أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مؤشرات الفشل تلوح بعد أشهر على حملة شراء السلاح المنفلت في العراق

خبراء أمنيون يجمعون على أن حملة حصر السلاح بيد الدولة ولدت ميتة وهي ليست سوى حركة لإلهاء الناس عن مشاكل البلاد السياسية ومحاولة هزيلة للترويج عن منجز غير حقيقي لحكومة الإطار التنسيقي.

بغداد ــ الرافدين
لاحت بوادر فشل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في السيطرة مجددًا على السلاح المنفلت عبر حملتها الأخيرة التي تهدف إلى حصر السلاح بيد الدولة، وبعد خمسة أشهر من انطلاقها.
ويجمع مراقبون وناشطون على أن هذا المشروع الذي كلف خزينة الدولة مبالغ طائلة قد فشل فشلًا ذريعًا كونه لم يحقق أيًا من أهدافه المعلنة بعد مرور نحو خمسة أشهر على المباشرة بتنفيذه.
وكانت وزارة الداخلية الحالية قد أعلنت في كانون الثاني الماضي عن حملة للسيطرة على السلاح المنفلت، عبر شراء السلاح من المواطنين وبتخصيص مالي يبلغ 16 مليار دينار وبواقع مليار دينار لكل محافظة، فضلًا عن فتح مئات المراكز لشراء السلاح من العراقيين إلا أن هذه المراكز تشهد إقبالا ضعيفًا وشبه منعدم، بل أن العديد من المراكز لم تشهد شراء قطعة سلاح واحدة.
وعزى مختصون عدم الاستجابة للحملة الحكومية كونها تهدف إلى شراء الأسلحة من المواطنين فقط، وأن العراقيين يستغيثون من السلاح المنفلت بيد العصابات والميليشيات التي تستعرضه بعد كل أزمة سياسية، وتهدد به الناشطين والصحافيين وهي ميليشيات أصبحت سلطتها فوق سلطة الدولة بسبب سلاحها ونفوذها.
وأكدوا على أن المشكلة تكمن في صعوبة نزع السلاح بالفعل ممن يمتلكونه، سواء ميليشيات أو عشائر، وذلك في ظل غياب توافق سياسي حول إنهاء المظاهر المسلحة مما يضع القوات الأمنية أمام تحديات كبيرة في مجابهة المجموعات المسلحة.

كامل الحساني: السلطات الحكومية والميليشيات مستفيدة من استمرار ظاهرة انفلات السلاح في العراق

وقال رئيس المركز الوطني للبحوث والدراسات المحامي كامل الحساني إن السلطات في العراق والميليشيات هي المستفيد الوحيد من استمرار ظاهرة انفلات السلاح في البلاد.
وأضاف حساني الذي قضى سنوات كضابط تجنيد في الجيش العراقي، في مداخلة تلفزيونية مع قناة “الرافدين” أن هناك تعاون ما بين السلطات الأمنية المحلية والعشائر والميليشيات من أجل استمرار فوضى السلاح.
وقال متابعون للشأن العراقي وخبراء في الأمن إن هذه الحملة ولدت ميتة بعد اعتمادها على المال كحافز لجمع السلاح في ظل استثناء الميليشيات والأحزاب والعشائر منها.
وقال الناشط علي الحميداوي، إن الحملة الحكومية لشراء السلاح لا تغري الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة.
وأضاف أن السلاح بالنسبة للميليشيات والعصابات وشبكات الجريمة المنظمة هو من يجلب لها المال والنفوذ، بالتالي لا يشكل عرض الدولة أسعار للأسلحة مغريات لها، لافتًا إلى أن الحل مع تلك الميليشيات هو فرض القانون وليس استدرارها بالمال.
ومن جانبه لفت الناشط العراقي أيهم رشاد، إلى أن السلاح الذي يرهب العراقيين في الحقيقة هو سلاح المليشيات، التي تمتلك ترسانة كبيرة تهدد المجتمع والدولة معًا، بل إنها تمتلك الصواريخ التي تواجه به خصومها.
وسبق أن شككت أوساط سياسية وأمنية بجدوى حملة حصر السلاح بيد الدولة وفق برنامج يعتمد شراء الأسلحة المتوسطة والثقيلة من المواطنين بعد رصد وزارة الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي نحو 16 مليار دينار عراقي.
وقال النائب سجاد سالم، إن حملات الحكومة في بغداد لحصر السلاح المنفلت غير مجدية وإنه ما يزال السلاح تحميه جماعات لها تأثيرات على الوضع العام.
وأضاف أن الوعود الحكومية بشأن السيطرة على السلاح ما زالت مجرد وعود ولا تطبيق لها على أرض الواقع، والسلاح لا يزال يصول ويجول في مدن العراق المختلفة دون رادع حقيقي.
وأضاف أن حصر السلاح يتطلب تطبيق القانون وإنفاذه، وعدم الخضوع لأي تأثيرات سياسية.

حملة شراء السلاح لا تغري الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة

ومنذ عام 2003 يمثل السلاح المنفلت تحديًا كبيرًا أمام الحكومات المتعاقبة، التي عجزت عن نزع السلاح وحصره بيد الدولة مكتفية بالدعاية الإعلامية للتغطية على فشلها الأمني.
وقال الدكتور عبد السلام ياسين السعدي إن مشكلة السلاح المنفلت في العراق من أخطر المشكلات التي ظهرت بعد عام 2003 وحتى الآن بسبب ما خلفته من حالات قتل وإصابات خطيرة كما دقت ناقوس الخطر على المجتمع بأكمله وهددت سلمه الأهلي.
وأضاف السعدي في تصريح لقناة “الرافدين” أن الميليشيات تستخدم قوة السلاح لتعزيز نفوذها في البلاد وسط غياب واضح لسيطرة الأجهزة الأمنية.
وقال الكاتب بركات علي حمودي إن “هناك من يرى أن المبادرة ليست سوى حركة لإلهاء الناس عن مشاكل البلاد السياسية الرئيسة وللترويج وجود منجز سياسي للحكومة الحالية، أو حتى محاولة هزيلة لإعادة سيناريوهات سابقة عايشها الشعب العراقي.
وأضاف أن هذه المبادرة كسابقاتها لن تصل إلى نتائج ملموسة فعلًا كما حدث في أعوام 2004 و2005 عندما حاولت حكومة إياد علاوي بالتعاون مع قوات الاحتلال الأمريكي شراء السلاح من أفراد الميليشيات والتي لم تصل إلى أهداف ملموسة.
ويعد السلاح المنفلت في العراق من أكثر المشاكل التي تعيق استتباب الأمن والاستقرار في البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي حيث تملك غالبية هذه الأسلحة الميليشيات إلى جانب العشائر.
ويرى خبراء أمنيون أن الحديث عن حصر السلاح بيد الدولة في ظل استثناء سلاح الميليشيات هو حديث بلا قيمة ولن يوقف الانهيار الأمني والاغتيالات شبه اليومية.
وقال الباحث العراقي أحمد النعيمي، إن أي حديث عن سحب سلاح من الشارع يستثني منه الميليشيات سيكون عبثيًا وإضاعة جهد ومال.
وأضاف أن محاولة اعتبار السلاح المنفلت موجودًا لدى المواطن فقط هدفه شرعنة سلاح الميليشيات الضالعة بالاغتيال والخطف والنزاعات المسلحة.
وتتحدث التقديرات غير الرسمية عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق كلاشينكوف، وبي كي سي، وآر بي كي الروسية، إلى جانب مدافع الهاون وقذائف آر بي جي التي باتت تستخدم أخيرًا بكثرة في النزاعات القبلية جنوب ووسط البلاد.

المواطن العراقي يفقد الثقة بجدية حملات حصر السلاح بيد الدولة
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى