أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

حكومة السوداني تصر على منح شركة وهمية أوكرانية تطوير حقل “عكاز” الغازي في الأنبار

يعدّ حقل عكاز العراقي أكبر حقل غازي في العراق، إذ يضم الحقل الواقع جنوب مدينة القائم احتياطيات تصل إلى نحو 5.3 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي.

بغداد- الرافدين
أصرت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على الاستمرار بمنح شركة وهمية أوكرانية عقد تطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار، على الرغم من كشف خبراء عدم أهلية هذه الشركة، وأن الملف برمته هو صفقة فساد كبرى تفرط بثروات العراق.
وأكد مسؤولان بوزارة النفط على أن الوزارة ستمضي قدمًا في إجراءات تطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار من قبل شركة “يوكرزم” الأوكرانية بعد انسحاب شركة “كوكاز” الكورية من تطوير الحقل أثر صفقات فساد مكشوفة مع جهات داخل الحكومة في العراق فضلا عن تردي الحماية الأمنية لأفراد الشركة الكورية.
ولا تمتلك الشركة الأوكرانية الإمكانات الكافية لتولّي مسؤولية الحقل بمفردها، وقد تعمل على “تحشيد” شركات أخرى لتقاسم العمل معها، ولكن من خلال العقد الذي وقّعته بمفردها مع وزارة النفط.
ويعدّ حقل عكاز العراقي أكبر حقل غازي في العراق، إذ يضم الحقل -الواقع جنوب مدينة القائم- احتياطيات تصل إلى نحو 5.3 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة.
وقال وكيل وزارة النفط العراقية باسم محمد خضير، في بيان صحفي إن شركة “يوكرزم” الأوكرانية اجتازت المعايير الفنية وهي الوحيدة التي قبلت بشروط عقد الخدمة لتطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار غربي بغداد، وهي ماضية باستكمال إجراءات طلب منح سمات الدخول للعراق لمهندسي وجيولوجي وفنيي الشركة تمهيدا لاستلام الحقل والمباشرة بتنفيذ الالتزامات التعاقدية المطلوبة”.
ولم يكشف وكيل وزارة النفط عن طبيعة هذه المعايير وعما إذا الشروط الهندسية والجزائية واضحة في العقد ضمن المعايير الدولية للسيطرة النوعية.
وذكر أن الشركة الأوكرانية ستعمل وفق العقد المبرم معها في الرابع والعشرين من نيسان الماضي للوصول إلى “تحقيق الإنتاج التجاري البالغ 100 مليون قدم مكعب قياسي باليوم خلال المرحلة الأولى ومن ثم صعودا إلى إنتاج الذروة البالغ 400 مليون قدم مكعب قياسي باليوم وفقا للتوقيتات التعاقدية.
غير أن خبراء يصفون هذه الأرقام بالعرض الوهمي على أرض الواقع، بينما الشركة نفسها لم يكن لها أي تاريخ هندسي معروف.
وتكشف الفضيحة التعاقدية الكبيرة حجم شبكة الفساد المسيطرة على “نظام طرح المناقصات والعقود” و”نظام الإحالات” في مؤسسات الدولة، والمنظومات الخفية التي تؤثر وترتب وتدير وتستلم وتوزع العمولات والرشى ونسب الأحزاب والتنظيمات وتهدد وتستهدف كل من يقف في طريقها أو يمنع عملها.
وأعتبر الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي، عقد حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار فضيحة احتيال من العيار الثقيل، والضحية هي موارد العراق الطبيعية.
وكتب الهاشمي بأن منح أحد أهم حقول الغاز العراقية لشركة وهمية أوكرانية، يعني رهن مستقبل الغاز العراقي بيد أرباب الفساد في الداخل والخارج.
وعزا ذلك إلى أن الفساد في عقود “الدولة العراقية” يعد أحد أخطر أبواب السرقة وهو محمي ومدعوم وتحت رعاية جهات قوية تمتلك كل مقومات القوة من سلاح ومال ومقرات دعم سياسي وطائفي.
وشدد بقوله على إن كل تلك الأسباب تبقي العراق في خانة طرد الاستثمارات وإخافة المستثمرين ورجال الأعمال.


زياد الهاشمي: منح أحد أهم حقول الغاز العراقية لشركة وهمية أوكرانية، يعني رهن مستقبل الغاز العراقي بيد أرباب الفساد في الداخل والخارج

في حين قال المدير العام لدائرة العقود والتراخيص البترولية في وزارة النفط باسم طاهر في بيان صحفي إن “كافة الإجراءات التي اتخذتها وزارة النفط من تأهيل الشركة الأوكرانية إلى دراسة كافة الوثائق الأصولية المعتمدة وخصوصًا وثائق تأسيس الشركة المصادق عليها ومن ثم إلى مرحلة إحالة تطوير حقل عكاز الغازي إلى الشركة الأوكرانية خلفا لشركة كوكاز الكورية الجنوبية، كانت إجراءات أصولية دقيقة وحيادية دون تمييز وهي متطابقة مع الإجراءات التي تم اعتمادها مع بقية الشركات العالمية التي تم تأهيلها”.
وأضاف “كما تم اتخاذ إجراءات إضافية تتعلق بمطالبة الشركة الأوكرانية بتقديم ضمانات مصرفية وفنية وقانونية”.
وذكر “أن شركة (يوكرزم) الأوكرانية هي الشركة الوحيدة التي أكدت رغبتها بتطوير حقل عكاز بنفس الشروط التعاقدية (عقد الخدمة) بعد أن قامت الوزارة بفتح باب المفاوضات مع العديد من الشركات العالمية التي أبدت رغبتها لتطوير الحقل شريطة تغيير الشروط التعاقدية”.
وسبق أن رفضت لجنة النفط والغاز في البرلمان إعلان وزارة النفط توقيع عقد تطوير حقل عكاز الغازي مع الشركة الأوكرانية.
وقال عضو لجنة النفط والغاز النيابية علي المشكور، إن “وزارة النفط عملت على استبدال شركة كوكاز الكورية، بشركة يوكرزم ريسورس الأوكرانية، بديلا عن التعاقد مع شركات عالمية رصينة”.
وأضاف “هذا العقد فيه هدر كبير لثروات العراق، وسيكون هناك هدر لنفط العراق، وهذا يؤكد أن العراق يخفق من جديد في اختيار الشركات الرصينة للعمل داخل أهم مجال اقتصادي في البلد”.
وطالب بالتصدي لهذا العقد ورفضه لما له من تداعيات كارثية على اقتصاد العراق ونفطه خاصة هو تعاقد مع إحدى الشركات “الهزيلة”.
ووعد المشكور بكشف وفضح الشبهات في هذا التعاقد خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن هذا التعاقد جاء من قبل بعض النواب لمصالح معينة، ولدينا الأدلة التي سنعلنها قريبًا.
بينما قال زياد الهاشمي إن الحكومة الحالية ورئيسها أو حتى الحكومات القادمة، يجب أن تعلم وتفهم أن مسألة النجاح الاقتصادي مرتبط بنجاحها في تفكيك عُقَد الفساد وإنجاز متطلبات أخرى منها حوكمة نظام العقود والإحالات، وضبط مسألة التدخل البشري في عمليات المفاضلة واختيار الشركات، ورفع مستوى الشفافية في التعامل مع العقود، وغيرها من متطلبات ترفع من مستوى نزاهة عملية إدارة العقود.
وعدا ذلك، وفق الهاشمي، فالفساد في توسع وسيتم استغلال العقود والمشاريع في تغذية شبكات الفساد وتقويتها أكثر على الدولة ونظامها الرسمي حتى يصبح صوت الفساد أعلى وتأثيره أقوى من النظام والقانون!
وكانت وزارة النفط العراقية قد وقعت في الرابع والعشرين من نيسان الماضي عقدًا مع شركة “يوكرزم” الأوكرانية لتطوير حقل عكاز الغازي بطاقة 400 مليون قدم مكعب في محافظة الأنبار لسد متطلبات البلاد من الطاقة الكهربائية.
وانسحبت شركة “كوكاز” الكورية الجنوبية من عقد تطوير حقل عكاز لافتقاد بيئة العمل للسلامة الأمنية. فضلا عن الضغوطات التي سلطت عليه من قبل جهات متنفذة في الحكومة آنذاك في شبهات فساد مكشوفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى