أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مئات الآلاف من الأمهات في العراق لا يعرفنَ مصير أبنائهن

مدير منظمة الكرامة لحقوق الإنسان في جنيف المحامي رشيد مصلي: السلطات في العراق غير جادة في محاسبة المتورطين بجرائم التغييب والإخفاء القسري.

عمان- الرافدين

كشف المحامي والباحث القانوني والناشط في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان أحمد أصلان، حجم جرام الاختفاء القسري التي ترافقها ظاهرة الإفلات من العقاب في العراق.
ولفت أصلان في الندوة التي نظمها قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، إلى أن لجنة الأمم المتحدة أكّدت عدم وجود بيانات موثوقة عن حالات الاختفاء القسري والكمية الكبيرة من الجثث مجهولة الهوية وانتشار المقابر الجماعية، على الرغم من تلقيها بلاغات عن 420 مكانًا للاحتجاز السري في عموم العراق.
وعرض أصلان في الندوة التي أقيمت بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري بالعاصمة الأردنية عمان، تحت عنوان “مئات الآلاف من الأمهات في العراق لا يعرفنَ مصير أبنائهن، حالات الاختفاء القسري في العراق التي أجمعت بشأنها كل التقارير الدولية على اعتبارها ظاهرة حتى أصبحت موجة اجتاحت معظم المحافظات في العراق، مبنيًا أن ذلك جاء نتيجة عدد من العوامل، من بينها: حالة الحرب المستمرة والنزاعات المسلحة الداخلية السياسية والطائفية وانتشار فوضى السلاح وسيطرة لمليشيات على مساحات شاسعة من البلاد في ظل مناخ يمتاز بعدم الاستقرار السياسي.
واستهل الباحث القانوني ورقته بالتعريف بجرائم الاختفاء القسري، وتوصيف ضحاياه، مبينًا أهم البنود التي تضمنها القانون الدولي في التعاطي مع هذا النوع من الجرائم، مؤكدًا أن الاختفاء القسري يعد جريمة ضد الإنسانية، لا تسقط بالتقادم.
من جهته؛ قال مدير منظمة الكرامة لحقوق الإنسان في جنيف المحامي رشيد مصلي، الذي شارك في الندوة عبر تطبيق “سكايب” إن السلطات الحكومية في العراق غير جادة في محاسبة المتورطين بجرائم التغييب والإخفاء القسري، مشيرًا إلى التواطؤ الواضح بين الحكومات المتعاقبة والميليشيات التي ترتكب هذه الجرائم.
وتناولت مداخلة مصلي دور المنظمات الحقوقية الدولية في متابعة ملف الاختفاء القسري في العراق، والتحديات التي تواجه عملها، فضلاً عن طبيعة حالات الاختفاء القسري التي تم توثيقها وعددها التقريبي خلال العقدين الماضيين، والانطباعات العامة بشأن عمل لجنة الاختفاء القسري الأممية وطبيعة ردود السلطات الحكومية بشأن الحالات التي تم توثيقها، وانطباع اللجنة الأممية حيال تلك الردود.
وسلطت ندوة قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين الضوء على حالة العراق بوصفه البلد الأعلى احتواءً على حالات الاختفاء القسري في العالم، حيث تم تسجيل إحدى عشرة ألف شكوى بالإخفاء القسري في غضون النصف الأول من العام الحالي 2022.
في غضون ذلك أطلق ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي وسما حمل عنوان “اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري” في محاولة منهم لإيصال رسالة إلى الرأي العام العالمي بشأن آلاف المختطفين في العراق الذين لم يعرف مصيرهم إلى الآن.
وأشار عدد من الناشطين في تغريدات لهم بأن في بغداد وحزامها لوحده خطف منه الآلاف ومن مكون بعينه على يد المليشيات الطائفية وسط صمت حكومي، فيما ذهب آخرون للقول إن آلة الخطف الميليشياوية امتدت لتصل إلى متظاهري ثورة تشرين السلميين كونهم فضحوا فساد وممارسات النظام السياسي الحالي ومن يمثلوه.
وأشار آخرون إلى الأرقام التي ذكرتها منظمات دولية كـ “هيومن رايتس ووتش” التي أكدت فيها وجود ما بين 250 ألف إلى مليون عراقي لا يعرف ذويهم مصيرهم فيما لم تحرك الحكومة ساكناً تجاههم.
وسبق أن صف مصدر سياسي عراقي اعتراض وزارة الخارجية الحالية على تقرير حقوق الانسان في العراق الذي نشرته وزارة الخارجية الامريكية مؤخرًا، بكوميديا العبث الدبلوماسي، لأن الطرفين ناشر التقرير والمعترض عليه، متورطان بالدم العراقي.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين”، إن ما نشره التقرير الأمريكي لا يمثل إلا الجزء الضئيل من الانتهاكات المتعسفة والاغتيالات والخطف التي تمارسها الميليشيات الطائفية ولصوص الدولة في العراق.
وذكّر المصدر بما كشفت عنه مؤخرًا وثائق سريّة لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن انتهاكات وإخفاقات متكررة في شنّ غارات جوية مميتة من قبل الجيش الأمريكي ضد المدنيين في العراق.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت في تقرير مطول نشرته باللغة العربية في موقعها الإلكتروني “قطعت الوعود بحرب تنفّذها طائرات مسيّرة ذات قدرات رصد فائقة وقنابل دقيقة التوجيه، لكنّ الوثائق تكشف عن معلومات استخباراتية مغلوطة، وعمليات استهداف خاطئة، وسنوات من سقوط القتلى بين صفوف المدنيين وأقلّ القليل من المساءلة”.
ونشرت الخارجية الأميركية تقريراً مفصلاً عن ممارسات حقوق الإنسان في العراق حيث أورد التقرير أنه هناك عمليات “قتل غير قانونية أو تعسفية”، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء على يد الحكومة، ووجود حالات اختفاء قسري لمواطنين، وتوجهها نحو التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة وأن ظروف السجن قاسية ومهددة للحياة.
وأضاف التقرير أن “هناك قيود خطيرة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك العنف أو التهديد بالعنف ضد الصحفيين، والرقابة، ووجود قوانين جنائية للتشهير، وقيود خطيرة على حرية الإنترنت، والتدخل الكبير في حرية التجمع السلمي”.
بالإضافة إلى إجبار بعض النازحين على العودة القسرية إلى مواقع يواجهون فيها تهديدات لحياتهم وحريتهم، مع فساد حكومي خطير وغياب التحقيق والمساءلة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن “ميليشيا الحشد التي تتلقى تمويلًا من ميزانية الدفاع الحكومية إلا أن عملياتها تكون خارج سيطرة الحكومة وأنها أداة بيد إيران والحرس الثوري”.
وتناول التقرير تظاهرات ثورة تشرين التي شهدها العراق وعمليات القتل التي طالت ناشطين ومتظاهرين، معتبرًا أن الحكومة لم تتخذ المطلوب لتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة.
وطالب عضو التيار المدني أحمد حقي الحكومة ألا تنكر ما جاء في التقرير، لا سيما أنه لا يختلف عن تقارير سابقة لمنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، أكدت وجود عمليات الخطف والاختفاء القسري والقتل العشوائي وتورط عناصر أمنية وأخرى من فصائل مسلحة فيه.
وأضاف حقي أنه “يتحتم على الحكومة أن تستفيد من تلك المعلومات، وتشكل لجانًا تحقيقية خاصة تتابع تلك الملفات، مشيرًا إلى أن الآلاف من المغيبين من أهالي محافظة الأنبار والموصل وغيرها شاهد على تلك الانتهاكات التي لم تواجه بمحاسبة قانونية”.
يشار إلى أن منظمات حقوقية كانت قد اتهمت الحكومة في بغداد بالتقصير في حماية المدنيين والمتظاهرين، وانتهاك حقوق الإنسان في البلاد، إذ ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقارير عدة، أن الحكومة الحالية لم تف بوعودها بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ضد الناشطين والمتظاهرين، فيما أكدت استمرار الانتهاكات والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القضاء.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى