ثروة العراق لا تغير موقعه بين أسوأ دول العالم في الرعاية الصحية
لم يتقدم العراق في مؤشر الرعاية الصحية لمجلة (CEOWORLD) الأمريكية لعام 2024 إلا على دول فقيرة وغير مستقرة مثل بنغلادش والسودان وأوغندا والسلفادور.
بغداد- الرافدين
حل العراق في المرتبة 79 كأسو بلد في تقديم الرعاية الصحية على مستوى دول العالم.
ولم يتقدم العراق في مؤشر الرعاية الصحية لمجلة (CEOWORLD) الأمريكية لعام 2024 إلا على دول فقيرة وغير مستقرة مثل بنغلادش والسودان وأوغندا وباكستان والسلفادور.
ويعتمد مؤشر الرعاية الصحية على تحليل إحصائي للجودة الشاملة لنظام الرعاية الصحية في البلدان، بما في ذلك البنية التحتية للرعاية الصحية وكفاءات المتخصصين في الرعاية الصحية كالأطباء وطاقم التمريض وغيرهم من العاملين الصحيين؛ ثم التكلفة المترتبة على الفرد وتوافر الأدوية عالية الجودة، واستعداد الحكومة.
ويأخذ مؤشر المجلة الأمريكية المعنية بتقديم إحصاءات عن جودة الحياة في دول العالم، في الاعتبار عوامل أخرى بما في ذلك العوامل البيئية، والحصول على المياه النظيفة، والصرف الصحي، واستعداد الحكومة لفرض عقوبات على مخاطر مثل تعاطي التبغ والسمنة.
يأتي ذلك في وقت حلت بغداد في المرتبة الأخيرة بمؤشر الرعاية الصحية لمدن العالم خلال العام الحالي 2023 بحسب موقع “نومبيو” المهتم في تصنيف دول العالم وفق تكلفة المعيشة والسكن.
وتجمع مصادر سياسية وهيئات دولية على أن نظام الرعاية الصحية الفاسد في العراق، يعكس بشكل واضح فشل أسلوب الحكم والعجز عن التغلب على الصراعات السياسية.
والعراق خامس أغنى دولة نفطية في العالم، ومع ذلك لا يستطيع مواطنوه الحصول على الأدوية الأساسية وتأمين صحي يعالجهم من الأمراض، لاسيما أن الكثير من الأدوية المخصصة منتهية الصلاحية، أما الأدوية سارية المفعول فيتم في كثير من الأحيان بيعها، من أجل الربح الخاص في صفقات تتم تحت الطاولة، وتستفيد منها الطبقة العليا، على حساب الفقراء.
وأشارت صحيفة “ذي ناشونال” التي تصدر باللغة الإنجليزية في أبوظبي، إلى أن القطاع الصحي في العراق في طريقه للانهيار، بسبب دمار البنية التحتية ونقص الأدوية والفساد في سلاسل التوريد وهجرة الأطباء.
ورغم تقديم الخدمات الطبية العامة بالمجان، يلجأ المواطنون في كثير من الأحيان إلى القطاع الخاص ذي التكلفة العالية بسبب نقص الأدوية وارتفاع أسعارها والأجهزة الطبية وقلة الخدمات.
وقال علي ناصر اختصاصي الأمراض الباطنية والصدرية والقلبية إن استبدال الوصفات الطبية بالمنتجات العشبية قد يمثل خطرًا وينتج عنه ضرر للمرضى في حال عدم تناولها بشكل صحيح.
وتحدث عن مريض استبدل وصفته بعلاج عشبي ووصل إلى مرحلة ما يطلق عليه الأطباء اسم الحماد الكيتوني السكري وكان لا بد من إدخاله وحدة العناية المركزة.
وأضاف “غياب المعرفة لدى الناس بهذا الموضوع وبهذه التفاصيل المهمة جدًا ربما تؤدي إلى نتائج غير محببة، ونتائج خطيرة”.
واعترف بالفشل الحكومي في تأسيس نظام صحي يلبي احتياجات المواطن العراقي، أو فرض رقابة على المؤسسات الأهلية الطبية، الأمر الذي جعل المستشفيات تضع تسعيرات علاج بطريقة عشوائية.
واعتبر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب ماجد شنكالي، أن انقطاع الخدمات وترديها في الأبنية الصحية من مستشفيات ومراكز صحية ولاسيما الكهرباء، تسبب خطرًا على الأجهزة الطبية وبالتالي حياة المرضى.
وقال إن هذه الحالات تدل على تهالك البنية التحتية، وأن أي انقطاع للكهرباء يهدد حياة المرضى رغم وجود مولدات لكنها هي الأخرى معرضة للأعطال ونقص الوقود وعدم انتظام الفولتية الذي يؤثر على الأجهزة الطبية ما يعني ضرورة إبقاء الكهرباء مستمرة في جميع المؤسسات.
وأقر وزير الصحة في حكومة الإطار التنسيقي صالح الحسناوي بأن المراكز الصحية الموجودة في عدد من المحافظات بحاجة إلى أجهزة لعلاج أمراض القلب والسرطان.
وقال إن على الحكومة رفع نسبة التغطية الخاصة بشراء الأدوية، لافتًا إلى أن هناك عروضًا تقدم من قبل شركات أجنبية لتزويد المستشفيات بكوادر أجنبية من الأطباء الاستشاريين الأمر الذي أثار استغراب مراقبين حيث توجد ه آلاف الكوادر الطبية التي تبحث عن تعيين وتثبيت على الملاك الدائم.
وقال الدكتور عرفان يونس الشمري أخصائي طب الطوارئ إن “المستشفيات الحكومية في العراق تحتضر بسبب نظام المحاصصة الذي تسبب بشلل مؤسسات الدولة وانعدام التنمية”.
وأشار الشمري في تصريح لقناة “الرافدين” بأن “تراجع الخدمات الطبية المستمر بالعراق حتى وصل من بين الأسوأ عالميًا جعلت العديد من العراقيين يختارون العلاج خارج البلاد بعد أن انعدمت ثقتهم بالنظام الصحي داخل العراق”.
ويشهد القطاع الصحي في العراق ترديًا مستمرًا بعد 2003 بسبب سرقة الأموال المخصصة لبناء المستشفيات وتطويرها ما جعل مستشفيات العراق من بين الأسوأ عالميًا.
وتعد وزارة الصحة من بين أكثر الوزارات فسادًا، وطالما كشفت صفقات شراء معدات غير لازمة وإهمال تغطية الحاجات الأساسية التي يفترض توفرها في المستشفيات.
وكشفت تقارير حكومية أن تكاليف سفر العراقيين لتلقي العلاج في الخارج تقدر بمبلغ يتراوح بين 750 مليونًا إلى مليار دولار سنويًا بسبب تهالك المستشفيات العراقية وخلوها من المعدات الطبية المتطورة، إضافة لتهالك هذه المستشفيات وسوء الخدمة فيها.
ويرى عضو الهيئة العمومية لجمعية الهلال الأحمر عقيل الشويلي إن “الوضع الصحي في العراق مترد، ويعد فقيرًا نسبيًا بسبب النقص في مستلزمات الأدوية والأجهزة الطبية، فضلًا عن البنى التحتية التي بحاجة إلى تطوير”.
ولفت إلى أن حلول وزارة الصحة تعد ترقيعية، ولم تعالج نقص الخدمات الذي يزداد سوءًا.
ويتفق نقيب الأطباء العراقيين الدكتور جاسم العزاوي إلى ما ذهب إليه الشويلي في أن الأزمة العاصفة بالقطاع الصحي العراقي هي نتاج تراكمات السنين، فالمستشفيات قديمة ولا تطوير لها وحتى المستشفيات الجديدة التي تم إنشاؤها لم يدخل إلا عدد قليل جدًا منها إلى الخدمة.
وأضاف أن ما يحتاجه القطاع الصحي العراقي الإصلاح والتطوير بشكل جذري تؤطره خطة علمية شاملة ومدروسة يضعها أهل الاختصاص والخبراء لتذليل التحديات التي تجابه قطاع الطبابة والصحة بالعراق.