أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

هشاشة العام الدراسي الجديد تفضح استعدادات حكومة الكاظمي المزعومة

الإهمال الحكومي لقطاع التعليم في العراق وعدم توفير التخصيصات المالية يزيد من أعباء الأسر محدودة الدخل.

بغداد- الرافدين
تحول بدء العام الدراسي الجديد في العراق إلى فضيحة تعليمية بعد أن تأخر انطلاقه عن موعده المعتاد في كل عام، وسط تردي واقع التعليم وتدني مستواه.
وبدلًا من معالجة ما سببوه من كوارث سارع السياسيون وزعماء الميليشيات إلى نشر تبريكاتهم بمناسبة بداية العام وكأنهم حققوا للتعليم معجزة، كما يقول صحفيون وتربويون.
وكان من أبرز تلك التبريكات التغريدة المنسوبة لزعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي الذي أبدى استعداده لإنجاح العام الدراسي الجديد قبل أن تتحول تغريدته لمادة سخرية لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
واستغرب رواد مواقع التواصل من حرص الخزعلي “المزعوم” على التعليم وهو المتهم بسرقة مصفى بيجي وتصفية العراقيين على الهوية بحسب خصمه اللدود مقتدى الصدر و”وزيره” محمد صالح العراقي.
والتحق الطلاب إلى مدارسهم في ظل غياب الاستعدادات التي لطالما تبجحت بها الحكومة في الأشهر الماضية في أجواء يسودها الفوضى وعدم تهيئة الأبنية المدرسية لاستقبال العام الجديد الذي يعود بشكل حضوري بعد توقف امتد لسنوات.
وأكدت وزارة التربية أن العدد الكلي للطلبة الملتحقين بالصفوف الدراسية بلغ أكثر من 12 مليون طالب، في حين بلغ أعداد طلاب الصف الأول الابتدائي أكثر من مليون و200 ألف تلميذ.
وجاء العام الدراسي والبلد يعيش أزمة اقتتال بين الأحزاب والميليشيات على السلطة بعد نحو عام على إجراء الانتخابات وفشل السلطات الحكومية في توفير أدنى مقومات العملية التعليمية وفي مقدمتها الأبنية الصالحة للدراسة.
وتشير إحصاءات إلى أن البنية التحتية للتعليم في العراق متهالكة في معظم مناطقه، وأن نصف عدد المدارس تضررت وتحتاج إلى إعادة تأهيل، بينما يطبق عدد منها نظام تعليم مزدوج قائم على مشاركة أكثر من مدرسة في مبنى واحد ما يخلق ضغوطًا كبيرة على الوقت المخصص لتعليم التلاميذ.

اكتظاظ الصفوف وقلة الأبنية المدرسية يؤثران سلبًا على استيعاب الطلبة وفهمهم

وكان وزير التربية علي خلف الدليمي قد حدد عدد المباني المدرسية بـ 16.600، مشيرًا إلى حاجة العراق إلى ما بين 8 و9 آلاف مبنى مدرسي للتخلص من الدوام المزدوج المطبق حاليًا.
وتفيد تقارير بأن نسبة 35 في المائة من المدارس لا تتضمن مباني خاصة بالمراحل الابتدائية، وأن 30 في المائة منها لا تحتوي على مبانٍ خاصة بالمراحل المتوسطة.
وتبين التقارير حاجة أكثر من 4500 مبنى خاص بمدارس ابتدائية و1280 مبنى تابع لمدارس ثانوية إلى إعادة تأهيل، في حين يعد أكثر من 1800 مبنى مدرسي غير ملائم لتقديم أي خدمات تعليم على الإطلاق.
وأظهرت دراسة أعدتها أربع منظمات دولية وجود فجوات كبيرة في قطاع التعليم في العراق يرجع سببها إلى الافتقار للتخصيصات الحكومية لدعم خدمات التعليم الأساسية التي تتضمن تأهيل المدارس فضلًا عن قلة المدرسين المؤهلين ونقص عددهم مقارنة بأعداد التلاميذ مع رداءة البنى التحتية للمدارس.
وبينت الدراسة أن “نظام التعليم تعرقل على نحو كبير في العراق خلال السنوات الأخيرة مما نجم عن ذلك جيل من أطفال وشباب صغار سيواجهون مستقبلا قلقًا جدًا”.
وأوصت الدراسة التي أعدتها كل من منظمة “أحموا الأطفال” ومنظمة مجلس اللاجئين النرويجية، ومنظمة “ميرسي كوربس” و “نون فايولينت بيس فورس” الدولية، الحكومة بتخصيص 15 بالمائة من الميزانية العامة للقطاع التربوي، فيما دعت المنظمات الدولية لمساعدة وزارة التربية ببناء 10 آلاف مدرسة ومعالجة العجز في الأبنية المدرسية.
وبحسب تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، خصّصت الميزانية العامة للعراق في السنوات القليلة الماضية أقل من نسبة 6 في المائة فقط لقطاع التعليم، ما يضع البلاد في أسفل ترتيب دول الشرق الأوسط.
ومن وجهة نظر أصحاب الاختصاص دعت المشرفة التربوية سولاف محمود، وزارة التربية إلى الاهتمام بشكل أكبر بعملية التعليم، من خلال تخصيص ميزانية كافية للنهوض بالواقع التربوي، وإعادة مكانة التعليم في العراق، والتي أصبحت في وضع متأخر.
وأضافت “لا بد من بناء ما يحتاجه العراق من مدارس، وتوفير مؤسسات نوعية للتطوير المهني والمدارس المهنية وللمعلمين من المرحلة الابتدائية إلى المستويات العليا”.

أولياء أمور الطلبة يلجؤون إلى شراء الكتب بعد عجز الحكومة عن توفيرها لأبنائهم

ويأتي العام الدراسي الجديد في العراق وسط افتقار التلاميذ للكتب المدرسية، بعد تحذيرات أطلقتها لجنة التربية والتعليم النيابية ووزارة التربية حول عدم طباعة الكتب بسبب غياب المخصصات المالية.
ولاتعد أزمة نقص الكتب المدرسية ظاهرة جديدة في العراق، لكنها تبدو متفاقمة هذا العام مقارنة بأعوام سابقة.
وقال عضو لجنة التربية والتعليم في البرلمان الحالي جواد الغزالي، إن “وزارة التربية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرتها على طباعة كتب جديدة خلال العام الحالي بسبب غياب التخصيصات المالية، على الرغم من وجود عائدات هائلة للنفط، فضلًا عن نقص واضح في عدد الأبنية المدرسية نتيجة للأزمة السياسية الراهنة.
وأضاف أن “طباعة الكتب المدرسية بحاجة إلى أموال طائلة، ولا يمكن اللجوء إلى طرق أخرى مثل الطبع بالآجل بسبب التعقيدات، ورفض أغلب الجهات ذلك، والطلبة مجبرون على استخدام الكتب القديمة، والاعتماد على المسترجع لحين إيجاد مخرج لهذه الأزمة”.
وأتفق مصدر في وزارة التربية مع ما ذهب إليه الغزالي بالقول، إن “الوزارة لن تسلم كتبًا جديدة للتلاميذ في العام الجديد بسبب عدم وجود تخصيصات مالية كافية لطباعتها”، مبينًا أن “الكتب المدرسية المتاحة لدى الوزارة لا تسد سوى 20 إلى 30 في المائة من احتياجات المدارس”.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته أن “طباعة الكتب المدرسية تحتاج إلى مبالغ تصل إلى 250 مليون دولار سنويًا، ما جعل الأمر يتجاوز قدرات الوزارة، والتي كانت في السابق تطبع في لبنان وإيران، وفي داخل البلاد في صفقات يشوبها الكثير من الفساد”.
وأثقل عدم توزيع الكتب من كاهل الأسر العراقية وزاد من مصاريفها في ظل ارتفاع أجورها في السوق السوداء فضلًا عن شحتها بسبب النقص الحاد مع بداية العام الدراسي.
وتقول المعلمة علياء الشمري، إنها أم لثلاثة أطفال، وجميعهم تلاميذ، وإن الإنفاق المالي على طلاب المدارس وصل إلى حد جنوني على الرغم من أن معظم العراقيين يعيشون في وضع اقتصادي صعب، مبينة أن العائلات أصبحت مجبرة على استنساخ الكتب المدرسية، وقلة من يقررون شراءها في حال توفر المال لذلك.
وأضافت أن “نقص الكتب الجديدة، والاعتماد على الكتب المسترجعة يؤثر على استيعاب الطالب للمادة وتحضير الواجبات اليومية، والكثير من العائلات غير قادرة على تأمين المصاريف المدرسية بسبب غلاء المعيشة في ظل التدهور الاقتصادي القائم”.
ويؤكد ذوو طلبة في العاصمة بغداد بأن أسعار الكتب الدراسية ارتفعت إلى الضعف وأن”سعر الكتب يختلف حسب المادة، وعدد الصفحات، وتتراوح الأسعار بين 5000 و10000 دينار (نحو 7 دولارات) للكتاب الواحد”.
وأضاف ذوو الطلبة أن “الطالب الواحد يحتاج إلى أكثر من 50 دولارًا لتأمين احتياجاته من الكتب المدرسية، ناهيك عن المستلزمات الأخرى التي تبلغ كلفتها أكثر من ذلك، وأن الأعباء المادية ترهق المواطنين، لا سيما أن أغلب العائلات العراقية تعيش تحت خط الفقر”.

طلاب العراق ينظمون وقفات احتجاجية للتعبير عن انتهاك حقوقهم في بيئة مدرسية طبيعية

وتزامنًا مع بدء العام الدراسي الجديد نظم عدد من طلاب كربلاء وقفة احتجاجية بأسلوب فني وجهوا من خلاله رسائل عديدة إلى كل الجهات المسؤولة عن التعليم.
وطالب التلاميذ في وقفتهم بحقوق الأطفال الأساسية وهي توفير مدارس جيدة لهم وتوزيع القرطاسية والكتب المدرسية وإنشاء حمامات صحية وتوفير التغذية المدرسية والنشاطات الرياضية والفنية.
ولا تختلف مطالبات تلاميذ محافظة كربلاء عن تلك التي رفعت في محافظة واسط إذ أظهرت صور من قضاء الحي رفع عدد من الطلبة لافتات تطالب بالقضاء على الفاسدين والسلاح المنفلت وتوفير أجواء آمنة للدراسة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى