أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفتور يخيم على الأسواق المحلية في العراق جراء ارتفاع الأسعار عشية رمضان

مواطنون يؤكدون تراجع قدرتهم الشرائية وعدم استطاعتهم تأمين حاجات عائلاتهم لمائدة شهر رمضان من السلع الأساسية بعد الارتفاع المطرد للأسعار واستمرار أزمة تراجع قيمة الدينار أمام الدولار.

بغداد – الرافدين

شهدت الأسواق المحلية في العراق ارتفاعًا ملحوظًا لأسعار السلع الأساسية واللحوم الحمراء عشية حلول شهر رمضان المبارك في وقت يعيش فيه المواطن العراقي ظروفًا اقتصادية صعبة جراء تراجع قيمة الدينار أمام الدولار واتساع خارطة الفقر في البلاد.
ويحل رمضان هذا العام وسط موجة غلاء نغصت على المواطنين استعداداتهم المعتادة للشهر الفضيل في مثل هذه الأيام من كل سنة في ظل غياب للدور الحكومي في كبح جماح الأسعار.
وارتفعت أسعار السلع والخدمات في العراق بنسبة بلغت 18 بالمائة خلال السنوات الأربع الأخيرة، وفقًا لبيانات وزارة التخطيط.
وشهدت أسعار السلع الأساسية للمواطن العراقي ارتفاعًا بلغت قيمته 30 بالمائة في المتوسط.
وسجلت اللحوم ارتفاعًا بنسبة 36 بالمائة، مقارنة بالعام 2020، بعد أن وصل سعر الكيلو غرام الواحد منها 25 ألف دينار.
وساد الفتور النسبي حركة الأسواق الشعبية والمجمعات التجارية العراقية بفعل الإقبال الضعيف للمستهلكين على التسوق وبفعل تزايد معدلات التضخم وتآكل مدخراتهم، على وقع موجات الغلاء وارتفاع الأسعار مع ارتفاع سعر الصرف وعدم استقراره.
وباتت التقلبات في سعر صرف الدولار الشغل الشاغل للعراقيين لانعكاساتها الكارثية على أوضاعهم المعيشية وقدراتهم الشرائية التي تتراجع يوميًا على وقع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية مع تراجع قيمة الدينار إزاء الدولار.
وقال خالد جمال، أحد المتسوقين، إن “رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، جراء الارتفاع الحاد في الأسعار”.
وأضاف المواطن الذي توجه لسوق شعبي في بغداد للتبضع أن “العائلة العراقية التي كانت تستطيع شراء 20 أو 15 سلعة، لا يمكنها الآن الحصول على أكثر من خمس أو ستة سلع فقط”.
بدوره يؤكد المواطن راوند محمد أن “أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر وهو ما نلاحظه مع كل سلعة تقريبا”.
ويتابع “أسعار الاحتياجات الرئيسة من رز وحبوب وبقوليات وزيت طعام وسكر، إلى الخضار والفاكهة واللحوم وحتى الخبز، مرتفعة جدًا ولا تتناسب مع قدرات غالبية الناس الشرائية”.
ويستعرض المواطن الذي بدت عليه آثار التعب من الأوضاع الاقتصادية الارتفاع الذي شهدته السلع بالقول إن “سعر علبة حليب الأطفال قفز بنحو 3 آلاف دينار، وكيلو الغرام الواحد من الرز زاد سعره بأكثر من ألف دينار، وحتى البصل وصل سعر الكيلو غرام الواحد منه إلى 2500 دينار، وقس على ذلك كل شيء” .
ويستطرد المواطن قائلًا “هكذا فالأسرة المتوسطة العدد مثلًا، بات عليها دفع مبالغ إضافية أكبر تتراوح ما بين 150 إلى 250 دولار على أقل تقدير شهريًا لتأمين احتياجاتها الحياتية من غذاء وكساء ودواء، هذا ناهيك عن ارتفاع تكلفة المواصلات والخدمات والمحروقات.

أسعار اللحوم الحمراء ترتفع بمعدل 36 بالمائة عن أسعارها السابقة تزامنًا مع حلول شهر رمضان

ويتوقع مراقبون وخبراء أن يكون شهر رمضان هذا العام الأصعب على العراقيين نظرًا للقلق الذي ينتابهم جراء الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة على وقع تراجع قيمة الدينار التي عجزت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن وضع حلول لها ولتأثيراتها الكارثية على الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على بيع النفط مقابل الدولار.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي إن شهر رمضان لهذا العام “أصعب” الأشهر على ذوي الدخل المحدود بسبب استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية فيه .
وأضاف الغراوي أن الارتفاع الملحوظ في الأسعار لحق في لحوم الأغنام والسمك والدجاج والرز والسكر والدهن والشاي وحليب الأطفال.
وبين أن أغلب التجار رفعوا هذه الأسعار قبل شهر رمضان دون الالتفات إلى الأوضاع الإنسانية للفقراء وذوي الدخل المحدود .
وطالب الغراوي السوداني بإطلاق مبادرة (رمضان كريم) لذوي الدخل المحدود والفقراء وتقديم سلة غذائية متكاملة طيلة فترة شهر رمضان، فضلًا عن توجيه القوات الأمنية بمراقبة الأسعار في السوق المحلية وتقديم كل شخص يتسبب برفعها إلى القضاء.
ويرى مراقبون أن جشع التجار والتلاعب بالأسعار “محمي من جهات متنفذة”، لا تنفع معها رقابة، وهي الجهات نفسها التي تتحكم بسوق الدولار، مستغلة المواسم لرفع الأسعار واحتكار استيراد المواد وتوزيعها.
ويؤكد عضو لجنة الاقتصاد النيابية، كاظم الفياض، أن “المشكلة التي يعانيها المواطنون تجاه ارتفاع الأسعار، تكمن بأن أغلب أصحاب القرار لديهم علاقات اقتصادية وتجارية تربطهم بالتجّار، والذين يستغلون الأمور لصالح رفع الأسعار وغلائها”.
ويبيّن الفياض أن “اللجنة خلال الاجتماعات واللقاءات مع المسؤولين ومن خلال كتب رسمية دعت الحكومة إلى ضرورة تشديد الدور الرقابي وتفعيل دور الأمن الاقتصادي الموجود في جميع المحافظات”.
وأشار إلى أن “من واجب الحكومة متابعة الأسواق، إلا أننا لم نجد هناك إجراءات تجاه هذه الدعوات بسبب وجود فساد في الحلقات المتسلسلة المنتشرة”.
بدوره، يرى الباحث الاقتصادي، عبدالسلام حسن حسين، أن “الرقابة على تسعيرة المواد الغذائية لا تشكل 15 بالمائة كحد أعلى في بغداد والمحافظات، فيما ارتفعت الضريبة على المواطن من 3 بالمائة إلى 5 بالمائة”.
ويوضح، أن “الحكومة تصدر أوامر لمعالجة ارتفاع الأسعار لكن التنفيذ غير صحيح، أما مسألة التجار، فلا يمكن السيطرة عليهم إلا بتسعير المواد يوميًا وتبث في الإعلام، وبهذه الطريقة سوف يتم محاربة التجار الجشعين والسيطرة على الأسعار”.

ارتفاع أسعار السلع يساهم بتقليص تنوع المائدة الرمضانية بعد اقتصار الاستعدادات على شراء السلع الأساسية فقط

ويأتي رمضان هذا العام في وقت تشهد البلاد ارتفاعًا مطردًا في نسب الفقر والبطالة على وقع أزمة ممتدة منذ الاحتلال عام 2003 قبل أن تتفاقم بعد جائحة كورونا وتراجع قيمة الدينار العراقي وقبل أن تتسبب هذه العوامل مجتمعة في تكريس الطبقية بشكل ملحوظ بين العراقيين.
ويؤكد الخبير الاقتصادي علاء الفهد، أن العراق يعاني من تفاقم الطبقية بسبب سوء توزيع الثروات بين الشعب العراقي، حيث توجد طبقة تعيش برفاهية عالية جدًا بمقابل طبقة كبيرة تعيش تحت خط الفقر.
وأوضح الفهد أن تفاقم الطبقية يعود إلى الفساد وسوء الإدارة سواءًا بسرقة مقدرات وثروات العراق وذهابها إلى مجموعة صغيرة، وكذلك عدم وجود مشاريع اقتصادية استثمارية تدعم الشباب ومن يعيش تحت خط الفقر لانتشاله من وضعه الاقتصادي الصعب”.
وبين بأن “نحو 25 بالمائة من الشعب العراقي وبما يقدر بنحو (10) ملايين مواطن عراقي يعيشون تحت خط الفقر على الرغم من وجود إيرادات كبيرة للدولة، وهذا بسبب سوء التوزيع والإدارة في ظل الحاجة لخطط استراتيجية طويلة الأمد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى