أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حرق الغاز يقتل العراقيين ويستنزف بيئتهم وثرواتهم

الشركات النفطية تتهرب من إعلان الكميات الهائلة للانبعاثات النفطية السامة في العراق.

بغداد ــ الرافدين

تمثل عملية حرق الغاز الفائض الذي تنتجه حقول النفط والمعروف بـ “غاز الشعلة” خطرًا كبيرًا على البيئة وصحة المواطنين، فضلًا عن كونه هدرًا للطاقة التي يمكن الاستفادة منها لصالح البلاد.
وكشف تحقيق صحفي لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، بشأن عدم إعلان شركات النفط العملاقة عن ملايين الأطنان من الانبعاثات الناتجة عن حرق “غاز الشعلة” المترافق مع استخراج النفط في العراق، والذي تسبب بارتفاعٍ كبير بنسب الأمراض وحالات الوفاة بين العراقيين.
وأكد التحقيق عن وجود عشرات الحقول النفطية التي تعمل فيها الشركات النفطية العالمية لا تعلن عن كمية انبعاثات حرق “غاز الشعلة”، على الرغم من تبنيها تعهدات البنك الدولي للعام 2015 الذي يدعو إلى وقف جميع عمليات حرق الغاز بحلول عام 2030.
وأضاف التحقيق أن الشركات النفطية تتهرب من المسؤولية، بحجة التعاقد مع شركات أخرى لإدارة العمليات اليومية في هذه الحقول النفطية، والتي تتحمل مسؤولية الكشف عن الانبعاثات الغازية الناتجة عن حرق “غاز الشعلة”.
وبحسب التحقيق ففي العام 2021 لم يتم الإبلاغ عن ما يعادل نحو 20 مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر عن هذه المواقع وهو ما يعادل الانبعاثات الغازية لنحو 4.4 مليون سيارة سنويًا.
ولفت التحقيق أن أعلى مستويات حرق للغاز في العالم موجود في العراق، الأمر الذي يتسبب بانبعاث نسب عالية من المواد الكيميائية التي تعتبر السبب الرئيس لانتشار مرض السرطان بين أبناء التجمعات السكانية الموجودة بالقرب من حقول النفط.
وتشير تقارير وزارة الصحة، إلى ارتفاع نسب الإصابة بمرض السرطان خلال الأعوام الأخيرة نتيجة انتشار الملوثات التي تتسبب بسرطان الدم وغيرها من الأمراض ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل العجز الكبير الذي تشهده المستشفيات الحكومية في استقبال المرضى وتوفير العلاج اللازم لهم.

الغازات السامة تنفث سمومها على العراقيين

ويقول المهندس في منشأة النفط المحلية غزوان مصطفى، إن الغازات السامة في الهواء تسببت في مرض العديد من العمال.
وأضاف مصطفى، أنه من بين الناجين من الإصابة بمرض السرطان لافتًا “أن 20 آخرين ممن عملوا معه في المصفاة توفوا منذ عام 2016”
ولا يقتصر ضرر انبعاث “غاز الشعلة” على صحة السكان فقط، بل حتى على الغطاء النباتي والثروة الحيوانية والمائية في البلاد، الأمر الذي يهدد بتحول المناطق القريبة من حقول النفط إلى أراض غير صالحة للحياة.
وقال مدير ناحية أم قصر صالح العيداني، إن الناحية تتعرض إلى تحديات بيئية خطيرة مرتبطة بالصناعات النفطية وانبعاثات الغازات النفطية السامة.
وأضاف العيداني، أن أعمال حفر واستخراج النفط المستمرة في الناحية، تنفث سمومها التي تشكل خطرًا كبيرًا على حياة السكان، داعيًا الحكومة للكشف عن مصدر التلوث، واتخاذ الإجراءاتِ لحماية صحة المواطنين في الناحية.
وأوضح تقرير لشركة ميدل إيست إيكونوميك داي جست، أن الشركات النفطية التي تستثمر بمشاريع النفط في العراق، عليها أن تلعب دورًا مهمًا في منع حوادث التلوث البيئي.
وقال المتحدث باسم مرصد أفاد حسين دلي في مداخلة لقناة الرافدين، إن التلوث النفطي في البصرة والمحافظات الجنوبية هو نتيجة التواطؤ بين السلطات الحكومية والشركات النفطية ومنح تراخيص العمل  على حساب حياة المواطنين.
وأضاف دلي، “يجب على الحكومة تعويض الساكنين قرب مواقع حقول النفط وإيجاد بدائل سكنية مناسبة لهم”.
وتشهد المحافظات العراقية تفاقم مشكلة الانبعاثات الغازية بالإضافة إلى التسريبات الناجمة عن تهالك أنابيب نقل النفط نتيجة لعدم صيانتها وغياب الدور الرقابي، على الرغم من الإيرادات النفطية الهائلة التي يجنيها العراق من تصدير النفط.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى