أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

موائد إفطار أهل غزة بلا طعام ويستمرون على الصبر والصيام

الصائمون غير قادرين على الوقوف حيث يشعرون بالدوار بسبب شح الطعام والأطفال يعانون من سوء التغذية في مخيمات غزة.

غزة- بعد مجهود شاق في الجري خلف مظلات المساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة، يجلس الفلسطيني مجاهد غبن (24 عامًا) أمام خيمته ليستريح، بعد أن نجح في الحصول على بعض المواد الغذائية.
هذه المساعدات القليلة التي تمكن من الحصول عليها تعتبر كنزًا ثمينًا بالنسبة له في شهر رمضان في ظل شح الطعام الناجم عن الحرب والحصار “الإسرائيلي” على المناطق الشمالية لقطاع غزة، حيث يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية.
وتمكن الفلسطيني الذي نزح إلى مدرسة في بلدة جباليا شمال القطاع من الحصول على 5 كيلوغرامات من الطحين وبعض أكياس المعكرونة التي تكفي عائلته ليوم واحد.
وعندما وصل إلى خيمته، استقبلته والدته بابتسامة واسعة، فرحة بوصول ابنها بالمساعدات، ما دفعها للإسراع في فتح المساعدات وإعداد طعام الإفطار بعد يوم شاق من الصيام.
على موقد صغير أشعلته العائلة داخل خيمتها، بدأوا في طهي المعكرونة بالماء وصلصلة الطماطم استعدادًا للإفطار، وسط فرحة الأطفال الذين تبدو على وجوههم علامات السعادة لأنهم سيتناولون الطعام بعد أيام من الجوع.
وتمكنت تلك العائلة، المكونة من 9 أفراد، من تناول المعكرونة في هذا اليوم من الصيام، وسط مخاوفهم من الغد حيث لا يعرفون كيف سيتمكنون فيه من تأمين طعامهم ليوم آخر في ظل شح المواد الغذائية.
ويخيم القلق والتوتر على عائلة غبن، التي تخشى من عدم قدرتها على ضمان الطعام خلال أيام رمضان القادمة، في ظل الوضع المالي والإنساني الصعب الذي تعانيه.
وتقطن هذه العائلة داخل خيمة بساحة مدرسة في مخيم جباليا بعد قصف “إسرائيل” لمنزلها، حيث تعاني من نقص أبسط مقومات الحياة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
ويقول الشاب غبن “تمكنت اليوم بعد جهد شاق من الحصول على المعكرونة والطحين بعد أيام من عدم تناول الطعام”.
ويضيف “سارعت وراء المظلات التي تسقط على شمال قطاع غزة للحصول على هذا الطعام لعائلتي التي نزحت لجباليا”.
ويتابع “كنت أذهب لمفترق الكويت والنابلسي للحصول على المساعدات، ولكن جراء الأعداد الكبيرة من المواطنين واستهدفنا لم أقدر على الحصول على شيء”.
ويكمل “نحن اليوم في رمضان حصلنا على بعض الطعام لكن غدًا لا ندري ماذا سوف نفعل، لا يوجد طعام هنا ونعاني من مجاعة”.
وأشار إلى أن “الكثير من العائلات غير قادرة على الحصول على الطعام ولا تملك أي شيء”.
وتمنى الفلسطيني أن تنتهي الحرب ويعود الاستقرار لقطاع غزة، ويعيشون أوضاعًا رمضانية مثل باقي دول العالم الإسلامي.
وأوضح أن الأطفال يعانون من سوء التغذية، والصائمون غير قادرين على الوقوف حيث يشعرون بالدوار بسبب شح الطعام.
بدورها، قالت المسنة ووالدة الشاب غبن “في شهر رمضان في الأعوام الماضية، كنا نعتمد على الدجاج والأسماك، ونجهز الخضروات وأنواع مختلفة من العصائر، لكن اليوم لا يوجد شيء نستطيع تناوله”.
وأضافت “الوضع مأساوي في شمال قطاع غزة، حيث يعاني الأطفال ولا يجدون ما يسد جوعهم”.

سلاح التجويع عار في جبين العالم

ودعت المسنة إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة وعودة الاستقرار، مع دخول المساعدات الغذائية لشمال القطاع.
فيما قال عبد الله غبن (60 عامًا)، الذي يخرج منذ ساعات الصباح للبحث عن طعام لعائلته “اليوم توجهت للبحث عن الخبيزة الخضراء البرية التي تنبت في الأراضي الزراعية”.
وأردف “في طريقي وجدنا طائرات تلقي المساعدات عبر مظلات، ولكن لم أتمكن من الوصول إليها، بسبب سقوطي في حفرة وتعرضت لكدمات في صدري”.
وأشار إلى أنهم في شمال قطاع غزة، يتطلعون إلى عودة الحياة كما كانت في الأعوام السابقة من شهر رمضان، والعيش كما كانوا يعيشونها.
والأحد، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بأن “الجوع في كل مكان بقطاع غزة”.
وشددت الوكالة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة إكس، على أن “الوضع في شمالي غزة مأساوي حيث تُمنع المساعدات البرية رغم النداءات المتكررة”.
وقالت الأونروا “وصول المساعدات الإنسانية عبر قطاع غزة، والوقف الفوري لإطلاق النار ضروريان لإنقاذ الأرواح في شهر رمضان”.
وأكد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل أن مسألة بقاء أهل غزة على قيد الحياة هو أمر على المحك اليوم، وعلينا فعل أكثر من الحزن.
وقال “نأسف للوضع الحالي في غزة، ولكن يجب علينا أن نفعل ما هو أكثر من الحزن، وعلينا التحرك، فالأمر الذي على المحك اليوم في غزة، هو مسألة بقاء الناس على قيد الحياة من عدمه”.
وشدد أن المساعدات الجوية والبحرية والبرية إلى غزة ليست كافية، مبينًا أنه لا يمكن استبدال المئات من شاحنات المساعدات بالمظلات.
وأضاف “الأمر الأكثر أهمية هو فتح الحدود البرية والبدء في العمل نحو حل الدولتين، وهو الحل الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي”.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ويحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل قوات الاحتلال حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” في حق الفلسطينيين.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى