أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

معهد (تشاتام هاوس): الحشد الشعبي يدير حرب نفوذ منسية في العراق

كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "كوين ماري" في لندن: العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.

بغداد- الرافدين
قال كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” في لندن، إن العراق في لب منطقة الشرق الأوسط كواحد من أكثر المناطق اضطرابًا في العالم، حيث تتشابك في المنطقة الأزمات والصراعات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتشكل لوحة معقدة من النزاعات.
وأضاف الباحث الذي سبق أن أصدر مجموعة كتب من بينها “ساحة المعركة: عشرة صراعات تشرح الشرق الأوسط الجديد” و”المعركة من أجل سوريا: التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد” أن الحرب المنسية في العراق يديرها الحشد الشعبي التي تنضوي تحته ميليشيات تدين بالولاء لإيران.
وأكد فيليبس في دراسة نشرها المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” على أن العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.
وحذر من تجاهل هذه الصراعات التي تقف خلفها ميليشيات موالية لإيران يمكن أن يؤدي إلى انفجارات جديدة للعنف ويعزز حالة عدم الاستقرار.
وقال الباحث البريطاني الحاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية، والزميل ببرنامج الشرق الوسط وشمال أفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس”، إن الحوثيين في اليمن مثل ميليشيات الحشد الشعبي في العراق يعبرون عن ولائهم إلى إيران ويؤكدون بأن الصراع هناك لم يحل بعد.
وغالبًا ما يتم تحريف حقيقة أن الحشد لا يشكل أي تهديد عسكري للعراق، لا سيما مع مضاعفة قواته إلى حوالي 240 ألف عنصر وزيادة مماثلة في ميزانيته. ولكن، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، أصبحت قوات الحشد الشعبي ماهرة للغاية في التلاعب في أروقة السلطة لاحتكار المناصب السياسية والقضائية والاقتصادية والإدارية.
وأشار فيليبس إلى أن نفس الحرب ماتزال مستعرة في سوريا عبر ميليشيات مدعومة من إيران، ورغم تراجع القتال بعد عام 2020، فإن الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من إيران يسيطر على أقل من ثلثي بلاده.
وقال إنه لا تزال التوترات عالية في الدول التي شهدت حروبًا أهلية في الماضي والتي قد تشتعل مرة أخرى. فلبنان في حالة تأهب قصوى في مواجهة الأزمة الاقتصادية المستمرة، ناهيك عن خطر أن يقوم حزب الله ذراع إيران في لبنان، بجر البلاد إلى حرب أخرى.
وأوضح أن هذه الحروب التي تقف ورائها ميليشيات ولائية ليست حوادث معزولة، بل جزء من نسيج مترابط من عدم الاستقرار الإقليمي.
وخلص فيليبس في دراسته إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ هذه الدروس بعين الاعتبار، وأن يكون حذرًا من الحروب المنسية الأخرى في الشرق الأوسط ومن بينها العراق قبل أن تنفجر هي أيضا.
وسبق أن اعتبر موقع “لوو فير” الأمريكي المتخصص بالنزاعات والقضايا القانونية، أن الهجمات التي تشنها الميليشيات من وكلاء إيران في العراق وسوريا، هدفها توجيه “إشارات سياسية” الطابع إلى واشنطن، وأنه برغم أن هذه الميليشيات لا تسعى إلى افتعال مواجهة كبرى مع الولايات المتحدة.
وتسعى طهران من خلال حث وكلائها على شن الهجمات إلى الحفاظ على شرعيتها وتعزيزها بين وكلائها باعتبارها القوة المعارضة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة، في حين أن الوكلاء يستفيدون من هذه الهجمات من أجل تحقيق مصالحهم والاستمرار في الهيمنة وتخويف الشارع العراقي.


كريستوفر فيليبس: الحروب التي تقف ورائها ميليشيات ولائية ليست حوادث معزولة، بل جزء من نسيج مترابط من عدم الاستقرار الإقليمي
وكتب المحللة السياسية المتخصصة في شؤون الميليشيات الولائية بارعة علم الدين “أصبح من المستحيل أن يتخلى الحشد عن العملية (الديمقراطية) الزائفة في العراق وهو على استعداد لاستخدام ميليشياته المسلحة للقيام بانقلاب شامل، يدعمه حزب الله اللبناني والقوى المتحالفة معه في المنطقة، للبقاء في السلطة”.
وحذرت علم الدين في مقال باللغة الإنجليزية في صحيفة “أراب نيوز” التي تصدر في لندن، المجتمع الدولي من البقاء نائما وعدم الاستجابة لتداعيات ما يجري بعد هيمنة ميليشيات ولائية على مصدر القرار الحكومي والثروة في العراق.
وقالت الكاتبة التي سبق أن صدر لها كتاب عن الحشد الشعبي باللغة الإنجليزية بعنوان “دولة الميليشيا” عن دار “نوماد” للنشر “من الواضح أن الغرب لن يحرك ساكنًا للمساعدة في تقليص حجم الحشد الشعبي. ولكن ينبغي لنا على الأقل أن ندرك العواقب المترتبة على وقوع دول مثل لبنان وسوريا والعراق تحت السيطرة الاحتكارية لفصائل ملتزمة علنًا بمهاجمة الغرب والدول العربية”.
وعبرت الكاتبة اللبنانية بارعة علم الدين في مقالها المعنون “دولة الميليشيات العراقية” عن توقعها بأن يبرز الحشد قريبا ليشكل تهديدًا على مستوى المنطقة يتمثل في ظهور مائة داعش.
وقالت إن تعهدات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في تطبيع الوضع في مختلف محافظات العراق من خلال نقل السيطرة من المؤسسة العسكرية إلى الشرطة المدنية، ذهبت أدراج الرياح عندما تعلق الأمر بانسحاب ميليشيات الحشد الشعبي من المدن المستحوذ عليها.
ومن الواضح أن ميليشيات الحشد، لن تذهب إلى أي مكان، حيث تواصل نهب مليارات الدولارات من مدن العراق التي تعاني من احتلال وفساد ووحشية الميليشيات الطائفية.
ويصف مايكل نايتس، الباحث الأمريكي المتخصص بشؤون الميليشيات الولائية السوداني بالدمية.
وكتب “القوى الحقيقية هي ثلاثة أمراء حرب، كل منهم مرتبط بشكل وثيق بإيران، زعيم ميليشيا العصائب في الحشد قيس الخزعلي وهادي العامري زعيم ميليشيا بدر، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي”.
ووصف أحد نواب قوات الحشد في برلمان العراق بأنه يضم حكومة “مقاومة” على غرار حزب الله اللبناني.
وقال “المقاومة أصبحت تمثل وجهة النظر الرسمية للعراق، وهي التي تدير شؤونه اليوم”.
وسلط نايتس الضوء على كيفية وقوع جهاز المخابرات العراقي ومطار بغداد وهيئات مكافحة الفساد والمراكز الجمركية تحت سيطرة الميليشيات. هذا بالإضافة إلى المؤسسات الكبرى مثل وزارة الداخلية، التي يهيمن عليها الحشد بالفعل.
ووصل نفوذ الحشد إلى مجلس القضاء الأعلى، من خلال رئيسه فائق زيدان، الذي مكّن فصائل الحشد من السيطرة على الحكومة، على الرغم من الهزيمة المذلة في انتخابات عام 2021.
وفي العديد من المدن الكبرى، مثل الموصل وصلاح الدين، تتنافس عشرات الفصائل المختلفة لقوات الحشد الشعبي مع بعضها البعض على الهيمنة شبه العسكرية والتجارية عبر “المكاتب الاقتصادية” المختلفة.
وفي مدن وقرى غرب العراق التي تمثل بوتقة الانصهار المجتمعي المسالم، تتصرف الميليشيات الطائفية وكأنها جيوش عسكرية قهرية، في حين تستنزف بشكل طفيلي كل دينار من الاقتصادات المحلية.
واستولت ميليشيات الحشد بشكل غير قانوني في وسط العراق على أراضٍ شاسعة وآلاف المنازل باعتبارها “غنائم حرب”.
وقال محام عقاري يحقق في هذه الأمور في الموصل، إن ما حدث بعد عام 2017 هو استمرار لما حدث في عهد داعش “مع بعض التغييرات فقط في العناوين”.
وأضاف أن الحشد “استغل الفراغ الأمني… وتلاعب بسجلات العقارات من خلال مكاتبه الاقتصادية”.
ميليشيات الحشد تحكم المدن
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى