أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

فشل منظومة القضاء في الوفاء بالمعايير الدولية يزيد من عمليات الإعدام في العراق

المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب: على الأمم المتحدة والجهات الدولية الضغط على الحكومة العراقية لوقف عقوبة الإعدام لأنها تجري بشكل تعسفي وعلى أساس اعترافات يجري انتزاعها من المتهمين بالتعذيب والإكراه.

ذي قار – الرافدين
نددت منظمات حقوقية من ارتفاع وتيرة عمليات الإعدام في العراق بالتزامن مع إعدام 11 شخصًا في سجن الناصرية.
وأكدت المنظمات أن تطبيق الإعدامات التعسفية يبرز فشل منظومة القضاء في الوفاء بالمعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمات العادلة.
وأضافوا أن إصرار حكومة الإطار التنسيقي مواصلة إعدام مساجين أبرياء تم الحكم عليهم من قبل منظومة متهمة بالفساد هو أمر مستهجن.
وكشفت مصادر أمنية من داخل سجن الناصرية في محافظة ذي قار، عن إعدام 11 نزيلاً في السجن.
وقال المصدر إن “فريقًا من وزارة العدل أشرف في سجن الناصرية المركزي (الحوت) على تنفيذ حكم الإعدام”.
وأكد المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب؛ على أن حكومة بغداد شرعت في الأيام الماضية بتنفيذ عمليات إعدام طالت 12 معتقلاً.
وأشار المركز الحقوقي أن بعض المعتقلين يُنفذ فيهم حكم الإعدام من دون الرجوع إلى التصديق من رئاسة الجمهورية، ما يجعل إيقاف عقوبة الإعدام في العراق أمرًا لازمًا؛ لأنها تجري بشكل تعسفي وعلى أساس اعترافات يجري انتزاعها من المتهمين بالتعذيب والإكراه.
وبين المركز أن عمليات الإعدام التي يتم تنفيذها بشكل ممنهج أعقاب المحاكمات هي بالغة الجور حيث أعدم ما لا يقل عن خمسين شخصًا في سجن الناصرية خلال شهر شباط الماضي فضلا عن ترك المعتقلين يموتون جراء الأمراض التي تصيبهم من دون أي رعاية.
ووجه المركز نداء إلى الأمم المتحدة والجهات الدولية للضغط على الحكومة لوقف عقوبة الإعدام لأنها تجري بشكل تعسفي وعلى أساس اعترافات يجري انتزاعها من المتهمين بالتعذيب والإكراه.
ودعا إلى ضرورة توفير الخدمات الصحية لكل المعتقلين للمحافظة على أرواحهم من الهلاك.
واتهمت منظمة العفو الدولية القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.
وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
وأكدت مصادر حقوقية وأخرى من منظمات المجتمع المدني العراقي، على أن “بلاغات وإفادات حصلت عليها المنظمات، تكشف حالات الإعدام المفاجئ لعدد من السجناء خلال الأشهر الماضية، وأن ذوي المحكومين بالإعدام تلقوا اتصالات من إدارة السجن، وطالبوا بنقل جثامينهم إلى المقابر، وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم الكشف عن أية معلومات”.
وأوضحت أن “هذه الممارسات موجودة منذ عام 2003 ولغاية الآن، لكنها تزيد في فترات بعينها مثل الأزمات أو الحوادث الأمنية، حيث تعتبرها فترة مناسبة لتنفيذ أحكام الإعدام التي تشوبها اتهامات وانتقادات بالنهج الكيدي والطائفي”.

سارة صنبر: استئناف الإعدامات الجماعية في العراق تطور مريع، ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورًا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام

وقالت الباحثة لدى “هيومن رايتس ووتش” سارة صنبر إن “استئناف الإعدامات الجماعية في العراق تطور مريع، ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورًا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام”.
وأضافت أن “هذا الظلم الهائل تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة جيدًا، التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة”.
وأكدت على أنه لسنوات، كان لدى العراق أحد أعلى معدلات الإعدام في العالم، ومن المقلق للغاية أن نرى عودة العراق إلى هذه العقوبة بدل إجراء إصلاحات قضائية فعلية تضمن المحاكمات العادلة.
وقدر الخبير في حقوق الإنسان الدكتور علي البياتي أنه سنويًا يتم تنفيذ 50-100 حالة إعدام في العراق، وهي أرقام عالية، لذلك العراق يعتبر من الدول التي تقوم بتنفيذ أحكام إعدام بشكل كبير.
ويرى البياتي أن المنظمات المعنية بحقوق الإنسان تنتقد غياب الشفافية في إجراءات تطبيق العدالة وغياب الضمانات والتعذر دائما بالظروف سواء كانت بالإرهاب أو الفساد أو المخدرات.
وأضاف أن “الإجراءات المعروفة دائما هي شكلية وفيها انتهاك كبير وتضارب مع العرف الديمقراطي ومبادئ حقوق الإنسان، ابتداءًا من الاعتماد على المخبر السري والتحقيق الأولي الذي تجريه المؤسسات الأمنية التي دائما ما تحدث فيها حالات انتزاع الاعتراف تحت التعذيب”
وعد كل ذلك يضع المؤسسات المعنية بإنفاذ القانون أمام الكثير من علامات الاستفهام، لذلك التوقعات التي تعتمد على هذه المعطيات تشير إلى أن عددًا كبيرا من هؤلاء ممن يحكم عليهم بالإعدام هم أبرياء ولا يستحقون هذه الأحكام.
وقال محام يمثل سجناء عدة في سجن الناصرية “يستحيل عليّ منع إعدام الضحايا الذين أمثلهم”.
وأضاف المحامي الذي طلب عدم ذكر اسمه “لا نعرف من سيكون الهدف، وفي أي قضية، ولأي سبب، ومتى”.
وأوضح “لا يمكنه حتى الاطلاع على ملفات قضايا موكليه، ويبحث منذ أشهر ويتصل بجميع المحاكم، لكن الجميع يقولون إنه لا يمكنهم إعطائه إياها”.
وقال “بدون شفافية، لا يعرف المساجين وعائلاتهم إذا تمت المصادقة على أحكامهم أم لا، ويعرف بعض المساجين أن أحكامهم صُدّقت منذ سنوات، ويخافون من المناداة عليهم عبر مكبرات الصوت في يوم من الأيام”.

جاسم الشمري: البلدان التي تقتل رجالها قتلا ماديا بالإعدام والأحكام القضائية القاسية والظالمة، أو معنويا بالاتهامات الكيدية التي تضرب مكانة الإنسان وسمعته أمام أهله والمجتمع، لا يمكنها النهوض والعمران

من جهته قال الكاتب العراقي جاسم الشمري في مقال له تحت عنوان ” الإعدامات “الطائفيّة” ومستقبل العراق” إن “تسلل الأحكام القضائية الظالمة لأي مجتمع ستكون له تداعياته الآنية والمستقبلية، الكبيرة والقاتلة”.
ولفت الشمري إلى أن “عقوبة الإعدام لا تقف تبعاتها عند لحظة إعدام المتهم (أو البريء) بل تمتد لعائلته وعشيرته؛ ولهذا يفترض التأني والتدقيق بأحكام الإعدام قبل تنفيذها وفوات فرصة النجاة”.
وأكد على أن البلدان التي تقتل شبابها ورجالها قتلا ماديا بالإعدام والأحكام القضائية القاسية والظالمة، أو معنويا بالاتهامات الكيدية التي تضرب مكانة الإنسان وسمعته أمام أهله والمجتمع، لا يمكنها النهوض والعمران.
وسبق أن قالت هيئة علماء المسلمين في العراق في بيان لها صدر مطلع العام الجاري حول تزايد وتيرة الإعدامات إن “العراق قد بقي طوال السنين الماضية في المراتب الأولى عالميًا في تنفيذ أحكام الإعدام؛ حيث ما زالت الحكومات المتعاقبة تطلق موجات متتابعة من الإعدامات الجماعية الانتقامية بحق مواطنين حكم عليهم بالإعدام خلال محاكمات سريعة تفتقر لأدنى مقومات العدالة”.
وبينت الهيئة أنه “منذ عام 2003 تصر الحكومات المتعاقبة على استعمال الإجراءات العنيفة أو التعسفية أو القسرية مثل: السجن بتهم كيدية أو ببلاغ من مخبر سري وما يصاحب ذلك من إخفاء قسري وتعذيب وحشي وإعدام بإجراءات موجزة من قبل الحكومة ضد مواطنين بعينهم بدوافع طائفية”.
وأكدت على أن “أسلوب الانتقام وفق عقلية طائفية تتملكها الرغبة في القتل؛ هي المحرك الرئيس لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة خلال محاكمات غير عادلة في ظل نظام قضائي يفتقر إلى الاستقلالية والحياد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى