مستشفيات العراق المتهالكة تغرق بالأمطار وتكشف زيف إنجازات حكومة الإطار
غرق مستشفى اليرموك في العاصمة بغداد بمياه الأمطار يثير سخرية وانتقادات، ويفند تصريحات حكومة الإطار التنسيقي بشأن تأهيل وتطوير القطاع الصحي في العراق.
بغداد – الرافدين
أثار غرق مستشفيات وشوارع وأحياء سكنية في مناطق عدة من المحافظات العراقية بعد هطول أمطار في اليومين الماضيين موجة سخط بين المواطنين، متهمين الحكومة بالفساد والإهمال لا سيما أن المشهد يتكرر مع كل هطول للأمطار.
وشهد العراق موجة أمطار غزيرة خلفت كثيرا من الأضرار في عموم المحافظات إذ اجتاحت المياه المنازل فضلا عن دوائر ومؤسسات حكومية منها المستشفيات.
وتداول ناشطون ومدونون عراقيون مشاهد مصورة لغرق مستشفى اليرموك أحد المستشفيات الرئيسة في بغداد وسط انتقادات ومطالبات بإيجاد حلول.
وأظهرت المشاهد المصورة دخول المياه إلى ردهة الطوارئ ومحاصرة المرضى ما اضطر الكثير من ذوي المرضى إلى نقلهم إلى مستشفيات أخرى.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة وتكرر غرق المستشفيات لم تعلق وزارة الصحة على الأمر.
وذكرت مصادر في الوزارة أن “المياه اجتاحت مستشفيات ومراكز صحية عدة في بغداد ومحافظات أخرى منها ديالى وواسط وغيرها، وقد تسببت بإرباك كبير وأثرت على الحالة الصحية للمرضى”.
وبينت أن “معظم المستشفيات والمستوصفات في البلاد قديمة ومتهالكة، ومستوى الخدمات فيها متراجع بشكل كبير، كما أن أعمال الصيانة ضعيفة جدا، وهو ما تسبب باجتياح المياه لها”.
وتساءل ناشطون عن مصير المليارات التي صرفت على تأهيل وترميم المستشفيات ومنظومة الصرف الصحي على مدى عشرين عاما بينما تشهد انهيارا واضحا.
وانتقد الناشطون فشل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني والتي تطلق على نفسها “حكومة خدمات” في تطوير البنى التحتية في البلاد وسوء الخدمات وعدم تحقيقها أي منجز على الرغم من الوعود الكثيرة بالإصلاح.
ويتكرر مشهد غرق الشوارع والمؤسسات الحكومية كل عام، جراء تهالك البنى التحتية الخاصة بشبكات صرف المياه.
وسبق أن أقرت لجنة الصحة والبيئة النيابية، أن وزارة الصحة تعاني “دمارا” نتيجة الفساد الإداري والمالي الذي شهدته منذ سنوات ماضية، وأكدت الحاجة لبناء 94 مستشفى في البلاد.
وقال عضو اللجنة، باسم الغرابي، إن “وزارة الصحة تعاني من تهالك بناها التحتية ومؤسساتها الصحية وأجهزتها الطبية”.
وأوضح أن “وزارة الصحة استشرى فيها فساد إداري ومالي منذ سنوات، ما أنهك مؤسساتها الصحية، حتى أن الإشغال السريري في داخل المستشفيات المتهالكة قليل، لأنه لا توجد خدمات صحية داخل المستشفيات، كما أن الرعاية الطبية الأولية تكاد أن تصل إلى الصفر”.
وأضاف أن ما فاقم المشكلة الصحية هو عدم بناء مستشفيات جديدة، وعلى الرغم من إحالة مستشفيات منذ عام 2014 إلا أن نسبة كبيرة منها لم تُسلّم إلى هذه اللحظة.
وكثيرا ما تطلق الحكومات المتعاقبة تصريحات ووعودا حول تأهيل المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية الحديثة فيها، إلا أن السمة الأبرز في هذه المشاريع التلكؤ في إنجازها وسرقة الأموال المخصصة لها في وقت يعاني فيه قطاع الصحة من نقص في المستشفيات.
ويرى مراقبون أن مشاريع الإعمار التي تجري في البلاد هي عبارة عن استعراضات إعلامية وإجراءات ترقيعية لا تسهم في تطوير البنى التحتية والارتقاء بها، بسبب تفشي الفساد واستغلال المال العام في المؤسسات الحكومية.
وقال الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، إن “عمليات الإعمار تجري بطريقة ترقيعية ما يجعلها بلا فائدة، أو بفائدة محدودة لا تُسهم في تحقيق النجاح الكافي، فضلا عن عدم إضافة شيء للبنى التحتية، بل تقتصر على عمليات سطحية ترقيعية وقتية ليس لها أي مردود إيجابي على المدى المتوسط والبعيد”.
وأضاف “نتيجة لهذا، فإن البنى التحتية في تراجع وانهيار، ما حوّل العراق إلى بيئة فاقدة للخدمات بالشكل الأمثل، ورغم الأموال المرصودة لتطويرها لكن على أرض الواقع لا يوجد شيء ملموس”.
وأوضح أن ” حملات الاعمار أصبحت بابا من أبواب الفساد، وضياعا للأموال دون تحقيق النفع العام، حيث تأتي هذه الحملات الترقيعية بشكل متعمّد للإبقاء على بنى تحتية متردية يستغلها الفاسدون في سرقة المال العام”.
وكان موقع “نومبيو” الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم وجودة الرعاية الصحية، قد صنف العراق بالمرتبة الثالثة كأسوأ دولة في مجال الرعاية الصحية الأولية بالعالم، وذكر الموقع في تقريره لعام 2023 أن العراق جاء بالمرتبة الثالثة بأسوأ رعاية صحية بالعالم من أصل 94 دولة مدرجة بالجدول.
وقال الدكتور عرفان يونس الشمري أخصائي طب الطوارئ خلال مداخلة له على قناة الرافدين إن “المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية”.
وأشار الشمري إلى أن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق”.