أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عشرون طائرة معطّلة في مطار بغداد تكشف القعر الآسن للفساد

مسؤول حكومي: تعطل الطائرات جزء من الفساد المالي والإداري، وإحالتها للصيانة لا يتم إلا عبر صفقات فساد تشترك فيها عدد من الجهات، تفرض حصة مالية لها.

بغداد – الرافدين
كشفت وثيقة مسربة من وزارة النقل الحالية في العراق عن وجود أكثر من عشرين طائرة معطلة على أرض مطار بغداد الدولي، وأنها لم تخضع للصيانة والإدامة لفترات طويلة، في مؤشر جديد على الفساد وهدر المال العام في البلاد.
وتزامن نشر الوثيقة مع أنباء تتحدث عن تهريب طائرة عراقية تابعة لشركة الخطوط الجوية العراقية بالتواطؤ بين مسؤولين في الشركة مع رجل أعمال عراقي.
ووفقًا للوثيقة، فإنّ “عدد الطائرات غير العاملة يتجاوز 20 طائرة داخل المطار، وهذا عدد مخيف ويؤشر لعدم إمكانية إدارة الشركة -الخطوط الجوية العراقية- متابعة القسم الفني بصورة صحيحة، وعدم إمكانية القسم الفني القيام بمهامه الرئيسة وهي إدامة الطائرات”.
وذكرت أن هذا الأمر “سيؤثر سلبًا على عمل الشركة وأدائها”.
وأشارت الوثيقة الصادرة عن مكتب وزير النقل إلى ضرورة “استغلال هذه الطائرات لغرض رفع المستوى المالي التي يفترض أن تحققه الطائرات للشركة وكذلك على جدولة حركة الطائرات وخدمة الخطوط التي تعمل عليها الشركة”.
وحمل مكتب الوزير إدارة الشركة والقسم الفني “تبعات عدم الاهتمام بصيانة هذه الطائرات، وعدم اتباع الطرق الصحيحة للحصول على الأدوات الاحتياطية”. الأمر الذي أثار تهكم العراقيين على مواقع التواصل، عندما صدر هذا الكلام عن مكتب الوزير وليس على لسانه، في محاولة للهروب إلى الأمام، مثيرًا التساؤل المرير “إذا كان الوزير يحمل العاملين في وزارته التقصير، فماذا يفعل هو؟”.
وأكدت الوثيقة وجود حالات تؤشر لوجود فساد كبير بهذا الخصوص، كما في قضية الطائرتين إيرباص (A220) اللتان لم تحسم قضيتهما بعد.
وأشارت إلى قضية “طائرة (B737-700) بعد تسلمها من شركة (فلاي بغداد)، ومضى على جثومها في أرض المطار ثلاثة أشهر ما يؤدي إلى اندثار الطائرة، ويفسَّرُ باللامبالاة وعدم الجدية في إعادة هذه الطائرة إلى الخدمة، بالرغم من توجيهات الوزير المستمرة بذلك”.
ودعت الوثيقة إلى “اتخاذ ما يلزم وإعلام الوزارة بذلك”، محذرة من أنه “بخلاف ذلك سيتم اتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على المال العام، وإعادة هذه الطائرات إلى وضعها الطبيعي لغرض الاستفادة منها للنقل الجوي التجاري وتعظيم موارد الشركة”.
وكانت وسائل إعلام عراقية وخليجية قد تناولت خبر تهريب طائرة عراقية تابعة لشركة الخطوط الجوية العراقية بالتواطؤ بين مسؤولين في الشركة مع رجل أعمال عراقي أطلق عليه أسم “الأوكراني” وتمت الإشارة عند نشر الخبر غير المؤكد إلى أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فتح تحقيقًا في الموضوع.
ولم تعلق المصادر الحكومية على عملية تهريب الطائرة، على الرغم من انتشار تداعياتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفتح عراقيون مساحات صوتية على تويتر لمناقشة عملية التهريب وكيف حصلت، من دون أن يصدر أي تعليق من الخطوط الجوية العراقية.
وأكد مسؤول في مطار بغداد رفض الكشف عن اسمه، أن بعض تلك الطائرات معطلة منذ نحو عام كامل، كما إن “هيمنة بعض الأحزاب والجهات السياسية على عمل مطار بغداد، والحصول على الاستثمارات فيه، تسببت بتراجع مستوى الأداء بشكل واضح”.
وأضاف أن “تعطل تلك الطائرات جزء من الإهمال والفساد المالي والإداري، وأن إحالتها للصيانة لا يتم إلا عبر صفقات فساد تشترك فيها عدد من الجهات، وكل جهة تفرض حصة مالية لها، ما يتسبب بتعطيل العمل بأغلب الملفات التي تخص المطار، ومنها الملفات الاستثمارية”.
وانتقد مدونون عراقيون استمرار الفساد وهدر أموال العراق.
وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، موظفًا في وزارة النقل، يعبر عن غضبه من الفساد المستشري في مطار بغداد الدولي.
وتحدث الموظف عن فساد مطار بغداد، وكيفية إهمال العجلات الحكومية الخاصة بنقل المسافر من أجل إسناد المهمة إلى شركات وسيارات بلوحات مدنية.
وقال الموظف بحسب المقطع المصور، إن “الفساد مستشري في المطار بشكل كبير، حيث النداء فساد وتكسي المميز فساد وعقودهم باطلة”.
وأضاف “أعلم انني سوف أتجرد من عملي وأطرد، ولكن هذه هي الحقيقة.. الفساد مستشري بشكل كبير في وزارة النقل ومطار بغداد، والجميع مرتشي”.
وتابع “إننا موظفون وبتمويل ذاتي، كل شخص راتبه لا يتجاوز الـ 400 ألف دينار، وحتى عندما تكلم المدير العام تم استهدافه، لأن الجميع فاسدون ومرتشون”.
وكان طيارو شركة الخطوط الجوية العراقية قد أعلنوا إضرابًا عن العمل في شباط الماضي، احتجاجًا على ما وصفوه “الفساد في الشركة” ما أدى إلى توقف رحلات الشركة من مطار بغداد.
وأكدوا في بيان أن عقود الفساد “نخرت الشركة وتسببت بهدر ملايين الدولارات لصالح جيوب الفاسدين، ولم يتم اتخاذ أي إجراء من الحكومة”.
وطالبوا بضرورة “فصل شركة الخطوط الجوية العراقية عن وزارة النقل، وجعلها هيئة مستقلة ومرتبطة برئاسة الوزراء، كما كان معمولًا به سابقًا، ومنح صلاحيات كاملة لمدير عام الخطوط الجوية العراقية ومجلس إدارتها لإدارة العمل”.
وشددوا على مراجعة كافة العقود المبرمة لشركة الخطوط الجوية العراقية وإلغائها أو تعديلها بما يخدم مصلحة الشركة.
وتشير تقارير دولية إلى تغلغل الفساد في مفاصل الدولة العراقية، في الوقت الذي لم تفلح الجهود التي بذلت حتى الآن من بعض الجهات الرقابية والتنفيذية والقضائية في إيجاد حد لهذا الفساد، سيما وأنه مرتبط بأحزاب مهيمنة على المشهد السياسي في البلاد ولها أذرع مسلحة تهدد مؤسسات الدولة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى