تزكية النفس حارس أمين وبوصلة تضبط طالب العلم وتحصنه
الدكتور عبد المنعم جمعة: يجب الوقوف مع آيات القرآن الكريم وقفات تأمل وتدبر؛ لأن الأمّة بحاجة ماسة إلى الارتقاء بنفسها، وتنمية ثقافة أبنائها، في ظل ما يشهده العالم من تدهور قيمي وفكري وأخلاقي.
عمان- الرافدين
قال الدكتور عبد المنعم جمعة المختص بالتفسير وعلوم القرآن الكريم، إن الناظر إلى محاور الدعوة الإسلامية يجد أنها أثرت في نفوس الصحابة – رضي الله عنهم – والناس جميعًا الذين أمنوا بالإسلام، بآثار عظيمة وكريمة، بحيث تركوا خير البقاع وذهبوا إلى أقاصي الأرض ينشرون الدين لأنهم فقهوا وعلموا معاني هذه الرسالة العظيمة.
وأستشهد الدكتور جمعة في محاضرة ضمن الموسم الرمضاني لهيئة علماء المسلمين في العراق، بما أشار إليه الإمام أبو الثناء الألوسي في تفسيره “روح المعاني” بأهمية تزكية النفوس مع طلب العلم، لافتًا إلى أهمية ذلك في واقعنا المعاصر؛ حيث بات طلبة العلم بحاجة إلى استيعاب هذه المعاني والعمل في ضوئها، بحيث تزكو نفوسهم أثناء طلب العلم، لأن التزكية بمثانة حارس أمين يحرس صاحبه، وبوصلة تضبط طالب العلم وتحصنه من أمراض النفوس كالعجب والتكبر والخروج عن الجادة، وما أشبهها من وسائل تضييع ثمرة العلم.
وسلطت المحاضرة التي بثت عبر منصة غياث العلمية والدعوية، الضوء على محاور الدعوة إلى الله عز وجل، التي جاء بها النبي ﷺ والقواعد والمرتكزات التي قامت عليها، في سياق تأصيل العمل الدعوي في ظلال شهر رمضان المبارك الذي يحفل بدروس ومحاضرات علمية تبث عبر منصة غياث العلمية والدعوية.
واستهل المحاضر حديثه بالتأكيد على وجوب الوقوف مع آيات القرآن الكريم وقفات تأمل وتدبر؛ لأن الأمّة بحاجة ماسة إلى الارتقاء بنفسها، وتنمية ثقافة أبنائها، في ظل ما يشهده العالم من تدهور قيمي وفكري وأخلاقي.
وبيّن الدكتور عبد المنعم جمعةأن محاور الدعوة إلى الله في ضوء فعل النبي محمد ﷺ، تنطلق من قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، موضحًا أن محاور هذه الدعوة تقوم على ثلاثة أمور، هي: آيات القرآن الكريم، والتزكية، وتعليم الكتاب والسنّة، مضيفًا أن قواعد الدعوة في عمومها وتفصيلاتها تُستمد من هذه الأمور، وتتعلق بها.
وتناول المحاضر استنباطات المفسرين لموضوع هذه الآية والآيات الكريمة الأخرى ذات الصلة بها، قائلاً “إن مقاصد هذه الآيات واستنباطاتها تؤسس لمرتكزات الدعوة إلى الله تعالى، التي تجمع بين العلم، والفهم، والتطبيق (أو العمل)، والدعوة إلى ما تم تعلّمه”. واستعرض شواهد ومواقف من حياة النبي محمّد ﷺ في ميدان الدعوة على مراحلها كافة سواء ما كان في العهد المكّي أو العهد المدني، التي خرّجت جيلاً فريدًا موحدًا بعد أن كان مفرقًا وقويًا بعدما كان ضعيفًا، فكانوا أبر الناس قلوبًا وأصدقهم لهجة وأعمقهم علمًا ودعوة إلى الله تعالى.
وجرت في أعقاب المحاضرة مناقشات ومداخلات وتعقيبات وتساؤلات، تحدّث فيها عدد من الحاضرين عن مفاهيم دعوية، وأفكار تتعلق بتطوير وسائل الدعوة في الحياة المعاصرة، فضلاً عن بيان حاجة أبناء الأمّة وطلبة العلم فيها إلى ما يزوّدهم بالطاقات ويحفز لديهم الهمم لبذل الجهد في سبيل العمل الدعوي وتبليغ رسالة الإسلام للناس أجمعين.