أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مرض الحصبة ينتشر بين أطفال العراق بعد سنوات من انقراضه

نقص المياه الصالحة للشرب سبب رئيس في انتشار مرض الحصبة كما تفتقد مدن عراقية لخدمات الصرف الصحي في حين يتم إلقاء 95 بالمائة من المخلفات في مياه الأنهار.

بغداد – الرافدين

تتزايد المخاوف من تفشي مرض الحصبة المعدي بين الأطفال في مختلف المحافظات العراقية.
ولا يكاد يخلو العراق من مرض، حتى يجتاح آخر الأجواء، ويثير الهلع في صفوف مواطنيه، في ظل نظام صحي مهترئ، ويعاني كثيرًا بسبب تهالك البنى التحتية، وجاء مرض الحصبة الذي انتشر في عدة محافظات ليضيف عبئا آخر إلى السلطات الطبية التي أعلنت أنها تحاول أن تخفف من هواجس القلق بالتأكيد على أنها قادرة على محاصرة الوباء.
وفي شباط الماضي، سجلت المؤسسات الصحية زيادة في عدد الإصابات بالحصبة عن المعدل الطبيعي منذ العام الماضي، مشددة على أهمية تطعيم الأطفال والالتزام بجدول اللقاحات.
ويُعد الأطفال الفئة الأكثر تأثرًا بالحصبة، وفقًا لطبيب اختصاص في أحد مستشفيات بغداد.
والحصبة مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل عبر الهواء، ويصيب الأطفال دون سن الخامسة، ويمكن الوقاية منه بأخذ جرعتين من اللقاح. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، جرى تجنب ما يزيد عن 50 مليون حالة وفاة منذ عام 2000.
وتعتزم وزارة الصحة تطعيم نحو 8 ملايين تلميذ في جميع المدارس الابتدائية في العراق ضد مرض الحصبة.
وقال رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، إنَّ الحملة التلقيحية ستشمل ثمانية ملايين تلميذ بالمدارس الابتدائية ممن تتراوح أعمارهم بين ست سنوات إلى 12 سنة، بجميع محافظات البلاد بضمنها محافظات كردستان العراق، وستنفذها ثمانية آلاف فرقة صحية مختصة.
وبين أن الحملة تم تأجيلها لما بعد شهر رمضان، لتنطلق بعد انتهاء الشهر الفضيل مباشرة وستستمر لمدة عشرة أيام متتالية.

أطفال العراق محرومون من الرعاية الصحية والتطعيم المنتظم

وأكد أطباء مختصون على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية والتزام الأطفال بالتطعيم كوسيلة فعّالة للوقاية من المرض.
ويشدد الأطباء على أهمية الانتباه لأعراض الحصبة في مراحلها المبكرة وعزل المصابين فورًا لمنع انتشار العدوى، مُحذرين من أن الحصبة قد تؤدي إلى الوفاة إذا تفاقمت الأعراض في ظل وجود مناعة ضعيفة.
ويُوضح الأطباء المختصون أن “أعراض مرض الحصبة تظهر بعد فترة تتراوح بين 7 إلى 15 يومًا، وتشمل الحمى والسعال الجاف وسيلان الأنف والتهاب الحلق والعينين، بالإضافة إلى ظهور بقع بيضاء صغيرة مع بؤر بيضاء مائلة للزرقة على خلفية حمراء داخل الفم على البطانة الداخلية للخد، وطفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة”.
ويرى الأطباء المختصون أن “نقص المياه الصالحة للشرب سبب رئيس في انتشار هذا المرض حيث إنه لا يتمتع بالصرف الصحي خارج المدن إلا خمس محافظة عراقية في حين يتم إلقاء 95 بالمائة من منتجات الصرف الصحي في مجاري المياه، ففي العاصمة بغداد، يتم تصريف ثلث مياه الصرف والمجاري بصورة صحية، بينما تذهب نسبة الثلثين في مياه نهر دجلة بطريقة غير صحية وهذا سبب كاف لتلوث المياه بدرجة خطيرة”.
وتمثل قلة النظافة وتلوث المياه بمثل هذه الدرجات الخطيرة سببان رئيسيان للإصابة بالأمراض ومن بينها الحصبة والكوليرا.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد حذرت من أن أكثر من نصف دول العالم سيكون عرضة بشكل كبير لتفشي مرض الحصبة، بحلول نهاية العام الحالي، ما لم يجرِ اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة.
ويخشى المواطنون من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية لعدم ثقة المواطن العراقي بالنظام الصحي الحالي، ولكونها أصبحت مصدرًا لانتشار الأمراض بدلًا من العلاج، الشيء الذي فاقم من انتشار الأمراض بين المواطنين.
وشهد قطاع الصحة في العراق مزيدًا من التدهور بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد لعدم وجود حلول حقيقية من قبل الحكومات المتعاقبة للنهوض بالواقع الصحي في البلاد، ما أوقع المزيد من العراقيين ضحية فشل هذه الحكومات بسبب تردي النظام الصحي.
وأكد مسؤولون، على أن ضعف التمويل الحكومي للقطاع الصحي في العراق يعد من أبرز المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع.

نقص المياه الصالحة للشرب سبب رئيسي للحصبة

وسجلت محافظات بغداد، وكركوك والنجف وديالى، وميسان إصابات بمرض الحصبة، حيث يشير مسؤولون إلى أن هذا المرض هو نتيجة موجة عالمية لا تقتصر على العراق فقط، وإنما دول العالم جميعًا تعاني منه، حيث إن طبيعة هذا الفيروس تنتشر كل 4 سنوات وتأتي بطور جديد، مشيرين إلى أن ارتفاع الإصابات في العراق يعود لتخلي غالبية المواطنين عن أخذ اللقاحات، بعد ظهور وباء كورونا، وكذلك كثافة التجمعات السكانية وعدم الالتزام بالتوصيات الصحية.
وكشفت دائرة صحة محافظة ديالى عن تسجيل عشرات الإصابات بمرض الحصبة في ست مناطق في المحافظة ما أثار قلق الأوساط الطبية وفقا للدائرة.
وأكد مدير الإعلام في دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، وجود عشرات الحالات المُشخصة بمرض الحصبة بين طلبة المدارس في المحافظة، مُشيرًا إلى أن الدائرة ستبدأ حملة لاحتواء المرض.
وذكر العزاوي، أن “هناك عوامل موسمية تُساهم في انتشار مرض الحصبة، خاصةً في الأماكن المزدحمة كالمدارس، ولذا ستُطلق دائرة صحة ديالى حملة لتطعيم أكثر من 300 ألف طفل في عموم المحافظة”.
وأشار إلى أن “الوقاية من الحصبة تتطلب تجنب الأماكن المزدحمة، وفي حال تأكد وجود الإصابة في مدرسة معينة، سيُمنح الطلاب إجازة إجبارية”. كما دعا الأهالي لاتباع الإرشادات الصحية التي تُصدرها الدائرة وحثهم على زيارة المراكز الصحية للحصول على اللقاحات اللازمة المتوفرة.
أما في محافظتي النجف وذي قار أعلنت السلطات الصحية فيها عن تسجيل أكثر من 500 إصابة بالحصبة خلال الفترة الماضية.
وذكر مدير قسم الصحة العامة في النجف، قيس زوين، أن “النجف لم تسجل لغاية الآن أي وفيات بهذا المرض بعكس المحافظات الأخرى، ولا حتى أعراضًا قوية لدى المصابين، لكن هناك مؤشرات على ارتفاع كبير بالإصابات بين صفوف مواطني المحافظة”.
ولفت إلى أن “هناك حملة كبيرة ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة لتلقيح 300 ألف مواطن في النجف”.
من جانبه، أوضح مدير قسم الصحة العامة بذي قار، محمد كشاش، تفاصيل تفشي المرض بمدينة الناصرية وضواحيها، مؤكدًا أن “الموقف في ذي قار قياسًا بالمحافظات الأخرى أقل من حيث الإصابات، حيث إن المرض في الوقت الحالي هو وباء عالمي”.
وبين كشاش، أن “تفشي الوباء في طريقه نحو النزول بعدما كان يسير بطريقة تصاعدية في المحافظة، حيث سجلت ذي قار الأسبوع الماضي فقط 18 إصابة بالمرض وهي صاحبة الرقم الأقل بعدد المصابين بين المحافظات الأخرى”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى