أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيالأخبارتقارير الرافدين

دروس مذلة للقوات الأمريكية بعد عشرين عامًا على معركة الفلوجة

منظمات دولية ومعلقون سياسيون ومراسلون صحفيون يؤكدون على أن معركة الفلوجة تذكر الجنود الأمريكيين بالخزي الذي لحق بهم بعد مذبحة الأطفال والنساء، معتبرين أن ما حدث في الفلوجة هو جريمة حرب كاملة الوقائع والأدلة نفذتها القوات الأمريكية.

الأنبار- الرافدين
يستذكر العراقيون الوطنيون واحدة من أشد معاركة المقاومة للاحتلال الأمريكي في مدينة الفلوجة في الرابع من نيسان عام 2004 وبعد عشرين عامًا على معركة صارت وثيقة عسكرية في مناهج التحليل العسكري في الأكاديميات الحربية الأمريكية.
وتعرف الأدبيات العسكرية الأمريكية معركة الفلوجة الأولى بمحاولة فاشلة من القوات الأمريكية لدخول مدينة الفلوجة والسيطرة عليها.
وكانت معركة الفلوجة التي استمرت ستة أسابيع واحدة من أكثر معارك المدن شدة في العصر الحديث.
وقتلت القوات الأمريكية آلاف العراقيين المدنيين في معركة الفلوجة عام 2004 بينما اعترفت البيانات الحكومية آنذاك بمقتل 600 مدني عراقي من بينهم أكثر من 300 امرأة وطفل.
وحدثت المعركة بعد أن قتل أربعة من قوات المرتزقة من شركة “بلاك وتر” الأمريكية في مدينة الفلوجة.
ولم يمض أقل من 24 ساعة على مقتل الأمريكيين الأربعة، حتى حاصرت القوات الأمريكية الفلوجة من جميع الجهات، بهدف معلن هو تسليم الأشخاص المسؤولين عن الحادث، لكن مفاوضات جدية لم تجر لتحقيق ذلك، وبعد مناوشات محدودة بدأ الهجوم الأمريكي في الخامس من نيسان عام 2004 بقصف مدفعي وجوي من المروحيات قبل أن تتقدم الدبابات من الجهة الشرقية للمدينة حيث مدخلها الاعتيادي.
وبدا للوهلة الأولى أن مهمة مشاة البحرية لن تكون صعبة في السيطرة على المدينة خلال ساعات أو أيام، وذلك قبل أن يواجه المهاجمون مقاومة شرسة، أعطت المعركة بعدا مختلفًا، ووضعت الأمريكيين في خضم حرب حقيقية لم يحسبوا لها حسابا.
ودارت المعركة في الحي الصناعي أول الأمر، لكن قوات أخرى حاولت التقدم من الشرق في حي نزال المجاور، وفي المنطقتين ركز المقاتلون العراقيون على تدمير الدبابات ومحاولة تحييدها.
وقال شاهد عيان يدعى أحمد يوسف الفهداوي إنه راقب من بيته في حي نزال عددًا محدودًا من المقاتلين أول أيام المعركة وهم ينصبون فخاخًا للدبابات على مفترقات الطرق وقبل الدخول إلى عمق الحي.
وأكد أنه شاهد بنفسه ملثمين يصيبون دبابتين إحداهما احترقت في ما أعطبت الثانية وظلت في مكانها.
ولم تغادر الفلوجة منذ عشرين عامًا الخطاب السياسي والإعلامي الأمريكي، لأنها مثلت درسًا يعد الأقسى لقوات الاحتلال.
ويقدم حاليا قادة الجيش من الأمريكي الذين “يحملون ذكريات حية عن معارك الفلوجة عام 2004 ومعركة أخرى في الموصل في العراق، الدروس المستفادة من المعركتين لنظرائهم “الإسرائيليين” في حرب الإبادة المستمرة في غزة.
وقال الكاتب اللبناني علي شندب “كإعلامي شارك في تغطية وقائع غزو واحتلال العراق، وشاهد بالعين والأذن المجرّدتين من كل تحريف أو تضليل أو تشويه، تظهّرت نخوة وشجاعة أبناء ومقاتلي عشائر الفلوجة للذود عن بلادهم وعرضهم وليس عن مدينة المساجد فقط”.
وأكد على أنه مع عدد من المراسلين وثق الانتهاكات م الجسيمة لحقوق الانسان في الفلوجة والتي ارتكبتها قوات الاحتلال ومرتزقتها من جماعة البلاك ووتر.
ووصف شندب الانتقام من الفلوجة في معركتي عام 2004 بحجم دورها في إيذاء وإيلام القوات الأمريكية وهي ترى النيران تشتعل في أرتالها المتقاطرة، والقذائف تدك مواقعها، وطائرات الشينوك والأباتشي تتساقط في محيطها. وبهذا المعنى أيضًا باتت الفلوجة فاعلًا رئيسًا في المشهد العراقي برمته، والندّ والنظير الاستراتيجي الوطني للمنطقة الخضراء وساكنيها الجدد.


علي شندب: باتت الفلوجة فاعلًا رئيسًا في المشهد العراقي برمته، والندّ والنظير الاستراتيجي الوطني للمنطقة الخضراء وساكنيها الجدد
وسبق أن رد دعاة السلام في العالم ومنظمات دولية إنسانية باشمئزاز على قرار البحرية الأمريكية تسمية سفينتها الحربية الجديدة بـ “الفلوجة” حيث ارتكبت القوات الأمريكية المحتلة مذبحة بحق آلاف العراقيين المدنيين مستخدمة الأسلحة المحرمة دوليًا.
وأجمعت منظمات دولية ومعلقون سياسيون ومراسلون صحفيون على أن معركة الفلوجة تذكر الجنود الأمريكيين بالخزي الذي لحق بهم بعد مذبحة الأطفال والنساء، معتبرين أن ما حدث في الفلوجة هو جريمة حرب كاملة الوقائع والأدلة نفذتها القوات الأمريكية.
وتأتي تسمية السفينة الحربية الجديدة بالفلوجة بعد أيام من تلعثم الرئيس الأمريكي جو بايدن وخلطه بين اسم مدينة الفلوجة العراقية ومدينة خيرسون الأوكرانية إثر الهجوم الروسي عليها، الأمر الذي فسره المتابعون بلعنة الفلوجة التي تلاحق القوات الأمريكية.
وأعلن وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو في كلمة ألقاها في واشنطن أن “السفينة البرمائية الأمريكية الجديدة سيطلق عليها اسم (يو إس إس الفلوجة)”.
واستذكر تورو معركتي الفلوجة الأولى والثانية عام 2004، وجرائم الإبادة التي ارتكبتها القوات الأمريكية خلال حرب احتلال العراق. عادًّا التسمية بأنها من أجل تخليد ذكرى جنود المارينز الذين قتلوا في الفلوجة.
وقال “مع مقتل أكثر من 100 من قوات التحالف وجرح 600، تعد عملية الفلوجة أكثر الاشتباكات دموية في حرب العراق وأشرس قتال شارك فيه مشاة البحرية الأمريكية منذ معركة هيو سيتي في حرب فيتنام”.
وتقرر بناء السفينة البرمائية الحربية التي تزن 45000 طن، وهي أول سفينة حربية أمريكية تحمل اسم معركة ما بعد 11 سبتمبر، بعقد بناء قيمته 2.4 مليار دولار.
ووصف منتقدون إحياء الجريمة الأمريكية في الفلوجة التي أودت بحياة آلاف المدنيين العراقيين، بوصفها “نصرًا” لجنود المارينز بالمخزي الذي يبعث على العار والاشمئزاز.
وكتب جيريمي سكاهيل الذي غطى حرب احتلال العراق خلال الغزو الأمريكي، أن “أبشع جرائم الحرب الأمريكية التي ارتُكبت خلال احتلال العراق وقعت في مدينة الفلوجة”.
وفي ظهوره عام 2007 في برنامج تلفزيوني، وصف سكاهيل حصار الفلوجة بأنه “واحد من أكثر عمليات الاحتلال الأمريكية وحشية واستمرارية”، مؤكدًا على أن رد البنتاغون القاتل على مقتل مقاولي “بلاك ووتر” في الفلوجة يشكل سابقة خطيرة.
وفي عام 2016، أشارت الصحفية هوب هودج سيك إلى “حملة الهمس” لتسمية السفينة الجديدة بالفلوجة، في تعبير عن الاستياء الشعبي من جرائم المارينز.
وبعد إعلان التسمية من قبل وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو ، كتبت سيك على تويتر “لم يكن مرجحًا على الإطلاق أن تتهور وزارة البحرية الأمريكية وتطلق اسم الفلوجة على السفينة، ولكن الأمر كذلك الآن”.
وعلقت الكاتبة والمصورة الفوتوغرافية ايمي فورسيث التي رافقت جنود المارينز في العراق، على تسمية السفينة بالفلوجة “أنا متأكدة من أن الكثير من الناس يطأطئون رؤوسهم خجلًا من هذا الاسم، لقد عشت الكثير من الذكريات المؤلمة في الفلوجة، ولم يكن هناك انتصارات للقوات الأمريكية، بل هناك الكثير من الحزن لجميع الأطراف”.
واعترفت القوات الأمريكية التي حاصرت وقصفت الفلوجة أنها استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض.
وقال العميد نايجل آيلوين فوستر قائد القوات البريطانية الذي عمل مع القوات الأمريكية في بغداد آنذاك “إن القوات الأمريكية لم تفكر بالضرر المستقبلي من استخدام مثل هذه الأسلحة المدمرة في قصف الفلوجة”.
وكانت دراسة طبية قد كشفت أن معدل وفيات الرضع وإصابة أهالي مدينة الفلوجة العراقية بالسرطان بعد القصف الأمريكي للمدينة عام 2004 يفوق ما سجل بين سكان مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين اللتين ألقيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية عام 1945.
وقالت طبيبة عراقية في مستشفى الفلوجة العام في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أنها تشرف يوميًا على ثلاث ولادات مشوهة منذ عام 2005.

درس تاريخي للمقاومة العراقية من الفلوجة درة تاج المدن
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى