أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عطل رسمية في العراق برائحة طائفية آسنة ترعاها حكومة الإطار التنسيقي

كشفت الأحزاب الحاكمة في العراق في إقرار عطلة "غدير خم" عن واحد من أهم مظاهر إفلاسها السياسي حين وزعت فئات الدولة المغدورة بين الطوائف بما يخدم الهدف الذي عملت على ترسيخه وهو تغييب العقل.

بغداد – الرافدين
كشف إقرار البرلمان الحالي في العراق الأربعاء مجموعة من العطل الرسمية بضمنها عطلة لـ “عيد الغدير” عن إصرار حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني والأحزاب والميليشيات المنضوية فيها، بالمضي قدمًا في نهجها الطائفي الذي توارثته عن الحكومات المتعاقبة والتي صنعها الاحتلال الأمريكي للعراق بعد عام 2003.
وشكل تمرير قانون العطل الرسمية الجديد والذي يتضمن اعتماد الثامن عشر من ذي الحجة بحسب التقويم الهجري عطلة لـ “عيد الغدير”، صدمة للعراقيين بما يمثله القانون الجديد من إثارة للنعرات الطائفية والإخلال بالسلم المجتمعي.
وكان القانون قد أثار خلافات داخل الأوساط السياسية بما فيها الأحزاب الطائفية، وجدلًا واسعًا لسعي حكومة الإطار في فرض أعياد لطائفة دون أخرى على أبناء الشعب الذي يضم طوائف متعددة وشهد في السنوات الماضية حربًا طائفية تسببت بمقتل الآلاف.
وكشفت الأحزاب الحاكمة في العراق في إقرار عيد “غدير خم” عن واحد من أهم مظاهر إفلاسها السياسي حين وزعت فئات الدولة المغدورة بين الطوائف بما يخدم الهدف الذي عملت على ترسيخه وهو تغييب العقل.
وبدلًا من أن تنفق الدولة العراقية الناشئة الأموال على التعليم، صارت تنفق أضعاف ما يحتاجه التعليم من أموال على التجهيل، فصار العراقيون يقضون أكثر من نصف سنتهم وهم يؤدون طقوسًا ينتمي الجزء الأكبر منها إلى المرويات الطائفية التي لا تمت إلى الدين بصلة.
وإذا ما كانت ذاكرة العراقيين قد اكتظت بمآسي الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 2006 و2008 فإن الأحزاب الطائفية عملت على تجذير أسباب الفتنة من أجل تطبيع الطائفية اجتماعيًا لا حبًا في المذهب الغالب، بل لضمان الاستمرار للنظام الطائفي الذي فرضه الأمريكان خيارًا وحيدًا.
واستهجن عراقيون إقرار القانون والذي من شأنه أن يثير الحساسيات والمشاكل، ومخاوف من تحول النظام في العراق إلى “ثيوقراطي”، في حين أن البرلمان الحالي والحكومة وأحزابها تعطل الكثير من القوانين التي تمس مصلحة المواطن وتصب في خدمته.
وتساءل عراقيون، كيف يمرر قانون العطل الجديد بهذه السرعة وهناك الكثير من القوانين التي تمس حياة العراقيين معطلة من فترة طويلة، بسبب أجندة سياسية تحاول فرض إرادتها على الشعب العراقي.
وأكدوا على أن مشروع قانون العطل الجديد طائفي بامتياز لحرصه على إدراج مناسبات لطائفة مخصصة وفرضها على باقي أطياف الشعب العراقي في حين أنه لم يتضمن أي ذكر ليوم 14 تموز الذي يعد ذكرى تأسيس جمهورية العراق.

فاروق يوسف: لأن أسباب الفتنة الطائفية تعود إلى ما قبل ألف وأربعمئة سنة، فقد كان استحضارها يتم بطريقة تدعو إلى الضحك كما جرى في المحاكمات التي شهدتها النجف للخليفة الأموي يزيد بن معاوية وكبار ضباطه بسبب تورطهم في مقتل الإمام الحسين بن علي في واقعة الطف المشهورة التي حدثت في كربلاء عام 680
ولأن أسباب الفتنة الطائفية تعود إلى ما قبل ألف وأربعمئة سنة، حسب الكاتب العراقي فاروق يوسف، فقد كان استحضارها يتم بطريقة تدعو إلى الضحك كما جرى في المحاكمات التي شهدتها النجف للخليفة الأموي يزيد بن معاوية وكبار ضباطه بسبب تورطهم في مقتل الإمام الحسين بن علي في واقعة الطف المشهورة التي حدثت في كربلاء عام 680.
وكانت تلك المحاكمات المضحكة مسرحيات رثة، ليس الغرض منها البحث عن الحقيقة وقد صارت ملك التاريخ، بل كان الهدف منها الارتفاع بمنسوب الكراهية تحت شعار “أتباع الحسين وأتباع يزيد”. ذلك شعار مضلل رفعه الفاسدون من أجل أن يمرروا عمليات فسادهم في ظل فوضى “مَن قتل مَن؟”.
وبحسب مراقبين فإن إقرار “عيد الغدير” يمثل نهجًا طائفيًا في فرض إرادة مكون على بقية مكونات الشعب العراقي والتي يجب احترام توجهها الديني والعقائدي وعدم فرض إرادة مكون معين عليهم.
ويرى مراقبون أن إقرار حكومة الإطار وأحزاب السلطة قانون العطل الجديد للتغطية على فقرها السياسي وافتقاد تجربتها في الحكم إلى البرامج العملية والخطط الإستراتيجية، وذلك باعتماد الأحزاب الدينية الحاكمة للبلد منذ أكثر من عقدين على دغدغة المشاعر الدينية والطائفية.
إلى ذلك، أكد القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق أن الدعوة السياسية ذات البعد الطائفي من قبل مقتدى الصدر إلى جعل (غدير خم) عطلة رسمية، تأتي في سياق الفشل المتكرر سياسيًا للتيار الصدري بعد عدم استطاعته تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الماضية، وترك مقتدى الصدر المجال لخصومه السياسيين لقيادة الـمرحلة السابـقة وتـشكيل الحكومـة.
وأوضح القسم في تقريره الدوري الثالث عشر عن الحالة السياسية في العراق الذي صدر الثلاثاء، أن خطاب مقتدى الصدر طائفي مقيت يعيد فيه مرة أخرى المطالبة بفرض (يوم الغدير) عطلة رسمية.
وأشار القسم إلى أن مقتدى الصدر اعتمد في خطابه لغة تأجيج طائفي، تكتنفها عبارات فيها تهديد ووعيد لا تخطئه الأذن لمن يخالفه الرأي؛ مما ينذر بدخول العراق في موجة جديدة من المشاكل والفتن الطائفية.
من جانبها قالت النائبة في البرلمان الحالي، نهال الشمري “إن التصويت على مشروع قانون العطلات الرسمية الذي يتضمن عطلة عيد الغدير، جاء بسبب ضغط الشارع العراقي بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لتشريعه، أكثر مما هو رغبة من النواب الشيعة داخل البرلمان العراقي”.
وأضافت الشمري أن مشروع القانون “عُرض للتصويت دون تقديمه للمناقشة، فضلًا عن أنه غير صحيح، خاصة مع وجود أصوات طائفية ومشاكل وخلافات تحول دون مرور مثل هذه القوانين بصورة صحيحة”.
وترى الشمري، أن إثارة موضوع عطلة “عيد الغدير” من قبل التيار الصدري، يأتي بمثابة دعاية انتخابية مبكرة باعتبار أن التيار مقبل على العودة إلى العملية السياسية والانتخابات البرلمانية.
يأتي ذلك في وقت أشارت فيه مصادر مطلعة إلى أن قانون عطلة “عيد الغدير” سيفتح الباب أمام بقية القوميات والأديان في العراق للمطالبة بعطل خاصة بها.
وكانت اللجنة القانونية النيابية قد كشفت الأربعاء، عن مقترح “يوم عطلة جديد” قد يضاف إلى قانون العطل الرسمية في العراق.
وقال عضو اللجنة محمد الخفاجي، إن هناك مقترحًا لإضافة يوم الثالث عشر من حزيران والذي يعتبر يوم فتوى المرجع علي السيستاني لتأسيس ميليشيا الحشد إلى جانب العطل العامة في قانون العطل الرسمية.
من جانبه أعلن النائب في البرلمان الحالي ورئيس الكتلة التركمانية النيابية أرشد الصالحي، عن جمع تواقيع نيابية لإدراج مقترح اعتبار يوم “الشهيد التركماني” كمناسبة وعطلة رسمية ضمن مشروع قانون العطلات الرسمية.
ودعا الصالحي، الكتل السياسية في البرلمان إلى دعم حقوق المكون والمساهمة في تمرير المقترح.
وخلال السنوات الماضية عقد البرلمان العراقي جلسات عديدة لمناقشة قانون العطل الرسمية في العراق. لكن، تلك الجلسات لم تتمكن من حل مشكلة كثرة العطل الرسمية، بل فاقمتها، فكل ديانة وطائفة وقومية كانت تقترح عطلًا جديدة، وتحاول تعويضها عبر إلغاء أيام عطل أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى