أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حملة عراقية تسلط الضوء على الانتهاكات ضد المعتقلين داخل السجون الحكومية بخلفيات طائفية

شهادات مروعة من الموصل حول دور المخبر السري في زج الأبرياء بالسجون والحكم عليهم بالإعدام.

الموصل – الرافدين

دشن مدونون وناشطون حملة على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم #سنة_العراق_ضحايا_ضباط_التحقيق لتسليط الضوء على الانتهاكات المروعة التي يتعرض لها المعتقلون وذويهم في السجون الحكومية والتي تصل إلى حد التصفية والقتل المتعمد.
ووصل حجم التفاعل في أقل من 24 ساعة على إطلاق الوسم إلى أكثر من 30 ألف تغريدة تضمنت قصصًا مروعة لمعتقلين تعرضوا للتعذيب وأخرى لعمليات ابتزاز مارسها ضباط التحقيق فضلًا عن شهادات متعلقة بفساد المنظومة القضائية وطائفية الأجهزة الحكومية لاسيما التابعة لوزارة الداخلية الحالية.
وجاءت هذه الحملة بعد ساعات على تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا يبين بشكل واضح طائفية رئيس هيئة ميليشيا الحشد فالح الفياض الذي شغل منصب مستشار الأمن الوطني ووزير الأمن الوطني في حكومات الاحتلال المتعاقبة حينما تحدث بشكل صريح عن ضرورة قتل المعتقلين السنة بحسب ما يؤمن به من عقيدة خلال حديث سابق جمعه بالصدر حول المعتقلين في السجون الحكومية.
وجاء حديث الفياض المسرب في هذا الوقت، مع أنه يعود إلى فترة سابقة، في خضم الصراع السياسي بين التيار الصدري وإطار الميليشيات الموالي لإيران، ليعزز حالة الشعور بالإقصاء والتهميش لدى أبناء حزام بغداد وأبناء المدن المنكوبة لاسيما مدينة الموصل مركز محافظة نينوى.
وذكرت مصادر حقوقية، أن سكان نينوى ما زالوا يتعرضون لابتزاز الميليشيات المسلحة ووشاية المخبر السري، والتي تزايدت بشكل كبير عقب العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة عام 2017.
وأوضحت أن نظام المخبر السري، ونشاط الميليشيات الموالية لإيران في المحافظة؛ تسببا بالكثير من الظلم للمواطنين، وراح ضحيتهما الآلاف من الأبرياء، مشيرةً إلى أنّ المعلومات التي يقدّمها المخبر السري كانت عبارة عن وشايات بسبب عداوات شخصية أو ابتزازات طمعًا بتحصيل المال.
ويبدو أن المشهد في محيط مدينة الموصل لايختلف عن مركز المدينة إذ يروي سكان قرية عباس التابعة لناحية النمرود في قضاء الحمدانية، جنوبي الموصل، شهادات مروعة مع المخبر السري أجبرتهم على الإدلاء باعترافات تحت “الإكراه”.
ويروي السكان تفاصيل عن اقتحام القرية في شهر آب من عام 2017 من قبل قوة حكومية، والصدمة التي عاشوها بعد اعتقال عدد من أبناء القرية ودور أحد المنتسبين في جهاز الاستخبارات الحكومي في عمليات الاعتقال وتلفيق التهم.
وقال فتحي حسن عباوي وهو من وجهاء القرية إن “قوة أمنية اقتحمت القرية واعتقلت 8 من شبابها، وبعد اعتقالهم تم إجبارهم على الاعتراف تحت التعذيب والإكراه”.
وأضاف عباوي أنهم “حصلوا على معلومات تتحدث عن تعذيب أولادهم وإجبارهم على الاعتراف بعضهم على بعض”، مبينُا أننا “لم نكتشف الأمر إلا بعد مرور عدة أشهر أما عمن كان يقف وراء الأمر فتبين انه مخبر سري من داخل القرية وضابط في الاستخبارات”.
وقال حمد إبراهيم وهو أحد وجهاء القرية ووالد مختارها لقد “فعلنا المستحيل لأجل إخلاء سبيل هؤلاء الأبرياء وقدمنا الشهادات في المحكمة ومع ذلك فقد حكم على 7 منهم بالحكم المؤبد وواحد منهم بالإعدام”.
وأضاف “اكتشفنا في نهاية المطاف أن ابني حازم مختار القرية كان أحد الأسباب لأنه قد أدلى بشهادته ضد أبناء القرية وحكم عليهم بهذه الأحكام بسبب اعترافاتهم التي انتزعت منهم تحت الإكراه وبسبب شهادته التي ثبتت الاعترافات.
بدوره يقول مختار القرية حازم حمد أن “ضابط الاستخبارات أجبره بالقوة والإكراه على أن يؤيد أن شباب القرية المعتقلين ينتمون لداعش وقد بايعوا التنظيم وحملوا السلاح معه مهددًا إياه بأنه في حال لم يقدم افادته ضدهم سيجعلهم يعترفون ضده بأنه كان معهم فضلًا عن تهديده باعتقال زوجته وبناته والإيحاء بالاعتداء عليهم في “شعبة الاستخبارات” إذا لم ينفذ ما يمليه عليه.
وأضاف حمد “شهدت بعد ذلك ضد أبناء القرية وقدموا للمحاكمة وحكم على واحد بالإعدام وأما البقية حكم عليهم بالمؤبد”، مبينًا أن “جميع المعتقلين أبرياء وجميع أبناء وشيوخ القرية يشهدون بأنهم ابرياء”.
ويوضح المختار أنه لم “يكن يستطيع الحديث او البوح بأي كلمة خوفًا على زوجته وبناته وأنه لم يستطيع الحديث حتى نقل ضابط الاستخبارات الى قاطع آخر” قبل أن يتوجه الى مركز شرطة النمرود ويقيم دعوى قضائية ضد ضابط الاستخبارات.
ويأتي الكشف عن قصة شباب قرية العباس في ناحية النمرود، بعد أيام من اعتقال متهمين بقتل سيدتين في مدينة الموصل وحرق جثتيهما قرب منطقة سد الموصل.
وترتبط الحادثة أيضًا بوشاية مخبر سري، فالمرأتان المغدورتان استدرجهما شخصان بعد أن وعدا بإطلاق سراح زوجي المرأتين المعتقلين بوشاية من مخبر سري، وذلك مقابل مبلغ مالي كبير.
وبحسب مصادر أمنية فإن الجناة وبعد الحصول على المبلغ المالي اقتادا الضحيتين إلى منطقة نائية في سد الموصل وقتلاهما وأحرقا الجثتين.
وتشير المصادر إلى أن شرطة نينوى ألقت القبض على أحد الجناة، وما يزال آخر هاربًا ويرجح أنه قد غادر العراق.
وعلى خلفية الموضوع عقدت عشيرة الضحيتين “البومتيوت” مؤتمرًا عشائريًا في مدينة الموصل، دعت خلاله إلى التحقيق في حادثة الجريمة، والتي بدأت أحداثها بوشاية المخبر السري، وطالب المؤتمر بمحاسبة المخبر الذي بسببه أودع زوجي الضحيتين في السجن منذ سنوات.
وتسلط هذه الواقعة الضوء مجددًا على نظام “المخبر السري”، الذي أوجده الاحتلال وكرسته حكوماته المتعاقبة بعد 2003، كأحد أساليب تحصيل المعلومات الأمنية، بمنح مكافآت مالية للأشخاص الذين يقدمونها، وعادة ما تتبنى القوات الحكومية والمنظومة القضائية هذه المعلومات في التحرك ضد الأشخاص الذين يستهدفهم المخبر السري.

الكاظمي يتنصل عن وعوده بإنهاء ظاهرة المخبر السري

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، مصطفى الكاظمي، قد أقر بوجود قضايا كيدية، أدخلت أبرياء الى السجون ولسنوات طويلة، وأطلق وعدًا في الوقت الضائع لحكومته، بتشكيل لجنة مع السلطة القضائية لمتابعة هذه القضايا خلال تعليقه على مجزرة جبلة التي راحت ضحيتها عائلة بأكملها نتيجة وشاية كاذبة دون أن تبصر وعوده النور حتى اللحظة.
وتتسبب مثل هذه الوشايات في العادة كذلك في زج عشرات الآلاف من الأشخاص في السجون، خاصة في المدن المنكوبة وحزام بغداد، فيما استخدمها آخرون لأغراض شخصية، أو في حالة الانتقام من الخصوم.
وأعلن القضاء، خلال العمليات العسكرية التي شهدتها تلك المدن، إحالة نحو 500 مخبر سري إلى القضاء، بتهمة البلاغ الكاذب في محاولة لذر الرماد في العيون وفقًا لناشطين في حقوق الإنسان.
ولا توجد أرقام رسمية بشأن ضحايا نظام “المخبر السري” في العراق، لكن سياسيين وحقوقيين يتحدّثون عن عشرات الآلاف من الذين تم الزج بهم في السجون بسبب المعلومات التي قدمها مخبرون سريون.
ويقترب عدد السجناء في العراق من عتبة المائة ألف، منهم أكثر من 70 ألف موزعون على 9 سجون تابعة لوزارة العدل، بينما يتوزع العدد المتبقي على سجون تعرف بالمؤقتة تتبع وزارات الداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تتبع أجهزة أمنية أخرى مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني فضلًا عن مئات السجون السرية التي تشرف عليها الميليشيات.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى