أهالي غزة يخاطبون الضمير العالمي: الجوع والأمراض تفتك بنا
الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر جاغان تشاباغين: يواجه حوالي 80 بالمائة من سكان غزة ظروفًا طارئة أو كارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد.
غزة- قال الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر جاغان تشاباغين، إن خطر الجوع في غزة يتزايد يومًا بعد يوم، في ظل انعدام حاد للأمن الغذائي.
ولفت تشاباغين في منشور عبر حسابه بمنصة “إكس”، إلى أن غزة تشهد انعدامًا حادا للأمن الغذائي، وحذر من أن خطر الجوع يتزايد يوميًا في المنطقة.
وأضاف أنه “يواجه حوالي 80 بالمائة من السكان ظروفًا طارئة أو كارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وأشار إلى أنه يعاني أكثر من مليون طفل ومسن في مراكز الإيواء من خطر الجفاف وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية وفقر الدم، بحسب تقارير الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأردف “هذه هي الحقيقة القاسية التي يواجهها الناس في غزة كل يوم”.
وتابع “أكرر دعوتي من أجل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية المنقذة للحياة”.
إلى ذلك يجلس الفلسطيني فتحي سعيد، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، أمام موقد نار أشعله داخل مركز إيواء للنازحين في مدرسة خليفة بن ياسين في البلدة.
ويحاول سعيد مواجهة تحديات الحرب والحصار والتخفيف عن أطفاله الجوعى، بطهي قدر من الحمص بالماء فقط، في ظل حالة المجاعة وأزمة العطش التي يعيشها سكان شمال غزة.
ويواجه آلاف الفلسطينيين في شمال غزة خطر الجوع والعطش، ولا سيما الأطفال، حيث تتواصل الحرب العدوانية الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
واضطر سعيد إلى مغادرة منزله في بلدة بيت لاهيا شمال غزة بعد قصفه وتدميره من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولجأ مع أسرته المكونة من 7 أفراد كآلاف العائلات الفلسطينية إلى مركز الإيواء.
وتحدث النازح سعيد عن عملية النزوح حتى وصوله إلى هذه المدرسة والمشكلات التي عاشها في شمال غزة، قائلا “تعرض منزلنا للقصف بعد 22 يومًا من الحرب وتم تسويته بالأرض، وتوجهنا بعد ذلك لمنزل مجاور ثم تعرضت المنطقة للقصف الشديد، واضطررنا للانتقال إلى مركز الإيواء”.
وأضاف “بعد استقرارنا في المدرسة، حاصرنا جيش الاحتلال في التاسع من كانون الأول الماضي، وأجبر جميع الرجال على الخروج من المدرسة عراة، وتركوا في العراء حتى منتصف الليل”.
ويشير إلى خطورة الأوضاع في محيط مركز الإيواء، فضلا عن المعاناة بسبب الاكتظاظ الكبير داخله ونقص المياه الصالحة للشرب أو للاستحمام.
ويجلس نجل سعيد الصغير بجانب أبيه وهو يطهو الطعام، وينتظر بفارغ الصبر أن ينضج حتى ينتهي ليأكله بعد نهار كامل دون تناول أي شيء.

ويصف الواقع الذي تعيشه العائلات شمال غزة بأنه “مجاعة حقيقية وكارثة”، حيث لم تتناول العائلات داخل المدرسة خبز الدقيق أو القمح أو حتى الشعير المخلوط بأعلاف الحيوانات منذ نحو عشرين يومًا.
ويوضح أن سوء التغذية وقلة المواد الغذائية، بالإضافة إلى النقص الشديد في المياه الصالحة للشرب والماء اللازم للاستحمام في شمال غزة، تسببت في إصابة النازحين بالعديد من الأمراض وفاقمت معاناتهم.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في إحصائية سابقة، أن هناك 10 آلاف مريض سرطان يواجهون خطر الموت، وأن 11 ألف مصاب في قطاع غزة بحاجة إلى السفر للعلاج.
وقال حينها “هناك أكثر من 700 ألف شخص مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، من بينهم 8 آلاف حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي”.
ويقول سعيد “إنّ سعر كيس الطحين بوزن 25 كيلوغراما يصل إلى 3000 شيكل في حال توفره (الدولار يساوي 3.63 شيكل)، والخضار شحيحة جدا جدا ويصعب الحصول عليها، والأمراض ازدادت”.
ويعاني الأطفال الجوعى والمرضى بسبب قلة الإمدادات وانعدام الرعاية الطبية الكافية، وفقًا لسعيد الذي أوضح أن مكافحة الجوع الشديد في المنطقة مستمرة وتشتد يومًا بعد يوم، وذكر أن الأمراض تحدث أيضًا بسبب العطش وسوء التغذية.
ويشير إلى إصابة أطفاله الثلاثة بمرض الكبد الوبائي من الدرجة الأولى بسبب نقص التغذية وقلة النظافة، ما اضطره إلى التوجه بهم نحو مستشفى كمال عدوان لتلقي العلاج، لكن الوضع هناك كان صعبًا للغاية.
وسبق أن أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، أنه بين الأول من كانون الثاني والثاني عشر من شباط، رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلية وصول 51 بالمائة من البعثات التي خططت لها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني لإيصال المعونات وإجراء تقييمات إلى المناطق الواقعة شمال وادي غزة.
وبحسب الأمم المتحدة، تشير التقارير إلى تزايد المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في شتى أرجاء قطاع غزة، حيث يزداد عدد التقارير عن الأسر التي تكافح من أجل إطعام أطفالها، وكذلك خطر الوفيات الناجمة عن الجوع في شمال القطاع.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” أن أكثر من نصف شحنات المساعدات منعت من الوصول إلى شمال غزة في كانون الثاني الماضي، وأن هناك تدخلا متزايدا من جيش الاحتلال الإسرائيلي في كيفية ومكان تسليم المساعدات.
وأضاف بأن ما يقدر بـ300 ألف شخص يعيشون في المناطق الشمالية محرومون إلى حد كبير من الحصول على المساعدات، ويواجهون خطر المجاعة المتزايد.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا “على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه” في ظل الحرب المستمرة.
وحتى الاثنين، خلفت الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة “29 ألفا و782 شهيدا و70 ألفا و43 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء”، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض وكارثة إنسانية “غير مسبوقة”.
وللمرة الأولى تخضع إسرائيل حاليا لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة.



