أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

نبيه بري رئيسا للبرلمان لتوسع كراهية التقسيم الطائفي في لبنان

لم يقدم نبيه بري إنجازا سياسيا في حياته سوى أنه كان زعيما لميليشيا أوغلت في دماء اللبنانيين والفلسطينيين.

بيروت- لم يشكل احتفاظ نبيه بري رئيس حركة أمل، بمنصب رئيس البرلمان اللبناني للمرة السابعة. مفاجأة للوسط الشعبي والسياسي اللبناني، لكنه في الوقت نفسه رفع منسوب الأسئلة بشأن ماذا قدم بري للبنان غير محافظته على المحاصصة الطائفية وإعاقته بناء نظام جديد في البلاد مع تغيير الأوضاع والوعي الشعبي وتوسع كراهية التقسيم الطائفي بين الأجيال الجديدة.
وكرّس اتفاق الطائف (1989) الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990) معادلة اقتسام السلطة على أساس المحاصصات التي توزع المناصب الرئيسية بين المكونات الأساسية الثلاثة، المسيحيين والسنة والشيعة.
وتتوزع الرئاسات الثلاث بواقع، الجمهورية للمسيحيين والحكومة للسنة، والبرلمان من حصة الشيعة.
وحصل بري “84 عاما” على 65 صوتا من إجمالي الحضور البالغ 128 نائبا، فيما صوت 23 نائبا بورقة بيضاء، إضافة إلى 40 ورقة ملغاة.
وفي 2018، حصل بري على 98 صوتاً، فيما صوت له 90 نائبا عام 2009.
وانتخب بري رئيساً لمجلس النواب للمرة الأولى عام 1992، وأعيد انتخابه في 1996، 2000، 2005، 2009، 2018، 2022.
وفضلا عن كونه رئيسا دائما لمجلس النواب وتقلّد قبل ذلك مناصب وزارية، فإن بري عنوان حقيقي لاستمرار نظام المحاصصة الطائفية في لبنان، وهو حافظ له من خلال رعاية أغلب “المصالحات” والاتفاقيات التي تتم بين الفرقاء اللبنانيين على قاعدة الوفاء له.
وترى مصادر إعلامية لبنانية أن مأساة لبنان الحقيقية هي أن من يقود عربته التشريعية بلغ الرابعة والثمانين من عمره من غير أن يكون له أي منجز على المستوى الاقتصادي ومن غير أن يشهد له الناس بتشريع يعبر عن أي نوع من العدالة الاجتماعية، أو أنه ساهم في حلحلة نظام المحاصصة.
ولم تكن حياة نبيه بري السياسية حافلة بالإنجازات. فالرجل لم ينجز شيئا يُسمى باسمه سوى أنه كان زعيما لميليشيا أوغلت في دماء اللبنانيين والفلسطينيين.
لكن ما يثير مخاوف اللبنانيين هو أن الرجل الذي أعاق كل الإصلاحات وكان حافظا أمينا لنظام المحاصصة، بات اهتمامه مركزا على خدمة أجندات خارجية تحت عنوان خدمة الطائفة وتقوية نفوذها.
ولد بري عام 1938 في سيراليون بإفريقيا، علما أنه من بلدة تبنين الجنوبية، ودرس الحقوق في الجامعة اللبنانية، ونال إجازته عام 1963، ثم أكمل دراساته العليا في جامعة السوربون في باريس.
تعرف إلى موسى الصدر، وهو رجل دين شيعي أسس حركة “المحرومين”.
وانخرط بري في العمل داخل ميليشيا حركة أمل، وتدرج فيها إلى أن ترأسها بعد عامين من اختفاء الصدر بليبيا في آب 1978. وتتهم الحركة معمر القذافي باختطافه.
وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، شارك بري إلى جانب القوى اليسارية.
كما خاضت حركة أمل خلال الحرب مواجهات مع أطراف مسيحية، وفصائل فلسطينية، وحتى مع حزب الله قبل أن يصبح الطرفان شريكين في الحياة السياسية اللبنانية.
وبري مقرب من النظام السوري، وهو حليف ميليشيا حزب الله اللبنانية، حليفة إيران.
وتشكلّ أمل مع حزب الله ما يسمّى “الثنائي الشيعي” الذي يصرّ على احتكار التمثيل الشيعي على كل المستويات.
ويستخدم حزب الله هذا الثنائي لتبرير تصرفاته بطريقة تظهر أن أي مسّ بها هو مس بالشيعة في لبنان، علما أن الطائفة تضمّ الكثير من الكفاءات التي ترفض أن تكون مجرّد أدوات لإيران.
وسبق أن التجأ نبيه بري إلى مرجعية النجف لإظهار هذا التمايز للرأي العام بعد اشتداد القبضة الأميركية على إيران وحزب الله.
وحرص بري على مقابلة المرجع علي السيستاني في النجف عام 2019 من منطلق أن مناصري أمل وأعضاء الحركة، في أكثريتهم، يقلّدون السيستاني وليس علي خامنئي في إيران الذي يقلده حزب الله.
وتسلم بري 6 وزارات في عهد حكومات مختلفة، كوزارات الإعمار، والموارد المائية والكهربائية، والعدل.
بعد مقتل رئيس الحكومة رفيق الحريري، في 2005، أسس بري هيئة الحوار الوطني سنة 2006، بهدف تخفيف حدة التشنج بين مختلف القوى السياسية.
ويحافظ بري على علاقة جيدة مع جميع الفرقاء اللبنانيين، ودائما ما يكون هناك إجماع شيعي على انتخابه رئيساً لمجلس النواب.
لكن انتخابه هذا العام واجه جدلا كبيرا، عقب إعلان قوى مسيحية، أبرزها حزب “القوات اللبنانية” (19 نائباً) عدم انتخابه، بالإضافة إلى قوى التغيير (13 نائباً)، ما جعله يصل إلى كرسي البرلمان بأصوات أقل من السنوات السابقة.
وبعد انتخاب رئيس البرلمان، تكون الكرة في ملعب الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي عليه تحديد موعد لإجراء مشاورات مع النواب لتحديد اسم رئيس للحكومة المقبلة من السنة، في ظل ضبابية حول الاسم الذي سيتولاها.
وتساءل الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله “إلى أين أخذت الانتخابات لبنان واللبنانيين” بعد أن كشف أعضاء مجلس النوّاب أنّ ليس أمامهم سوى خيار برّي رئيسا للمجلس.
وأضاف “نجح حزب الله مرّة أخرى في فرض إرادته على اللبنانيين الذين لن يكون أمامهم سوى الرضوخ لمشيئة الحزب المسلّح صاحب قرار الحرب والسلم في البلد”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى