إيران تستغل التعليم لفرض أجندتها الطائفية في العراق
مصادر حكومية تكشف تحكم السفارة الإيرانية بالمناهج الدراسية العراقية إذ تشرف على طباعتها منذ 2007 في مطابع إيرانية بحسب اتفاق بين وزارتي التربية في البلدين.
بغداد – الرافدين
كشف إقرار مسؤول في وزارة التربية في العراق بأن المناهج الدراسية الحالية جميعها وضعت من قبل السفارة الإيرانية في بغداد، الاستراتيجية التي تعمل عليها طهران لفرض أجندتها الطائفية والسياسية من خلال نشر المدارس والجامعات الإيرانية وتقديم تسهيلات وامتيازات للطلبة العراقيين للدارسة في مدارسها وجامعاتها.
ولا يقتصر النفوذ الإيراني في العراق على الميليشيات المسلحة بل يتعدى إلى نشر الثقافة الإيرانية بين العراقيين عبر تأسيس أذرع ناعمة لها لتكون أداة في تمرير أجندتها وتحقيق أهدافها التوسعية بحسب تقارير دولية.
وأقر مسؤول في وزارة التربية في العراق بأن المناهج الدراسية الحالية جميعها وضعت من قبل السفارة الإيرانية في بغداد، والتي تشرف من 2007 على طبع المناهج في مطابع إيرانية داخل البلاد، بحسب اتفاق بين وزارتي التربية في البلدين خلال عهد وزير التربية الأسبق خضير الخزاعي الموالي لطهران.
وبين المسؤول الحكومي أن الاتفاق شمل أيضا فتح مدارس في غالبية المدن العراقية وفق القواعد الإيرانية.
كما كشف عن وجود نحو 40 مدرسة إيرانية في مختلف أنحاء العراق، يتولى التدريس فيها أساتذة من عناصر فيلق القدس الإيراني الجناح الخارجي لميليشيات الحرس الثوري، ولتلك المدارس مناهج خاصة مختلفة عن المناهج التي تدرس في المدارس العراقية، وهي مرتبطة بشكل مباشر بالسفارة الإيرانية ببغداد.
وتنتشر المدارس والمراكز الثقافية الإيرانية في وسط وجنوب العراق حيث تقدم تسهيلات وامتيازات للعراقيين من أجل تعلم اللغة الفارسية في خطوة واضحة لفرض ثقافتها داخل المجتمع العراقي. ولا تعد المدارس وحدها التي تعلم اللغة والثقافة الفارسية في البلاد وإنما هناك دور للأيتام ومنظمات مجتمع مدني تعمل على ذات المنهاج وغالبا تستهدف الأحياء الفقيرة.
وقال الباحث السياسي محمد جواد فارس، إن “عملية طبع المناهج الدراسية في إيران الهدف منها أن تكون مشابهة للمناهج الإيرانية لنشر الطائفية والثقافة الإيرانية وخضير الخزاعي التابع لحزب الدعوة أول من وضع هذه الأسس”.

وأضاف في تصريح لقناة “الرافدين” أن “الإيرانيين من خلال سيطرتهم على الحكومة يريدون تنفيذ برامجهم في الاقتصاد والتعليم من أجل ضمان مصالحهم وأن يبقى التوجه الإيراني هو السائد”.
وبين أن التعليم في العراق فقد قيمته والاعتراف به دوليًا بسبب امتثال الحكومات المتعاقبة للقرار الإيراني.
ويجمع تربويون على أن معظم المناهج الدراسية من الابتدائية إلى الجامعية تحتاج إلى تحديث وأن يغيّر قسم منها.
وبينت لجنة التربية النيابية أنها قدمت توصيات إلى هيئة الرأي في وزارة التربية لتغيير بعض المواد الدراسية للمراحل كافة، من الأول الابتدائي إلى السادس الاعدادي.
ويعاني القطاع التعليمي في البلاد تدهورا على جميع المستويات وهو الأمر الذي ساعد على توجه كثير من الطلبة العراقيين إلى البحث عن بدائل في دول مجاورة منها إيران.
ومنذ تولي القيادي في ميليشيا العصائب نعيم العبودي وزارة التعليم عمل زيادة أعداد الجامعات الإيرانية المعترف بها في العراق حتى وصلت 62 جامعة تستقبل أكثر 60 ألف طالب عراقي.
وكان المستشار الثقافي الإيراني غلام رضا أباذري قد أعلن عن حصول إيران، على إذن لإنشاء ثلاث جامعات إيرانية “طهران” و”المصطفى” و”آزاد” في العراق.
وقال أباذري، إن جامعة “المصطفى الأمين” وجامعة طهران للعلوم الطبية بدأت أنشطتها فيما جامعة آزاد على وشك أن تكتمل إجراءاتها.
وزعم أن دورات اللغة الفارسية التي تنظمها المستشارية الثقافية حاليًا تلاقي ترحيب الشباب العراقي.
وانتقد ناشطون عراقيون تقديم دورات مجانية لتعليم اللغة الفارسية في وسط وجنوب البلاد، واصفين الأمر بعملية طمس الهوية العراقية من قبل ميليشيات إيران في العراق.
وطالب ناشطون أن لا تقتصر الدورات التعليمية على اللغة الفارسية كما يحدث في مدن الجنوب، وتعليم بقية اللغات إن كان الهدف تعليميًا، مبينين أن إقحام اللغة الفارسية في المجتمع العراقي يسبب انسلاخ المواطن عن هويته العربية ويؤثر على الأجيال القادمة.
وأكدوا أن المنظمات الممولة إيرانيًا تعمل على نشر ثقافة بديلة بدعم من الأحزاب التي تسيطر المشهد السياسي.
وتساءل أستاذ علم الاجتماع عبد السلام الطائي، “إلى متى يبقى العراق غنيمة حرب إيرانية أمريكية، من يشرف على المدارس الإيرانية ببغداد، وزارة التربية العراقية أم السفارة الإيرانية، لم المدارس الإيرانية تخصص الأموال والملابس ووجبات طعام وكتب مجانًا، وما سر تشجيع السفر إلى إيران مع مصرف جيب، بينما أطفال العراق يموتون جوعًا وبالمخيمات ويعيشون بلا مدارس ولا تدفئة؟”.
وأضاف “تعتبر الأسرة العراقية أقدم مؤسسة اجتماعية لبناء الإنسان وقولبة شخصيته الوطنية القادرة على الإعمار والدفاع عن الوطن، تليها وكالات التنشئة الاجتماعية الأخرى، كالمدرسة ووسائل الإعلام وغيرها، ولقد برهن الواقع، بأنه كلما ازدادت المدارس الإيرانية ازداد العراق تخلفا، نظرا ما للتاريخ الإيراني في العراق وغيره من الدول العربية من وقائع مشينة”.
وسبق أن كشف تقرير لمعهد واشنطن أن إيران اكتسبت على مدى عدة سنوات موطئ قدم مهم في العراق، حيث تنشر نفوذها وأجندتها في الحياة اليومية للعراقيين.
وذكر التقرير أن الطلاب في كردستان العراق يسافرون بشكل متزايد إلى إيران للدراسة في جامعاتها. ويُعتبر هذا الخيار لطالبي جميع الشهادات، البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، خيارًا منخفض التكلفة مقارنة بالجامعات العراقية. فالطالب العراقي يتوقع دفع خمسة آلاف دولار سنويًا كرسوم دراسية في الجامعات العراقية الخاصة، في حين أن درجتي الماجستير والدكتوراه لن تكلف الطالب سوى ألف دولار أو ألف وخمسمئة دولار، تباعًا، في جامعة تبريز الإيرانية. وما يجعل التعليم في إيران أكثر جاذبية هو توسيع الجامعات الإيرانية لنطاق القبول بشكل كبير، ليشمل الطلاب الحاصلين على نسب “درجات متوسطة”، بالإضافة إلى اعتراف دولة العراق بهذه الشهادات.
وبين التقرير أن إيران في الآونة الأخيرة جلبت جامعاتها وفرصها التعليمية إلى داخل حدود العراق. فقد وصلت جامعة آزاد، وهي جامعة إيرانية متشعبة جدًا ولها فروع كثيرة في كل من إيران وسوريا، إلى مرحلة التصديق على بناء خمسة فروع جديدة لها في الشرق الأوسط.
وقد لاحظ العراقيون هذه التحركات الإيرانية لتوسيع مجال التعليم في بلادهم، ويعتبرونها محاولة أخرى من قبل إيران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.