أخبار الرافدين
كرم نعمة

نادي لصوص الدولة

شن التيار الصدري على أحد أكبر قادته الذي سبق وأن قلده منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة نوري المالكي، حملة فساد كبرى باعتباره من كبار لصوص الدولة. لا أحد يشك أن المنطقة الخضراء تشترط في السماح بالدخول إليها، الحصول أولًا على عضوية في نادي لصوص الدولة.
نتفق مع التيار على لصوصية من سبق وأن مثلهم في حكومة المالكي التي أدارت أكبر عملية سرقة في التاريخ السياسي المعاصر.
لكن التيار الصدري نفسه شريك فعلي في تلك العملية، وهنا تكمن “الشجاعة الفارغة” في محاربة الفساد عندما يتم استبعاد لصوص كبار ما زالوا يتقلدون مناصب عليا في التيار والتركيز على لص واحد خرج عن طوعهم!
يبدو مثال “لص التيار الصدري” مفيدًا في عرض سلسلة لصوص الدولة، كم بلغ أعضاء هذا النادي منذ أن أسسه كبير اللصوص سيء الذكر أحمد الجلبي إلى آخر الذين أعلنوا عن لصوصيتهم على الشاشات التلفزيونية.
حامد البياتي القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي الذي تم تعيينه نائبًا لوزير الخارجية ثم سفيرًا للعراق في الأمم المتحدة بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003. قدم نفسه في حوار تلفزيوني مؤخرًا مع محطة (CNBC) الأمريكية بانه يمتلك عقارات في الولايات المتحدة بقيمة ستين مليار دولار.
بالطبع لا أحد يسأله اليوم عن مصدر هذه الأموال من أعضاء نادي لصوص الدولة في العراق. لكن يبقى مثال البياتي كلص مفيدًا جدًا، مثل مثال لص التيار الصدري، بيد أن القائمة طويلة ولا تسعها هذه المساحة.
كان من بين أهم الأسئلة التي تبقى متداولة أثناء وبعد الانتخابات البرلمانية عن المال الفاسد الذي يدير حملات تلك الانتخابات. يسأل العراقيون من أين لنوري المالكي كل هذا المال الذي يوزع على شيوخ العشائر والأتباع لشراء الأصوات الانتخابية من قبل، ويشتري اليوم الحماية الشخصية لنفسه. لكنهم يسخرون من أنفسهم وهم يجيبون عن سؤالهم. لأن واقع الفساد المهول جعل حال المرء في العراق يسأل نفسه مستغربًا ويرد على سؤاله متهكما! وأين ذهبت أموال العراق!
هناك خرافة وزيف وخواء ولصوصية في كل الذي يحصل في العراق السياسي والطائفي، وحتى لو وجدت النيات الطيبة والدافع المخلص داخل الوزارات العراقية، فلن تكون مؤثرة، إلى أن تعجز عن مواجهة ماكنة فساد هائلة تدير البلد.
كنت على تواصل دائم، مع مصادر تمر من أمامها الوقائع المهمة. وعلي أن أعبّر عن امتناني لها على تزويدي بمعلومات يبحث عنها الصحافي مثلي. ومن حسن حظي أن تلك المصادر لا ترغب بإعطاء المعلومات لمصدر إعلامي محلي، لأسباب متعلقة بالسلامة الشخصية ويقينها بعدم قدرة أي مصدر إعلامي داخل العراق على نشرها، كما فعل مثلًا الصحافي البارع روبيرت ورث وهو يخترق بعض مداخل نظام حكم اللصوص البيروقراطي في العراق، في تقرير مثير بصحيفة نيويورك تايمز.
سألت مصدري عن تقرير تلفزيوني مصور لأحد قادة الأحزاب الطائفية الذي ترأس الحكومة من قبل، وهو يوزع مسدسات على شيوخ عشائر لحثهم على الوقوف معه في الانتخابات الأخيرة التي انتهت إلى الخواء الحكومي لحد الآن.
قال محدثي إن هذا الزعيم لم يدفع فلسًا واحدًا من أموال تلك الرشى الانتخابية! وهناك من عليه تحمل أموال هذه الدعاية بعد أن أغدق عليه من قبل من أموال الدولة العراقية عندما كان يتقلد منصبه.
ومن بين الذي تكفلوا بالمال الفاسد، شاب أمّي لا يستطيع تهجي أكثر من اسمه، ولك أن تتخيل وعيه، ساعده المسؤول الفاسد على الاستيلاء على أكبر خمسة معامل للطحين في العراق، مستثمرًا عمله السابق كعامل في واحد من تلك المطاحن!
وقّع معه عقدًا، عندما كان مسؤولًا حكوميًا، “لازال العقد مستمرًا مع أن المسؤول الفاسد خارج الحكومة اليوم” أن يزود الدولة بالطحين الذي يوزع في الحصة التموينية. أحد أهم الشروط أن يبقي المطاحن العراقية معطلة ويستورد كل الطحين من إيران. ويزعم أنه نتاج المعامل العراقية المعطلة.
هذا الأمّي اليوم من كبار أثرياء العراق مع أنه لم يصل الخمسين من عمره، وتزداد ثروته من ماكنة الفساد المستمرة في الدوران.
وكان من بين أهم ما فعله هو التكفل بجزء من أموال الدعاية الانتخابية لحزب السياسي الفاسد.
لن تكون قصة الفساد هذه مفاجأة في عراق نادي لصوص الدولة، إلا إذا حصل العراقيون على إجابة مقنعة من أين حصل حامد البياتي على تلك الثروة، ووضع لنا التيار الصدري قائمة كاملة باللصوص من قياداته ولا تقتصر على لص واحد خارج التيار اليوم، وسنكون أكثر تفاؤلًا إن حصلنا من عمار الحكيم على مصدر ثروته، بل أن طموحنا أقل من ذلك بكثير عندما يجيب على سؤال العراقيين من أين اشتريت منزل نائب رئيس الوزراء الراحل طارق عزيز وأنت تستولي عليه وتقيم فيه مؤتمراتك الصحفية المليئة بهراء “العدالة” و “الحق الشرعي للمكون”؟
عندما تقترب الدول من الانهيار ينظر إلى قضائها باعتباره جدار الصد الأخير في المحافظة على مفهوم الدولة. لكن القضاء في العراق إن لم يكن عضوًا مؤسسًا لنادي لصوص الدولة، فإنه لا يجرؤ على فتح قائمة أعضاء هذا النادي على منصته!

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى