أخبار الرافدين
د. مثنى حارث الضاري

فيض ذاكرة

رؤية الهيئة لحل الأزمات الاجتماعية في العراق

طرحت “هيئة علماء المسلمين في العراق” في وقت مبكر رؤيتها للواقع الاجتماعي في العراق وسبل حل المشاكل الاجتماعية الناشئة فيه بعد الاحتلال، وأبانت عن ذلك في مناسبات عدة، وأظهرت بعض توجهاتها ومقترحاتها في هذا الصدد عن طريق وسائل التواصل المباشر مع المكونات المجتمعية العراقية، أو عن طريق وسائل الإعلام.
ولم تكتف الهيئة بذلك؛ بل أصدرت كتابًا خاصًا سنة 2007م يتناول هذا الموضوع ويعالج همومه، وهو الكتاب الثالث في سلسلة إصداراتها بعنوان “منهج الإصلاح والتغيير؛ مشروع هيئة علماء المسلمين لبناء الحياة المثلى”. وقد نشر وقتها في الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة “الهيئة نت”، وطبع لاحقًا طبعتين في العراق وخارجه.
وأكدت الهيئة في هذا الإصدار على مجموعة قضايا، وأبانت فيه عن وجهة نظرها فيما يتعلق ببعض المفاهيم العامة السائدة في العراق فيما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي، ووسائله، وصلته بالتغيير السياسي. ونبهت فيه بصراحة ووضوح على أن التغيير السياسي عملية جماعية لا تقوم بجهد الفرد وحده، وأن الإصلاح الاجتماعي يمكن أن ينتج تغييرًا سياسيًا.
وتضمن هذا الإصدار عدة فصول بحثت في تفاصيل النظام الاجتماعي أو “السياسة المثلى لبناء إنسان الأمة والعناية بالمرأة”.
وانقسمت هذه الفصول على 12 مادة تناولت كل واحدة منها جانبًا من جوانب هذا الموضوع؛ حيث عرضت هذه المواد المبادئ العامة لهذا الموضوع المهم وأصّلتها شرعًا، ثم عالجت آليات التعامل معها وطرق بناء -ما اصطلح عليه معدو الكتاب- بــ “إنسان الأمة” بناءً صحيحًا.
واشتمل الإصدار في فصل مستقل على مقاربة لمشكلة الفقر وكيفية مكافحتها، وعلى نظامٍ مقترحٍ للآداب الشرعية بعنوان “السياسة المثلى لمكافحة الرذيلة والجريمة”؛ فضلًا عن مسائل أخرى ذات مساس مباشر بهموم الإصلاح الاجتماعي.
وعمليًا مارست الهيئة مهام الإصلاح الاجتماعي في مختلف مناطق العراق وبالقدر الذي تسمح به الظروف المتغيرة بسرعة وقتها، عن طريق اللجان الاجتماعية في فروعها، أو من خلال الجمعيات الخيرية المرتبطة بها أو المتعاونة معها، وقبل ذلك كله بالانشغال التام في النصف الأول من عام 2003م؛ لتأمين الجوانب الخدمية للمواطنين بعد انهيار مؤسسات الدولة بفعل الاحتلال الغاشم وما استصحبه من دمار هائل. وهي مرحلة مشهودة لا أظن أن مهتمًا بالشأن العراقي ينساها.
وعالجت الهيئة هذا الشاغل المهم أيضًا في أدبياتها السياسية والإعلامية، في بياناتها وتصاريحها الصحافية وأوعية التعبير الأخرى التي استعملتها للتعبير عن رأيها فيما يهم الوطن ومواطنيه. وتلحظ هذه المعالجة في تعرض هذه الأدبيات لمعاناة المواطنين، والتنبيه على من يعكر عليها بين الحين والآخر؛ حيث عرضت نسبة لا بأس بها من بيانات الهيئة لهذا الأمر منذ وقت متقدم، ومن ذلك بيانها رقم 15 الصادر بتأريخ “15/1/2004م”، عن تظاهرات مواطني محافظتي: العمارة والناصرية للمطالبة بحقوقهم في توفير فرص عمل لهم، وقمع الشرطة لتظاهراتهم، وسقوط قتلى وجرحى منهم نتيجة ذلك؛ حيث عد البيان الاعتداء على المتظاهرين؛ اعتداءً على العراقيين جميعًا.
ومصداق ما تقدم ذكره؛ هي التقارير الدورية الشهرية ونصف السنوية والسنوية، التي تصدر عن قسم حقوق الإنسان في الهيئة، وترصد حالات انتهاك حقوق الإنسان في عدة مجالات ومنها: الوضع الاجتماعي، والخدمات والبنى التحتية. ولعل التقرير السنوي لسنة 2007م، والتقرير نصف السنوي عن النصف الأول لسنة 2008م؛ هما أبرز شاهدين على ذلك.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

شاهد ايضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى