أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الوجه البياني أصل الإعجاز القرآني

الخبير اللغوي الدكتور أحمد كسّار الجنابي: نص القرآن الكريم محفوظ، وموثق بعربيته وبمصدره، دون غيره من النصوص، وأن في حفظه كما أنزل من يومه حتى يومنا هذا وجه من أوجه الإعجاز الممتدة على مر العصور.

عمان- الرافدين
قال الخبير اللغوي الدكتور أحمد كسّار الجنابي أن العلماء جعلوا من الوجه البياني أصل الإعجاز القرآني، مبينًا أن هذا الوجه هو من خصائص القرآن الكريم وحده، وأنه عليه أيضًا الإعجاز اللغوي، أو اللساني، أو البلاغي، أو الأسلوبي، حيث تجتمع هذه المصطلحات في كلمة (البيان)، وأن هذا الوجه متميز بكثرة ثماره التي من أبرزها: التعرّف على عظمة كلام الله تعالى ومعرفة دلالته ومقاصده وأحكامه.
وتناول الدكتور الجنابي في محاضرة “أسرار البيان القرآني” ضمن من الموسم الرمضاني لهيئة علماء المسلمين في العراق التي تبثها منصّة غياث العلمية والدعوية عبر الانترنت، عددًا من المحاور المتعلقة بإعجاز القرآن الكريم البياني، ونظمه، وبلاغته.
وأكّد الضيف في مستهل حديثه أن نص القرآن الكريم محفوظ، وموثق بعربيته وبمصدره، دون غيره من النصوص، وأن في حفظه كما أنزل من يومه حتى يومنا هذا وجه من أوجه الإعجاز الممتدة على مر العصور.
وأشار المحاضر إلى أن هذه الشهادة المعاصرة بحق القرآن الكريم متأخرة؛ لأن الذين نزل القرآن في حقبتهم آنذاك كانوا أفصح من نطق بالعربية، ورغم أنه نزل بلغتهم الأم وبأساليبهم، وسننهم في كلامهم؛ فإنهم عجزوا عن أن يأتوا بمثله، ولو بسورة واحدة، فحاروا في وصفه وانبهروا في نظمه، والمنصفون منهم أثنوا عليه بما هو أهل له من العظمة والاستعلاء والتأثير، مستعرضًا أسلوب القرآن الكريم في سوره وموضوعتها ومحاورها، وآياته وأوقات نزولها ما بين مكي ومدني، وسياقه الذي يجمع بين التناسب والتناسق ببلاغة عالية وفصاحة جليلة.
واهتم الدكتور الجنابي بتسليط الضوء على الدراسات والمؤلفات القديمة والمعاصرة المعنية بجانب الإعجاز البياني في القرآن الكريم، معلقًا على نظرية النظم التي وضعها العالم أبو بكر عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) وهو أحد كبار علماء القرن الخامس الهجري، والذي ألف كتابين من أهم الكتب في الدراسات اللغوية والقرآنية البلاغية، وهما: (دلائل الإعجاز) و(أسرار البلاغة)، مبينًا أن من يريد تجاوز محدودية إدراك وتذوق أسلوب القرآن الكريم والوقوف عند أسرار بيانه لا بد له من قراءة هذين الكتابين، وأوضح المحاضر في هذا السياق أن نظرية النظم تقوم على ربط اللفظ بالمعنى، وأن تطبيقاتها مبثوثة في العديد من المصنفات، من مثل: التفسير الكبير للفخر الرازي، وتفسير روح المعاني لأبي الثناء الآلوسي، وتفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور، وتفسير ابن عطية، وغيرها.
ولفت الدكتور الجنابي إلى ضرورة العناية باللمسات البيانية أثناء البحث في بيان القرآن الكريم ونظمه وبلاغته، مبينًا أن القارئ أو الباحث يستطيع أن يكشف في هذا الفن عن أسرار جديدة من خلال التدبر والتأمل بما يمنحه قدرة على نفع الناس والأمة بهدايات القرآن ومقاصده وأحكامه، مشيرًا إلى أن الاقتراب من النص القرآني بهدف فهمه هو موضوع قابل للتجدد؛ لأن من خلال حرف من الحروف أو التفاتة لغوية أو بناء صرفي، أو تركيب نحوي، يمكن الوصول إلى معانٍ جديدة وهدايات وأفهام عديدة، منوهًا في ختام حديثه بأن من يريد تذوق حلاوة القرآن الكريم أكثر؛ عليه أن يستزيد من اللغة العربية وعلومها، وفنونها، ولا سيما النحو والبلاغة، اللذين تتوفر فيهما وسائل التأمل والاستنباط والتدبر.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى