أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

سراق وقتلة

لم يصدق العراقيون في البداية تلك القصص التي بدأت تتحدث بها وتروي تفاصيلها العوائل العراقية، التي تتعرض لمداهمات في الغالب ليلية وتحديدا في ساعات متأخرة من الليل من قبل الدوريات الأمريكية، خصوصا في القرى والقصبات والمدن التي تتعرض فيها تلك القوات لهجمات واسعة من قبل المقاومين في العراق، وعدم تصديق تلك القصص من الآخرين يعود إلى أن التعبئة الدعائية التي طالما روج لها الإعلام الأمريكي وأدواته وقنواته من وسائل الإعلام العربية يختلف عن تلك الصوة التي تختلف تماما عن الصورة الراسخة في الأذهان؛ لأن صورة الجندي الأمريكي المقاتل و”الشجاع” و”النبيل” كما تركتها ورسَّختها السينما الأمريكية وخصوصا سلسلة أفلام سلفستر ستالون في عقول العراقيين، قد احتلت حيزا كبيرا طيلة عقود من الدعايات الأمريكية، لكن أن يكتشف العراقيون ومنذ الأيام الأولى للاحتلال أن الجنود والضباط الأمريكيين ليسوا بأكثر من سرَّاق “لصوص” ومجرمين؛ فقد كانت أول عورة يكتشفها العراقيون في سلسلة عورات القوات الأمريكية والبريطانية وغيرها من قوات الاحتلال في العراق.
“لقد سرق الجنود فلوسنا وسرقوا الذهب والمجوهرات”.
هذه العبارات بدأت ترددها العوائل إثر مداهمات بيوتهم من قبل تلك القوات، طبعا تستثنى من ذلك العوائل الفلاحية والبسيطة التي لا تمتلك مدَّخرات وذهب ومجوهرات، وبعد عدة أشهر أصبحت القناعة راسخة بأن هؤلاء ليسوا بأكثر من عصابات إجرام ولصوصية، وأنهم يسارعون لارتكاب مختلف الجرائم البشعة.
ولم يتردد الجنود الأمريكيون في ضرب أفراد العائلة بعد تحطيم الأبواب وتفجيرها بقنابل خاصة، ويصيب الأطفال الهلع بسبب طريقة تفجير الأبواب واقتحام غرف النوم، واقتياد الرجال وربط الأيدي ووضع الكيس الأسود على رؤوسهم وطرحهم أرضا والانهيال على أجسادهم بالضرب المبرح، ولم يتردد الجنود الأمريكيون في الاعتداء على الشيوخ والنسوة والأطفال، والاستيلاء على كل ما يصادفون، ليغادروا بعد ساعات وقد اصطحبوا جميع الرجال أو غالبيتهم لإيداعهم السجون الانفرادية، ثم تتوالى حفلات التعذيب، ويستمر هذا الحال لأسابيع بل ولأشهر وتحت ذات البرنامج الوحشي اليومي، طبعا التاريخ الذي نتحدث عنه قبل ظهور فضائح سجن أبو غريب بعشرة أشهر تقريبا، حيث كان أول حديث عنها في نيسان 2004.
في تلك الفترة التي تصاعدت فيها هجمات المقاومة العراقية وازدادت عمليات الاعتقال والتعذيب الوحشي بحق كل عراقي يتم اعتقاله، لم يكن الناس يعرفون بشاعة التعذيب في المعتقلات الأمريكية، لكن ما أن بدأ الإفراج عن البعض ـ ويبدو الإفراج عن البعض ـ كان لنقل صور التعذيب الوحشي بين العراقيين ليرتدع الآخرون، لكن الذي حصل أن حماس العراقيين قد ازداد لردع المحتل المجرم.
ولم يرتدع الرجال ولم تتوقف عمليات قتل واستهداف المحتلين.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى