أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الصدر يتوعد والإطار يترقب: العملية السياسية الهشة أمام انفجار قِدر الضغط الشعبي

فاروق يوسف: حين تندفع مرجعية النجف في دفاعها عن الفاسدين فإنها ستجعل من نفسها خصما للشعب.

بغداد- الرافدين
وصف مصدر سياسي عراقي الخلافات بشأن تشكيل الحكومة بين قوى وميليشيات الإطار التنسيقي المدعومة من إيران، أكبر بكثير مما يبرز للرأي العام.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” ان رسائل عيد الأضحى المتناقضة التي انطلقت من قيادات الإطار تكشف الجزء الأعلى من جبل الجليد الموشك على الانهيار، فالخلافات على توزيع الوزارات والحصص أكبر من أن تحل بأسابيع أو أشهر كما يحاول بعض قيادات الإطار إيهام الرأي العام في العراق.
ووصف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن أسمه “التطمينات” التي بعثها زعيم ميليشيا العصائب، قيس الخزعلي، بان الاتفاق على رئيس الحكومة سيتم بعد عيد الأضحى، بنوع من “الهراء السياسي”.
وقال إن قوى الإطار المنضوية تحته الميليشيات الولائية تترقب ما سيسفر عن تهديدات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التي أرسلها في أول أيام العيد.
وتوقع ان تكون الصلاة الجماعية التي دعها لها الصدر في الخامس عشر من تموز الجاري، رسالة تمهيد وتهديد لما بعدها.
ويتزامن توقيت صلاة الجمعة الموحدة، مع الموعد الذي حدد قاده الإطار التنسيقي للإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة من دون التيار الصدري.
وتشير التوقعات إلى أن الصدر سيحرك الشارع يوم الجمعة، لكن أعضاء التيار الصدري يقولون بأنهم في الانتظار ليروا ما الذي سيحدث.
ويعد الإطار التنسيقي المنافس الأول لمقتدى الصدر. ولم يتمكن التيار الصدري من تشكيل الحكومة بسبب الصراع مع الإطار، رغم أنه شكل الكتلة الأكبر بامتلاكه 73 مقعداً، قبل أن ينسحب من البرلمان في الثاني عشر من حزيران.
وفي وقت ينشغل الإطار بتشكيل الحكومة، يخشى أن يشن الصدر هجوماً من الشارع ويفشل جهوده.
وقال الصدر في تهنئته بعيد الأضحى ان العراق “أضحى أسيراً للفساد والتبعية والتدخلات الخارجية”.
وتزامن كلام الصدر مع تصريحات متشابهة لرئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، كشفا فيه عن الخلافات العميقة مع قوى الإطار المتمثلة بنوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي.
وقال العبادي إن “الانقسام السياسي، والتحديات السياسية والاقتصادية والسيادية، توجب: معادلة حكم وسطية تنزع فتيل الازمات ومحل قبول رحب، وحكومة وطنية قادرة وكفؤة لمرحلة محددة لإصلاح الاقتصاد وتقديم الخدمات وتوفير فرص عمل”.
وأضاف “بخلاف ذلك لسنا معها ولن نكون جزءاً منها، لأنها ستعقد الأزمة وتقودنا إلى المجهول”.
بينما دعا عمار الحكيم الى الإسراع في تشكيل الحكومة من أجل المحافظة على “وحدة الطائفة” وفق وصية المرشد الإيراني علي خامنئي. غير انه زعم برفضه المشاركة في هذه الحكومة.
وقال الحكيم “نشهد هذه الأيام حراكاً سياسيا لتشكيل الحكومة بعد أكثر من تسعة أشهر من إجراء الانتخابات المبكرة، هذه الانتخابات التي شابها الكثير من الإشكاليات والملاحظات وما زالت تعاني من تداعيات وانعكاسات سياسية ليست بالسهلة أو العابرة”.
الا ان جميع المؤشرات السياسية ترى ان المرحلة القادمة، ستكشف ان المأزق الذي تعيشه الأحزاب والميليشيات الولائية، أكبر من أن يتم عبوره من دون خسائر كبيرة.
فحين انسحب مقتدى الصدر كان يعرف جيّدا أن خصومه سيلجأون إلى الوجوه نفسها، الوجوه القديمة التي تنتمي إلى النظام السياسي الذي خرج الشعب في ثورة تشرين نهاية عام 2019 مطالبا برحيله.
وقال المعلق السياسي فاروق يوسف “قد تصل البلاهة السياسية بالصدر إلى التفكير في أنه سيتمكن من السلطة إذا ما سقط النظام الذي يعيش اليوم أزمة مصيرية بسبب انسداد الأفق السياسي الذي لن تعالجه الوجوه القديمة التي يمقتها الشعب ويتهمها بالمسؤولية عن الخراب الذي يعيشه العراق”.
وأضاف “لقد صحّت توقعاته. فخصومه لم يتخلوا عن أسباب فشلهم. فهم مصرون على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تصاعد الاحتجاجات الشعبية محتمين بقوة الحشد الشعبي المسلحة. ليست لديهم أوراق للعب بعد أن أفقدتهم انتخابات 2021 شرعية كانوا يتخذون منها قناعا لوجودهم في السلطة”.
وإذا ما كان الصدر قد انتحى جانبا لكي يمر خصومه فلأنه يدرك جيّدا أن مسيرتهم ستصطدم بجدار احتجاجات ستكون أقوى من احتجاجات 2019 وهو ما لم يضعه أولئك الخصوم في حسابهم حين اعتبروا انسحاب الصدر نصرا لهم وهو في حقيقته نصر لا تزال الهزيمة تحيط به من كل الجوانب. هزيمة سبقته ومن المؤكد أنها ستلحق به بالرغم من أن هناك شائعات تفيد بأن المرجعية الدينية ستمنع الصدر من لعب دور المعارض الذي يقود الاحتجاجات التي ستؤدي بالضرورة إلى إسقاط النظام السياسي وليس الحكومة وحدها.
ويرى يوسف انه من شأن المرجعية أن تبدي مخاوفها من سقوط النظام بعد أن تجردت من وجودها المحايد والمستقل وصارت إحدى أدواته الخفية في السيطرة على الشعب الذي يعتقد البعض أن جزءا عظيما منه لم يعد يولي المرجعية أي اهتمام يُذكر بعد أن سأم وعودها بالوقوف مع الإصلاح ومحاربة الفاسدين. المرجعية اليوم هي في أضعف أحوالها. أما حين تندفع في دفاعها عن الفاسدين فإنها ستجعل من نفسها خصما للشعب.
وعبر يوسف عن توقعه بالقول “الفاسدون قادمون. ذلك صحيح، ولكن سقوطهم لن يتيح للصدر أن يكون زعيما للمرحلة القادمة التي سيكون الشعب العراقي سيّدها”.
ويعرف الصدر أن مسألة اختيار رئيس وزراء للمرحلة القادمة لن تمر بسلام. فإما أن تتذابح الأحزاب في ما بينها وإما أن يرتكب الحشد الشعبي مجازر جديدة في حق الشعب الذي لا يطيق رؤية نوري المالكي زعيما مرة أخرى. المالكي من وجهة نظر الشعب ليس زعيما حزبيا فاشلا، بل هو مَن لا يزال يدير الدولة العميقة المسؤولة عن الفساد.
غير أن النائب عن الكتلة الصدرية المستقيلة من مجلس النواب، حيدر العامري، قال “سنترك ما يحدث في الخامس عشر من تموز إلى حينه، سيتضح كل شيء في ذلك اليوم”.
الا أن المتحدث باسم ائتلاف النصر آيات مظفر، قالت أنّ “أي معادلة حكم تخادمية وإقصائية فلن يكتب لها النجاح، وستقود النظام السياسي برمته إلى المجهول، وأنّ تحالف قوى الدولة الوطنية لن يكون معها”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى