أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

ماذا بيد الكاظمي أن يفعل عندما تتقاتل الميليشيات

المحلل الأمريكي بوبي غوش: الفوضى السياسية في العراق صداع آخر لبايدن تماما مثل وجود حكومة تعمل بالوكالة لحساب إيران.

لندن- يواجه العراق صيفا ساخنا وساخطا بعد سحب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نوابه من مجلس النواب، وبعد الفشل المستمر في تشكيل حكومة منذ اجراء الانتخابات نهاية العام الماضي. ولكن حتى مع استعداد بغداد لشهور من الاضطراب في الشوارع، يتعين على العالم الأوسع نطاقا الاستعداد لمواجهة التداعيات الاقتصادية والأمنية.
ويقول الكاتب والمحلل الأمريكي بوبي غوش إن النتيجة الأكثر ترجيحا لقرار مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية هي عودة للاحتجاجات العنيفة التي عصفت بالبلاد في آواخر عام 2019 ومطلع عام2020.
ويرى ان الاضطرابات المنتظرة ستكون أكثر إرباكا، حيث إن أنصار الصدر أفضل تنظيما وتسليحا من المجموعات الاحتجاجية التي بلا قيادة، التي كانت تمثل جوهر ثورة تشرين. وهم أكثر غضبا أيضا.
وأضاف غوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن الصدر الذي اكتسب شعبية في الانتخابات الأخيرة في الخريف الماضي شعر بالإحباط في جهوده لتشكيل ائتلاف حاكم. وسوف يشعر هو وأتباعه أن العملية السياسية خذلتهم، تاركين الميدان العام ليكون المرحلة الأولى لاستعراض القوة. فالاحتجاج، الذي غالبا ما يكون عنيفا، هو السمة التي يبرع فيها الصدر.
وصنع مقتدى اسمه في عام 2003 بتشكيل ميليشيا جيش المهدي، أبان الاحتلال الأمريكي للعراق. وقد تم هزيمة مقاتلي الصدر لكن خطابه المضاد للولايات المتحدة لم يفتر مطلقا. ومؤخرا، تصرف الصدر كشخصية معارضة للنفوذ الخبيث لإيران في شؤون العراق. مع انه أعلن بعد انسحاب نوابه من البرلمان أن إيران لم تضغط عليه مثلما فعلت ميليشياتها وأتباعها في العراق.
غير ان قراءة غوش تأتي من خلف عدسة المحلل الأمريكي، الذي بحاجة إلى أن يدرك حقيقة ما يجري في العراق، فغالبية العراقيين لا يعولون على مزاجية مقتدى الصدر الذي يضع قدم مع إيران وأخرى مع غيرها، ولطالما وصفه معلقون سياسيون بانه يمارس لعبة الباب الدوار عندما يدخل ويخرج في الوقت نفسه من نفس الباب.
وعلى الرغم من أن الصدر زعم بحل ميليشيا جيش المهدي عام 2008، ظل الكثير من أتباعه مسلحين، ومنظمين، وخطيرين وأعلن أنه قادر على إعادة ميليشياته في كلمة واحدة. ولكن الإطار التنسيقي الذي يضم الأحزاب الولائية التي أحبطته في البرلمان، لديها الميليشيات الخاصة بها. فضلا عن ان أغلب ميليشيا الحشد تابعة لها.
ويرى غوش ان الحكومة الضعيفة برئاسة مصطفى الكاظمي لن تتدخل في أي نزاع بين ميليشيات جيش المهدي والميليشيات الولائية.
وتعتبر هذه بوادر كئيبة بالنسبة للعراقيين الذين يواجهون احتمال رؤية الدماء في شوارعهم. كما أنها نذير سوء بالنسبة للاقتصاد العالمي، ففي الوقت الذي يشهد ارتفاعا في أسعار النفط، من الواضح أن حدوث عدم استقرار مطول في ثاني أكبر دولة منتجة سيكون هو آخر ما يريده أي أحد.
وكتب المحلل الأمريكي “لنتذكر أن السوق يعاني بالفعل من نقص في الامدادات من جانب دولة عربية أخرى منتجة للنفط مزقتها الفوضى السياسية مثل ليبيا”.
وبإمكان المشترين للنفط أن يأملوا فقط في أن يكون الكاظمي قادرا على تأمين المنشآت النفطية والحفاظ على استمرار عمل خطوط الامداد إذا اندلع قتال طائفي في المناطق الجنوبية التي تهيمن عليها الميليشيات، والتي تضم غالبية احتياطيات البلاد النفطية.
وتواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خطرا مزدوجا. فمن الواضح أن أي فقدان للإمدادات العراقية سوف يقوض الجهود الرامية لتهدئة سوق النفط وخفض الأسعار في محطات الوقود قبل الانتخابات النصفية في الخريف المقبل. والأمر الذي لا يقل أهمية، هو أن انسحاب الصدر سوف يعزز موقف إيران في وقت جيوسياسي حساس يسعى فيه الرئيس الأمريكي في الوقت نفسه للتفاوض لإحياء الاتفاق النووي مع إيران بالإضافة إلى طمأنة الدول العربية المجاورة للعراق بأنه ليس هناك ما يدعوهم للخوف.
وسوف يكون الاضطراب السياسي في العراق مفيدا لإيران، وفق غوش، على الأقل على المدى القصير. بعدما أصبحت المقاعد البرلمانية التي تخلى عنها الصدر من نصيب مرشحين من أتباعها حصلوا على ثاني أكبر عدد من الأصوات.
وتعتبر الميليشيات الولائية في الإطار التنسيقي الآن في وضع أقوى لتشكيل حكومة. ويعني هذا عودة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي اتسمت الفترتان السابقتان له في المنصب، من 2006 إلى 2014 بالحصول على ترخيص مفتوح من إيران لتعميق نفوذها في الشؤون العراقية، خاصة في القوات الأمنية.
ودعمت إيران شبكة موازية من الميليشيات استخدمتها لمهاجمة مبنى السفارات في العراق وإطلاق هجمات باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة ضد المملكة العربية السعودية.
وكان نجاح الكاظمي الذي يعتبر مواليا للغرب، محدودا في كبح الميليشيات؛ ومن المحتمل ألا يحاول الكاظمي حتى القيام بذلك عند اندلاع أي صراع.
واختتم غوش تحليله بأنه قد تمضي أسابيع وربما شهور قبل تشكيل حكومة جديدة. ولكن إيران، بوجه خاص، ليست في أي عجلة لتحقيق ذلك. فإذا ما فشلت المفاوضات النووية، كما هو محتمل بصورة متزايدة، سوف تكون كامل الحرية متاحة لإيران لاستغلال العراق لإثارة المتاعب للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.
وإذا ما أدى القتال بين الميليشيات إلى عرقلة تدفق النفط العراقي إلى الأسواق العالمية، فإن ذلك سيكون مناسبا لإيران تماما، إذ أن أي ارتفاع في الأسعار سوف يعزز إيراداتها من التصدير الذي تقيده العقوبات. وبالنسبة للولايات المتحدة ليست هناك نتائج جيدة، فالفوضى السياسية في بغداد سيئة تماما مثل وجود حكومة تعمل بالوكالة لحساب إيران.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى