أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفقر والبطالة ينميان ظاهرة الطلاق الوهمي في العراق

أكثر من 25 بالمائة من الشعب العراقي وبما يعادل نحو 10 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر في بلد يدر عليه تصدير النفط مائة مليار دولار سنويًا.

بغداد – الرافدين
انتشرت في الآونة الأخيرة في المجتمع العراقي ظاهرة ما يعرف بالطلاق الوهمي أو الصوري والغرض منه الحصول على راتب المعونة الاجتماعية للمطلقات من وزارة العمل، نتيجة الفقر والبطالة.
وفي بلد يعد من أغنى بلدان المنطقة، دفع الفقر عائلات كثيرة للتحايل القانوني والاتفاق على الطلاق من أجل الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية الذي لا يتجاوز 180 ألف دينار عراقي.
وأكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تأشير حالات كثيرة للطلاق الوهمي أو الصوري والإبقاء على العقد الشرعي بين الزوجين، من أجل الحصول على راتب للرعاية الاجتماعية، الذي تشمل ضوابطه المرأة المطلقة عن زوجها.
وقال المتحدث باسم الوزارة نجم العقابي إن “الوزارة شخصت هذه الحالة خصوصا خلال الأعوام السابقة، حيث تم اكتشاف العديد من حالات الطلاق الصوري من خلال الباحث الاجتماعي والذي أوضحت التقارير وبعد التدقيق وجود حالات اتفاق بين الزوج وزوجته على إجراء الطلاق في المحاكم الرسمية والإبقاء على العقد الشرعي، لغرض الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية”.
وأضاف، أن الأعوام الماضية، تم تشخيص حالات وأعداد كبيرة من المتورطين بالطلاق الصوري تصل إلى آلاف الحالات.
ورغم الإيرادات الكبيرة التي تدخل لخزينة الدولة، يؤكد اقتصاديون أن أكثر من 25 بالمائة من الشعب العراقي وبما يعادل نحو 10 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر.
وبحسب بيانات دائرة الرعاية الاجتماعية، هناك 109567 مطلقة مشمولة بالمعونة، و244689 أرملة.
وتقول امرأة مطلقة صوريًا، إن “العوز أجبرني على الطلاق الوهمي من أجل الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية الذي لا يتجاوز 180 ألف دينار، فزوجي عاطل عن العمل وأنا ليس لدي شهادة لأجد عملا يؤمن احتياجات أسرتي، لذلك فكرنا أنا وزوجي بهذا الأمر فتوجهنا إلى المحكمة وحصل الطلاق لكننا أبقينا على العقد الشرعي”.
وتضيف “راتب الرعاية الاجتماعية على الرغم من بساطته لكنه يوفر لنا لقمة عيش لعدد من الأيام، لكن مع مرور كل يوم يزداد خوفنا من كشف الأمر ويكون مصيرنا السجن، لكن ما ذنبنا نحن، الدولة أجبرتنا على التحايل عليها بسبب عدم توفيرها رواتب للعوائل المتعففة”.
وتقول امرأة أخرى جربت الطلاق الصوري “بعد تحمل مسؤولية نفقة أولادي بمفردي لأن زوجي كان عاطلا من العمل، ويقضي أغلب وقته خارج المنزل، اضطررت إلى مواجهته، فأقنعني بخطة أن يطلقني بشكل غير حقيقي لنتمكن من الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، وبما أن المرأة المطلقة يكون راتبها أكبر من الرجل العاطل، طلب مني أن أتقدم بالأوراق، لكن الوزارة كشفت حقيقة أمري بعد أربعة أشهر من استلامي للراتب، وقامت بقطع المال، وبات يتوجب علي إرجاع ما استلمته خلال الأشهر الماضية”.
وأضافت “نساء أخريات حصلن على مرتبات الرعاية الاجتماعية الشهرية، وقمن بتغيير محل سكنهم حتى لا يرصدهن أحد من مفتشي أو موظفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”.
ويؤكد باحثون اجتماعيون أن غياب العدالة الاجتماعية والفقر وتفاقم الطبقية أسباب أدت إلى انتشار ظواهر سلبية كثيرة من بينها ظاهرة الطلاق الوهمي أو الصوري.

أحمد مهودر: الطلاق الوهمي يشير إلى وجود تفكك أسري ومشاكل في المجتمع وغياب العدالة والمساواة الاجتماعية

ويقول الباحث الاجتماعي أحمد مهودر، إن “الطلاق الوهمي في المجتمع العراقي من المواضيع المهمة التي بدأت بالازدياد في الآونة الأخيرة وأصبحت تتردد على مسامعنا عبر أحاديث الناس وتتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أصبح يتطلب حملة كبيرة من التوعية والتثقيف لما لها من مخاطر جسيمة تهدد الأسر”.
وحذر من أن هذه الظاهرة تشير إلى وجود تفكك أسري ومشاكل في المجتمع وغياب العدالة والمساواة الاجتماعية التي لها دور مهم جدا وواضح، فهناك عدم تكافؤ بالفرص وتوزع الثروات على أبناء المجتمع، فنجد هنالك عوز وطبقات فقيرة جدا، وأيضا هنالك أناس أثرياء تركزت الأموال بأيديهم وبالتالي قد تضطر بعض العوائل إلى اللجوء لهذه الحيلة من اجل الاستفادة من راتب الرعاية الاجتماعية للمرأة المطلقة.
وطالب الحكومة بأن تقوم بتوزيع المستحقات المالية ورواتب الرعاية على الأسر والعوائل المتعففة التي ليس لديها وظيفة أو عمل أو مصدر رزق يوفر العيش الكريم، للتقليل من نسب الفقر في البلد والحد من انتشار مثل هكذا ظواهر.
وأجمع قانونيون على أن الطلاق الوهمي يعد تحايلا على القانون ويندرج ضمن التزوير، بما يعني أن المواد القانونية التي سيعاقب وفقها المتورطون هي التزوير، حيث تصل مدة السجن إلى 15 سنة بحسب مواد قانون العقوبات.
وقال الحقوقي محمد جمعة، إن “الطلاق الصوري حالة تزوير، وعقوبة التزوير هي السجن، والمدة تصل إلى 15 سنة بحسب مواد قانون العقوبات، كما تدخل هذه الحالات في خانة الاحتيال وفق قانون العقوبات”.
وأضاف أن “الطلاق الصوري يكثر ظهوره في المناطق الفقيرة والشعبية، لذلك فإن فضحه، أو الإبلاغ عنه يكون صعبا، إذ يخشى سكان تلك المناطق من الفضائح المجتمعية، وربما الملاحقات العشائرية، ما يجعلهم يسكتون على هذه الحالات القائمة”.
وبينت القانونية نورس مجيد أن استمرار هذا الاحتيال يلحق ضررا بالأطفال، إذ لم يعد بإمكان الأزواج مصادقة علاقتهم قانونيًا، مشددة على  أهمية التوعية والتثقيف بأضرار هذا السلوك غير المسؤول والتداعيات السلبية التي قد تنجم عنه، ومحملة الحكومة المسؤولية عن ظهور مثل هكذا حالات.

نساء يجبرن على الأعمال الشاقة بسبب الفقر وغياب الدعم الحكومي
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى