أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

متى بدأت المقاومة فـي العراق؟

يؤرخ لبداية أية مقاومة بالعمليات الأولى التي ينفذها المقاومون ضدَّ القوات المحتلة، لهذا يحرص الباحثون على التثبت من ذلك اعتمادا على بيانات أو تصريحات تصدر بهذا الخصوص، مع التفريق بين التصدي للقوات الغازية من قبل الجيش والأجهزة الأخرى، وتلك التي تظهر بعد سيطرة المحتل على البلد وتلاشي وجود القوات النظامية.
لهذا، أرى أننا بحاجة إلى وضع فاصل زمني بين حقبتين تاريخيتين فاصلتين، هما حقبة العراق وهو دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، يمتلك جميع مقوِّمات الدولة الحديثة، من قوات مسلحة ومؤسسات أمنية وإدارية وسياسية، تحملت مسؤولية الدفاع عن العراق، منذ الدقائق الأولى لبدء الغزو فجر العشرين من آذار/ 2003 وحتى يوم التاسع من نيسان من العام نفسه، وحصلت معارك كثيرة بعد أن تقدمت القوات الغازية من الجنوب صعودا إلى بغداد، وعلينا أن نميز بين حقبتين زمنيتين، لكل منهما خصوصيتها ومواصفاتها، لذا ارتأينا ولأغراض البحث العلمي، ولكي نستخدم المصطلح المناسب لكل فترة، الفصل بين المرحلتين، إذ إن المرحلة الأولى، تمتد من فجر العشرين من آذار العام 2003، حتى الدقائق الأخيرة من يوم الأربعاء المصادف التاسع من نيسان 2003. أما الحقبة الثانية، فتبدأ من الساعة الأولى ليوم الخميس العاشر من نيسان 2003 والأيام والسنوات اللاحقة من عمر الاحتلال.
ورغم أن الجميع يؤرخون للتاسع من نيسان بأنه أول أيام الاحتلال الأمريكي للعراق، إلا أننا نرى، أن هذا اليوم المصادف يوم “الأربعاء” هو اليوم الأخير من أيام سيادة الدولة العراقية قبل احتلالها، ونقول، إن ذلك اليوم ما زال يُحسب على أيام السيادة العراقية، إذ بقيت بعض مظاهر السيادة المتمثلة بوجود عسكري وأمني وحزبي في الشوارع حتى ساعات الصباح ليوم التاسع من نيسان وإن كان قليلا ومحدودا، كما صدرت الصحف العراقية ومنها جريدة الثورة والقادسية وبابل والعراق، كما أن إذاعة العراق الرسمية قد واصلت بثها حتى مساء التاسع من نيسان.
وما أن هبط الليل، حتى تم إسدال الستار على حقبة من تاريخ العراق، انطوى فيها أي معلم من معالم السيادة، لتبدأ حقبة أخرى، تحمل بين طياتها المجهول بكل ما تعني هذه الكلمة، فالذي وقف ضد قوات الغزو منذ العشرين من آذار 2003 وحتى يوم التاسع من نيسان، فقد كان يؤدي واجبا رسميا وطنيا، وفي الساعات الأولى لفجر العاشر من نيسان 2003، أصبح الوضع في العراق مختلفا تماما، إذ استبدلت في ذلك الوقت مسألة “الثواب والعقاب” بمرحلة التصدي للمحتلين، الذين استباحوا حرمة البلد، وإذا كان مصطلح “الدفاع” ينطبق على كل فعل عراقي واجه قوات الغزو، حتى نهاية يوم التاسع من نيسان، فإن مصطلح “المقاومة” يطلق على كل فعل ينفذ ضد القوات المحتلة على أرض العراق، لذلك فإن التحليل العلمي الدقيق والمنطقي، يقول إن أول يوم للاحتلال الأمريكي للعراق، يجب أن يؤرخ له بالعاشر من نيسان عام 2003.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

شاهد ايضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى