أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

أيار في العراق 2003

بما أن الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق قد فتح أبواب الجحيم على أبناء الرافدين، فقد تأكد خلال شهر أيار أي بعد ثلاثة أسابيع من احتلال بغداد أن العراقيين ـ هنا المقصود المقاومين الشجعان ـ قد فتحوا أبواب الجحيم على الأمريكيين في العراق، وهذا ما تنبأ به الصحفي البريطاني الراحل روبرت فيسك الذي كان يشاهد الدخان يتصاعد في المباني والمجمعات في بغداد بعد عدة أيام من الاحتلال، وقال كلمته الشهيرة “لقد انتهت الحرب الأمريكية على العراق وبدأت حرب العراقيين على أميركا”. في تلك الأثناء كانت آثار الزلزال الكبير تضرب يمينا وشمالا في المجتمع العراقي وفي مختلف مفاصل البنية التحتية لبلاد الرافدين.
في شهر حزيران حسم بوش موقفه معلنا “انتصارا مزعوما” في أول يوم من الشهر، وتم عزل الجنرال جي غارنر في وقت مبكر جدا، وجيء ببول بريمر، وبدأت ملامح اختيار المتعاونين مع المحتل من داخل العراق وخارجه ليبدأ ماراثون مخيف ومرعب وتدميري في هذا البلد، وعلى الطرف الآخر نشطت المقاومة العراقية لتبدأ تتشكل هُويتها وملامحها الأولى.
ولم يقتصر القتل على الجنود والضباط الأمريكيين، بل طال العنصر النسوي، في التاسع من حزيران 2003، تلقت صحيفة واشنطن غلوب خبرا سيئا عندما اتصل مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” بالصحيفة ليبلغهم خبر مقتل مراسلة الصحيفة اليزابيث نيومز “46 عاما”. وكانت اليزابيث قد أرسلت العديد من التقارير الصحفية، التي تحدثت فيها عن انتشار القوات الأمريكية وسيطرتها على المدن العراقية، وبينما كانت في رحلة إلى بغداد قادمة من مدينة تكريت، حيث رافقت القوات الأمريكية هناك أثناء عمليات دهم واعتقال نفذتها هذه القوات، لقيت حتفها، وبثت وكالة رويترز خبرا قصيرا عن مقتل الصحفية ونشرته الصحف الأمريكية يوم السبت المصادف التاسع من آيار2003، أما مقتل الصحفية الأمريكية فإنه الخبر الاسوأ بالنسبة لوسائل الإعلام الأمريكية.
في الوقت الذي كانت المقاومة العراقية تصطاد جنود الاحتلال الأمريكي في بغداد وبعقوبة وسامراء والموصل والأنبار، فقد نفذ المقاومون العراقيون في ذات الوقت هجوما عنيفا في أقصى جنوب العراق، عندما هاجم ثلة من رجال المقاومة ثكنة عسكرية بريطانية في مدينة البصرة، واعترفت وزارة الدفاع البريطاني بالهجوم، وتمكن المقاومون في هجومهم من قتل أصغر جندي في الجيش البريطاني هو “اندرو كيلي 18 عاما”، وكان خمسة جنود بريطانيين لقوا حتفهم في جنوب العراق خلال شهر آيار2003، وأُضيفوا إلى سجلات الجنود الذين سقطوا في الأيام الأولى لانطلاق المقاومة في العراق.
ولم يقتصر القتل على الأمريكيين والبريطانيين، ففي (9/5/2003)، اعترفت القوات التشيكية بأن قواتها تعرضت لهجوم مقاوم في جنوب بغداد على بعد 150 كم، وتم إعلان التفاصيل بعد أن لفظ جندي الاحتلال التشيكي أنفاسه الأخيرة في مستشفى براغ حيث تم نقله على وجه السرعة.
انطلقت حرب العراقيين ضد قوات الاحتلال وكانت أسرع مقاومة في العصر الحديث.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى