواذ على عقارات المواطنين بعد أن تم الاستيلاء على عقارات الدولة منذ احتلال العراق عام 2003.
وقال الصحفي أحمد الجميلي في مداخلة لقناة “الرافدين” إن المواطن بات يعلم يقينًا بأن الميليشيات أقوى من الدولة وما حدث في منطقة الدورة ببغداد من الاستيلاء على أراضي المواطنين إلا دليل على سطوة الميليشيات وسلاحها المنفلت.
وأضاف الجميلي، أن الميليشيات في بغداد تسيطر على مئات الأراضي الزراعية وقامت بتوزيعها على مؤيديها وعوائل منتسبيها دون أي إجراء من قبل الجهات الحكومية ضد هذه الانتهاكات.
وكشف المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس في تقرير مشترك مع أمير الكعبي المتخصص في شؤون الميليشيات المسلحة في العراق وسوريا، أسماء زعماء متنفذين في الحشد الشعبي قاموا بالاستيلاء على عقارات في منطقة الجادرية في بغداد.
وقال عضو الميثاق الوطني عبد القادر النايل إن المليشيات الطائفية هددت الكثير من المزارعين وأصحاب البساتين من خلال سلسلة اغتيالات واعتقالات وطرد السكان على أساس مذهبي وطائفي من أجل تحقيق هدف فرض سيطرتها على هذه المناطق.
ووصف النايل هذه الأفعال بأنها جريمة دولية تندرج تحت التطهير الطائفي والعرقي، كما حدث لأهالي جرف الصخر وقرى الغمام في ديالى، ومنطقة سليمان بك في محافظة صلاح الدين وغيرها من المناطق التي أصبحت بلا سكان.
وأكد على أن هدف الميليشيات من السيطرة على المناطق وتجريف بساتينها اقتصادي من أجل السيطرة على الأراضي والممتلكات، وتغيير هويتها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى