أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

القفزة الكبيرة في عدد أيام العطل تعرقل عجلة الإنتاج في العراق

معنيون بالشأن العراقي يحذرون من محاولات تكريس الطائفية بعد المساعي الأخيرة لتشريع قوانين تتعلق بعطل رسمية ذات طابع أحادي وفئوي بعيدًا عن الهوية الوطنية الجامعة.

بغداد – الرافدين

دقت أوساط اقتصادية وسياسية ناقوس الخطر من تبعات مضي السلطة وأحزابها في إعلان المزيد من العطل الرسمية على عجلة الإنتاج في العراق بعد أن وصل عدد العطل إلى نحو 150 يومًا في السنة الواحدة.
وحذر اقتصاديون وسياسيون من تبعات الزيادة المفرطة في أيام العطل على حيوية المجتمع العراقي ونمو الدولة بمختلف قطاعاتها العاملة بعد القفزة الكبيرة في عدد العطل بالمقارنة مع 16 يومًا فقط قبل الاحتلال عام 2003.
وبحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي فإن “مجموع العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق يبلغ 148 يومًا، كما أن مجموع أيام العمل السنوية يبلغ 217 يومًا”.
وقال المرسومي “هناك 108 أيام هي مجموع أيام عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت)، ولدينا المناسبات الرسمية التي تبلغ 22 يومًا”.
وتابع “لدينا كذلك المناسبات الدينية والعطل الاضطرارية كالمطر وارتفاع درجات الحرارة التي تعلنها الحكومة ومجالس المحافظات التي تقدر بحوالي 22 يومًا في السنة”.
وبين أن هذه العطل تتسبب بـ “خسارة يومية للاقتصاد العراقي تقدر بنحو 192 مليار دينار هي مجموع رواتب الموظفين بضمنهم التمويل الذاتي والعقود”.
وأكد الخبير الاقتصادي أن “إجمالي الخسائر المالية من العطل غير الرسمية عدا الجمعة والسبت يبلغ أربعة تريليونات دينار عراقي، وتبلغ الخسارة ضعف هذا الرقم في حال احتساب العطل الرسمية عدا عطلة نهاية الأسبوع”.
ويرجع المرسومي كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية وخسائرها الاقتصادية إلى “اعتماد العراق في موازنته العامة على إيرادات النفط الذي لا يتوقف انتاجه خلال أيام العطل”.
بدوره قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي أن “الدولة تتأثر في العطل الرسمية بشكل كبير، اذ تسبب لها حالات من الخدر وتعطيل معاملات المواطنين، فضلًا عن تعطيل المصالح الوطنية، وقد لا يوجد لدينا إنتاج في الوقت الحالي لكن هذا لا يعني ان العطل الكثيرة في البلد ليس لها تأثير”.
وأضاف الشيخلي أن “هناك تقارير دولية تقول إن ساعات العمل الفعلية لموظفين في القطاع العام في العراق لا تتجاوز الـ ٨ ساعات لكن عدد الانجاز الفعلي خلال هذه الساعات للموظف لا يتجاوز الـ ١٣ دقيقة! فهل من المنصف أن نعطي للموظف غير المنجز إجازات وعطل رسمية؟”.
ونوه إلى أن “هذا الامر يخلق حالة من الكسل عند الموظف وبطالة تامة، وبالتالي كيف سيتم تنظيم الحياة للموظف أو الطالب عندما لا يكون هناك منهاج ثابت للدوام الرسمي، إذ يجب أن يتوفر هناك برنامج خاص وبمعدل إنجازات مقدمة، أما العمل بهذه الطريقة العشوائية سيأتي حتمًا بنتائج عكسية”.
وخلص الخبير الاقتصادي بالقول إن “المؤسسات والدوائر الخدمية والصحية ستتأثر بالعطل أكثر من غيرها من باقي الدوائر، ومثال على ذلك دوام أحد موظفي وزارة الكهرباء أثناء العطل الرسمية سيترتب على الوزارة إعطاء أجور إضافية لذلك الموظف وهذه التكاليف غير مبررة”.

نواب الإطار التنسيقي يحثون الخطى لتكريس الطائفية وإعلان “يوم الغدير” عطلة رسمية استجابة لدعوة التيار الصدري

وخلال الأيام الماضية وجه “التيار الوطني الشيعي” وهو العنوان الأحدث للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر دعوة لحكومة الإطار التنسيقي والبرلمان الحالي لإعلان عطلة جديدة باسم “عيد الغدير” في خطوة تهدف لفرض معتقد طائفي وأحادي على جميع العراقيين بحسب معنيين بالشأن العراقي.
وقال الصحفي عثمان المختار إن “ما يُعرف بـ «عيد الغدير» الذي يسعى حلفاء إيران لاعتباره عطلة رسمية في العراق ينسف ببساطة كل قيم التعايش المشترك داخل العراق ويجبر الآخرين على العيش ضمن ما تراه طائفة واحدة”.
وأضاف المختار في تغريدة له على منصة أكس أن “ما يُعرف بعيد الغدير رواية لطائفة واحدة لكن الإطار التنسيقي قرّر فرضها على جميع طوائف العراق على الرغم من مخالفتها الدستور ومنطق التعايش دون أن نجد أي «حسيس» (صوت) للمحكمة الاتحادية”.
بدوره يرى الباحث السياسي يحيى الكبيسي أنه “من المفترض، منطقيًا، من القائمين على الدولة، عدم الخوض في هكذا قضايا تعيد فتح باب السجال التاريخي والعقائدي السني الشيعي على مصراعيه، والإبقاء على «عيد الغدير» عيدًا فئويًا يحتفل به الشيعة العراقيون كما يشاؤون، فذلك حق أصيل لهم لا نقاش فيه”.
وتابع الكبيسي “لكن محاولة فرضه «عيدًا رسميًا» على الرغم من الحمولات المرتبطة به، فهو شأن لا علاقة له بالعبادة، بل بالسياسة! فتشريع قانون يتضمن تحويل هذا اليوم إلى عيد رسمي/ وطني هو عمليًا دعوة إلى تبني الدولة للسردية الشيعية وفرضها على الآخرين قسرًا”.
وأضاف أن “الطائفية ليست مجرد خطاب، هي سلوك أيضًا، وغالبًا ما يفتضح السلوك الطائفي بالرغم من محاولات التمويه وهذا ما يحدث، فعليًا، في العراق ومنذ سنوات، حيث ثمة سعي منهجي لفرض هوية أحادية على الدولة، واحتكار المجال العام لصالح تلك الهوية مع محاولات تغليف ذلك كله بخطابات خادعة وممجوجة عن الوطنية ومشتقاتها مثل الهوية الوطنية والوحدة الوطنية”.
واستطرد الباحث السياسي بالقول إن “كل من يعري، ويعترض على هذا السلوك الطائفي، هو، بالضرورة، عرضة للاتهام المرسل بالطائفية، في محاولة للتغطية على السلوك الطائفي الذي تمارسه الدولة، مع استخدام أدوات الدولة نفسها من أجل إسكات هكذا أصوات «مزعجة» و«معوقة» «لبناء» الدولة!”.
وترتبط أيام العطل بعد 2003، بمعظمها، بوقائع تاريخية ودينية ومذهبية لتشكل ظاهرة العطل الرسمية في العراق واحدة من أخطر الظواهر بعد الاحتلال بسبب ارتباطها بالهوية الجامعة ومحاولات تفتيت الوحدة الوطنية من قبل الأحزاب وميليشياتها.
ولم يتمكّن مجلس النواب، منذ عام 2015، من تمرير قانون العطل الرسمية المثير للجدل، بسبب خلافات عميقة بشأنه أدّت إلى ترحيله لأكثر من مرّة إلى دورات برلمانية لاحقة، أملًا بالتوصّل إلى تسويات سياسية.
وتخضع أيام العطل المعمول بها بعد الاحتلال، بمعظمها، لـ”مزاجية” الحكومة وأحزابها، من دون الانتباه إلى مدى مساهمتها في تأخير البلاد، فضلًا عن زرع بذرة الفرقة بين مكونات الشعب الواحد حتى وصل الحال ببعض المشرعين إلى السعي لإعلان يوم احتلال بغداد عطلة عيد وطني في البلاد بعد الاكتفاء بإعلانها عطلة بمناسبة “سقوط نظام البعث”.
ويقع العراق “في صدارة البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات وطنية ودينية متنوعة كما جاء في تقرير نشرته شبكة المستشارين العراقيين الميدانيين.
وبحسب التقرير فإنه “لا يمكن للدولة النهوض والتطور بهذا العدد غير المجدي من العطل، باستثناء بعض المناسبات اللازمة نظرا لرمزيتها”.
وكشف التقرير أن هذه العطل “باتت تسبب كسادًا واضحًا من جهة، وتراجعًا كبيرًا في المستوى التعليمي من جهة أخرى، ناهيك عن تأخير عدة مشاريع مهمة في الإعمار والتنمية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى