أخبار الرافدين
الأخبارتقارير الرافدين

عيد العراقيين مثقل بالغلاء والتمني وصعوبة اقتناء الأطعمة والملابس

الأسواق العراقية تعيش حالة متقلبة، وهذا مرتبط بأسباب الفوضى، وعدم الانتظام في مسارات اقتصادية صحيحة، ما أثر بشكل واضح على السلوك التجاري العام في البلد.

بغداد – الرافدين
أسهمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والغلاء المعيشي نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي في انخفاض القدرة الشرائية لكثير من شرائح المجتمع، لا سيما بعد ارتفاع معدلات الفقر، أمام ركود مستمر تشهده الأسواق مع حلول عيد الفطر.
واعتادت الأسر العراقية على ارتياد الأسواق المحلية لشراء الملابس الجديدة، إلا أن مظاهر التسوق والتجوال في الأسواق تراجعت قبل عيد هذا العام، وباتت المحال التجارية خالية من زبائنها.
وعادة ما كانت تزدحم الأسواق والمراكز التجارية العراقية في مثل هذا الوقت بالمتبضعين، لكن مع وقع الأزمات الاقتصادية التي ضربت البلاد جعلت هذا العيد ليس كسابقه من الأعياد.

الارتفاع الكبير للأسعار دفع بعض العراقيين إلى إعادة التفكير بشأن شراء مخبوزات العيد

ويمثل هذا العيد تحديًا جديدًا للطبقة الفقيرة ومحدودي الدخل حيث يؤكد مواطنون من ذوي الدخل المحدود وأصحاب محال تجارية، أن السلع متوفرة بأنواعها في الأسواق المحلية، غير أن الوضع الاقتصادي للمواطنين يحول دون الشراء، وذلك بسبب ارتفاع الدولار مقابل الدينار، وزيادة أسعار البضائع مقارنة بالأعوام الماضية.
واشتكوا من استمرار غلاء أسعار الملابس والحلويات والمواد الغذائية على الرغم من تعهد الحكومة بمعالجة ارتفاع أسعار السلع.
ويقبل العراقيون عادة على شراء المواد الغذائية لصنع حلويات العيد داخل منازلهم والمعروفة محليا بـ”الكليجة”، إضافة إلى شراء اللحوم والدجاج استعدادًا لإقامة الدعوات والولائم خلال العيد، إلا أن الارتفاع الكبير للأسعار دفع بعض العراقيين إلى إعادة التفكير مرة أخرى بذلك.
ولفت عدد من المواطنين إلى أنهم لجؤوا إلى أسواق الملابس المستعملة المعروفة محليًا بـ”البالة” لشراء ملابس مستعملة لأطفالهم لعدم قدرتهم على شراء الجديدة منها.
وقالت السيدة أم علي أنها تجولت في سوق شعبي بكربلاء ووجدت أن الأسعار مرتفعة وسعر قميص الطفل ذو النوعية المتوسطة لا يقل عن 10 آلاف دينار.
وأضافت أم علي، وهي أم لأربعة أطفال، أن الأسعار مكلفة خاصة إذا كانت تريد شراء الملابس لأكثر من طفل، لذلك لم تشترِ في هذا العيد الملابس، لافتة إلى أنها وعدتهم بتعويض في أعياد لاحقة.
وتحدث المواطن أحمد جاسم عن مشاهداته في أسواق بعقوبة بمحافظة ديالى قائلًا إن “سعر القميص الواحد ذو الجودة الجيدة كان لا يتجاوز 25 – 30 ألف دينار، لكن أقل قميص اليوم بسعر 38 و40 و45 ألف دينار وكذلك البنطلون كان بسعر 25 – 35 ألف دينار واليوم بسعر 40 – 50 – 70 ألف دينار حسب جودته”.
وأضاف أن “تكلفة طقم العيد للشاب على سبيل المثال كانت بمائة ألف دينار وهي تشكل قميص وبنطلون وحذاء وحزام لكن اليوم الـ100 ألف دينار لا تكفي لشراء قطعتي ملابس”.

الرواتب بسبب التضخم أصبحت لا تصمد أمام غلاء الأسعار ولا تكفي أسبوعين

بدوره أكد المواطن حسن القيسي، أن “الرواتب أصبحت لا تصمد أمام غلاء الأسعار ولا تكفي أسبوعين، إذ تستمر الأسعار بالارتفاع تدريجيًا لكن الرواتب كما هي وتتبدد قيمتها يومًا بعد آخر ولهذا قمنا بشراء أشياء بسيطة وضرورية فقط هذا الموسم لإدخال فرحة العيد في قلوب أطفالنا وعائلاتنا.
وطالب حسن القيسي، الحكومة بضرورة إيجاد حلول تسهم بالسيطرة على الأسعار وضبط إيقاعها أو زيادة الرواتب لإنقاذ المواطنين من الغلاء.
بدورهم، يشكو التجار من قلة البيع نتيجة ارتفاع الأسعار مقارنة مع العام الماضي، ويبدو أن الأزمة الاقتصادية تلعب دورًا في تقليل الطلب على شراء الملابس.
ويرى صاحب متجر لبيع الملابس الجاهزة في بغداد، إلى أن “حالة السوق منذ بداية العام الجاري في ركود تام”، لافتًا إلى أن “هناك ضعفًا كبيرًا في تبضع الأسر لشراء ملابس العيد عكس ما حدث في أعياد الأعوام الماضية”.
وأرجع، قلة الإقبال على الأسواق إلى “ارتفاع أسعار البضائع، حيث كانت القطعة تباع بـ25 ألف دينار وحاليًا القطعة نفسها تباع بـ35 ألف دينار”.
وبين أن “هذا الصعود هو لارتفاع كلف الاستيراد إلى الضعف، وكذلك ارتفاع إيجارات المحال التجارية وعمولة التوصيل، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدولار”.

يشكو التجار من قلة البيع نتيجة ارتفاع الأسعار

وقال عبدالرحمن الجميلي وهو صاحب محل للملابس في بعقوبة، إن “ارتفاع الأسعار لا يتحمله أصحاب المحال بل الحكومة وإجراءاتها وضعف الرقابة على التجار واليوم السوق يشهد تجوال للمواطنين بلا شراء، حيث يتراجع معظمهم عن الشراء ويغادرون المحال بعد أن تصدمهم الأسعار”.
وأشار الى أن “الحفاظ على استقرار السوق يتطلب رقابة مستمرة وتوفير تسهيلات للتجار لإدخال البضائع، فضلا عن منع رفع الإيجارات في السوق”.
وأجمع خبراء اقتصاديون على أن “السوق العراقية تعيش حالة متقلبة غير منتظمة، وهذا مرتبط بأسباب الفوضى، وعدم الانتظام في مسارات اقتصادية صحيحة، ما أثر بشكل واضح على السلوك التجاري العام في البلد”.
ولفتوا إلى أن “حالة الاضطراب وعدم الاستقرار المالي في السوق سببها الرئيس ارتفاع قيمة الدولار، واحتكار الاستيراد بالسعر الرسمي من قبل الشركات المدعومة وحرمان صغار التجار والشركات الصغيرة من الحصول على الدولار بالسعر الرسمي”.
وأكد الباحث الاقتصادي، صلاح العبيدي، أن “الأسباب التي أدت إلى تدهور الواقع الاقتصادي انعكست على حياة المواطن العراقي، وأضعفت من قدرته الشرائية”.
وأضاف العبيدي أنه “على الرغم مما تشهده الأسواق العراقية من إقبال واستعداد للعيد، فإنه يمكن ملاحظة شكاوى الناس من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والألبسة”.

صلاح العبيدي: على الرغم مما تشهده الأسواق العراقية من إقبال واستعداد للعيد، فإنه يمكن ملاحظة شكاوى الناس من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والألبسة

وأكد العبيدي أن “عدم قدرة المواطن على تلبية الاحتياجات العامة، بسبب فقدان الرواتب
جزءًا من قيمتها جراء تدهور الواقع الاقتصادي، وارتفاع سعر الصرف وغلاء الأسعار”.
وبين أن “التجار وأصحاب المحلات يستشعرون خطر ركود الأسواق، ويرون أن نسبة الإقبال أضعف مما كانت في السابق، مما أثر سلبًا بمجمل الحياة الاقتصادية”.
بدوره، قال المختص الاقتصادي، أحمد عيد، إن “هناك العديد من العوامل التي فاقمت من حجم ومستوى الركود الاقتصادي العام، والذي انعكس على الأسواق المحلية المتمثلة بضعف الناتج المحلي الإجمالي وعدم تعدد مصادر التمويل والاختلال في هيكل الاقتصاد الوطني نتيجة للسياسات الخاطئة التي تعتمدها الدولة”.
ولفت إلى أن “ارتفاع معدل التضخم الوسيط لأسعار السلع والبضائع في الأسواق الناتج عن ضعف أداء النمو الاقتصادي لعدم وجود تنمية مستدامة محققة في العراق، والركود الحاصل ناتج عن زيادة العرض قياساً بحجم الطلب”.
وحذر أحمد عيد من “حدوث كساد كبير قد تتعرض له الأسواق خلال الفترة القادمة، ما لم تتدخل الدولة في تحقيق توازن اقتصادي يتعلق بالرقابة وتسهيل عمل التجار ورفع مستوى دخل الفرد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى