الناطق باسم السوداني يزيف حقيقة سيطرة الميليشيات الولائية على جرف الصخر
تصريحات اللواء يحيى رسول المتحدث العسكري باسم السوداني استعراض إعلامي هدفه صرف النظر عن حقيقة ما يجري في جرف الصخر، والتعتيم الإعلامي عن هذه المنطقة.
بغداد – الرافدين
أثارت تصريحات الناطق العسكري باسم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني اللواء يحيى رسول والتي نفى فيها وجود منع على دخول القوات الأمنية لمنطقة جرف الصخر سخرية العراقيين لما فيها من تزييف لواقع المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات الولائية.
وقال رسول في مقابلة تلفزيونية “إن وزير الداخلية يتواجد يوميًا في المنطقة، فضلًا عن قائد عمليات كربلاء، وإن بعض الأماكن في الجرف لا ترغب وزارة الدفاع في العراق أن يصلها أحد لكونها معسكرات خاصة وفيها أسرار خاصة” دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.
وكان رئيس مجلس النواب المقصي محمد الحلبوسي قد كشف في حوار تلفزيوني سابق بأن جرف الصخر منطقة محرم دخولها على أي مسؤول عراقي بما فيهم “القائد العام للقوات المسلحة”.
وتسيطر ميليشيات ولائية على المنطقة منذ اجتياحيها وتهجير أهلها والاستحواذ على بيوتهم وأراضيهم الزراعية وتحويلها إلى معسكرات بإشراف عناصر من فيلق القدس الإيراني.
وتحولت ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل إلى قاعدة خاضعة لعدد من الميليشيات أبرزها ميليشيا حزب الله والنجباء وبدر والعصائب، وترفض هذه الميليشيات عودة أهالي هذه المناطق بذريعة الإرهاب، وتمنع المنظمات الحقوقية أو أي مسؤول حكومي من الدخول إليها.
وفي الوقت الذي يعيش فيه أهالي جرف الصخر مأساة نزوحهم من أرضهم للعام التاسع على التوالي، أكد رسول بأن جرف الصخر آمنة وأبدى استعداده للتجوال فيها مع وسائل الإعلام، الأمر الذي تحول إلى مادة للسخرية في الشارع العراقي.
وكان رسول قد نفى علمه بأي تواجد عسكري إيراني في جرف الصخر، مضيفًا أن ما يتردد في الأوساط الاجتماعية والإعلامية من وجود سجون سرية أو كلية عسكرية إيرانية، أو استخدام المنطقة لزراعة المخدرات، لا صحة له إطلاقًا.
وشبه مدونون وأكاديميون عراقيون اللواء يحيى رسول وتزييفه للحقائق وتلميع صورة الحكومة وميليشياتها، باللواء عبد الكريم خلف إبان حكومة عادل عبد المهدي والذي بالغ في تلميع صورة الحكومة ونفى قتل الميليشيات لمتظاهري ثورة تشرين عام 2019.
وتساءل عراقيون: أين كان اللواء يحيى رسول من تهديد الميليشيات الصريح للحكومة، باستحالة وصولها إلى جرف الصخر.
وتكشف تصريحات المتحدث باسم السوداني التناقض الواضح بين ما يظهر في الإعلام وحقيقة الوضع القائم في منطقة جرف الصخر والتي لا يُسمح حتى لرئيس الوزراء بالدخول إليها.
ويصف مراقبون أن ما جاء على لسان المتحدث باسم السوداني استعراض إعلامي هدفه صرف النظر عن حقيقة ما يجري في جرف الصخر، والتعتيم الإعلامي عن هذه المنطقة، على الرغم من مرور أكثر من تسعة أعوام على انتهاك المعارك فيها.
وتمثل منطقة جرف الصخر أهمية كبرى للميليشيات الولائية، حيث أنشأت فيها الكثير من المقرات العسكرية ومخازن للسلاح الثقيل والمتوسط وورشًا ومصانع مختلفة، بينها مخازن للطائرات المسيّرة، في حين أفادت تقارير بتورط هذه الميليشيات بتجميع وتجارة المخدرات فيها.
وبينما تدفع الميليشيات الولائية في الحشد الشعبي باتجاه تغيير شكل الناحية وطمس تاريخها وفتح معسكرات فيها بإدارة الحرس الإيراني، ما زال المهجرون من هذه الناحية يعيشون في خيم بالية غير صالحة للعيش في مخيمات بزبيز بمحافظة الأنبار، على الرغم من أن الحرب وضعت أوزارها في الناحية منذ نحو عقد من الزمن.
وأجمع مهجرو ناحية جرف الصخر في مخيمات بزيبز في محافظة الأنبار على تفاقم معاناتهم الإنسانية بسبب إهمال الجهات الحكومية.
وقال أحد المهجرين من جرف الصخر في تصريح لقناة “الرافدين” “10 سنوات ونحن نعاني من أزمات شتى منها انقطاع الكهرباء وقلة الخيم واضطرار الكثيرين إلى بناء بيوت طينية لتكفيهم برد الشتاء وحر الصيف”.
وسبق أن شارك نواب ومسؤولون حكوميون بحملة للتحريض على المهجرين قسرًا من جرف الصخر بضمنهم المسؤول الأمني في ميليشيا حزب الله أبو علي العسكري الذي وصف النازحين بـ”الإرهابيين”. من غير أي رد فعل حكومي على هذا التحريض.
وقال “إن عودتهم إلى العوجة وآمرلي وبلد وأبو غريب وجرف الصخر والكرمة ومناطق البو نمر والجغايفة وسنجار ومثيلاتها هي حلم عودة إبليس إلى الجنة”.
ووصف النائب عن محافظة بابل علي تركي، عودة سكان جرف الصخر بـ “عودة الإرهاب”، قائلًا “ملف جرف الصخر لا يمكن الخوض به، حيث لن يسمح بعودة الإرهاب إلى هذه المنطقة”.
كما شاركت كتلة “صادقون” البرلمانية التابعة لميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي في هذا التحريض بالقول “إن القوى السياسية السنية تعلم أنه لن يسمح بعودة سكان جرف الصخر، في تحدٍ واضح للحكومة التي ادعى المتحدث العسكري باسمها أنها آمنة ولا وجود لنشاطات عسكرية فيها”.
وسبق أن أشار، الكاتب السياسي عبد السلام ياسين السعدي، خلال مداخلة له على قناة “الرافدين”، إلى عدم وجود أي مخاطر أمنية حقيقية تعيق عودة مهجري جرف الصخر، بل هي مزاعم تسوقها الأحزاب والميليشيات لدوافع معروفة.
وشدد على أن “الحجج الحكومية التي تمنع عودة النازحين إلى جرف الصخر واهنة، وأن الأسباب الحقيقة تعود إلى نقل إيران عبر أذرعها المسلحة ترسانة أسلحة للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية إضافة إلى السجون السرية والحديث عن مزارع للمخدرات تم إنشاؤها في هذه المنطقة”.