أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

هجرة مليونية على الأبواب تحت وطأة نضوب المياه في مدن عراقية

خبراء بالشأن المائي يحذرون من كارثة إنسانية بسبب نقص المياه في سد الموصل ووصولها إلى أدنى مستوى.

نينوى ــ الرافدين
حذرت تقارير دولية ومحلية من مخاطر الجفاف في ظل فشل السياسات المائية التي تتبعها الحكومات المتعاقبة، والتي فاقمت من موجات النزوح السكانية جراء نضوب مصادر المياه وعدم إيجاد حلول حقيقية لحفظ موارد البلاد المائية.
وكشف تقرير بيئي مشترك لمنظمات دولية وعراقية عن احتمال نزوح مليوني لسكان المناطق الغربية من محافظة نينوى خلال العقد المقبل، بسبب شح المياه.
ووفقًا لتقرير منظمتي “سوليداريتي” الدولية و “حماة نهر دجلة” العراقية، فإن وزارة البيئة الحالية تتوقع هجرة أكثر من أربعة ملايين من سكان مناطق غرب نينوى، وتحديدًا بلدات سنجار وتلعفر والبعاج، بسبب الجفاف في غضون السنوات السبع المقبلة.
وقال مدير سد الموصل رياض عزالدين، إن المياه في بحيرة سد الموصل مهددة بالجفاف نتيجة انخفاض مناسيب المياه.
وأوضح عزالدين، أن أعلى نسبة لمياه بحيرة سد الموصل كانت بحدود 8 مليارات متر مكعب، وحاليًا هي أقل من 4 مليارات فقط، مبينًا أن الخزين الاستراتيجي لبحيرة سد الموصل لا يتجاوز المليار و500 مليون متر مكعب.
وأشار إلى أن المحطة الكهرومائية ضمن جسم السد، توقفت عن توليد الطاقة الكهربائية بسبب انخفاض منسوب مياه البحيرة إلى مستوى خطير بحسب تعبيره.
وحذر خبراء استراتيجيون ومختصون بالشأن المائي، من كارثة إنسانية في العراق، بسبب نقص المياه في سد الموصل ووصولها إلى أدنى مستوياتها، في ظل استمرار الإهمال الحكومي وعدم الاكتراث لموارد البلاد المائية.
وعزى الخبراء الأزمات المائية التي تشهدها البلاد إلى غياب السيادة الوطنية وعدم دفاع الحكومات المتعاقبة عن حقوق العراق المائية الإقليمية، ما جعلها عرضة لتجاوزات دول الجوار، ولا سيما إيران التي قطعت روافد نهر دجلة، وساهمت بشكل كبير بتفاقم الأزمة المائية.
وقال خبير استراتيجيات المياه رمضان حمزة، إن العراق على أعتاب كارثة كبيرة بسبب نقص المياه، مشددًا على ضرورة التدخل من قبل الجهات الحكومية والتفاوض مع دول الجوار من أجل إطلاق المياه إلى داخل الأراضي العراقية عبر مناسيب الأنهار.
وتوقع حمزة أن يكون عام 2023 أكثر الأعوام من حيث هطول الأمطار، موضحًا “نحن مقبلون على هطول أمطار غزيرة ولكن هذا لا يعني ان الخزين الاستراتيجي للمياه بمأمن”.

الدكتور نظير الأنصاري: سوء إدارة الموارد المائية أدى إلى تدهور البيئة والزراعة في العراق

وسلط برنامج “طاولة حوار” الذي يبث عبر قناة “الرافدين” الضوء على خطورة الجفاف والكارثة البيئية التي تهدد البلاد.
وقال الأكاديمي المتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري، إن الطبيعة السيئة في إدارة الموارد المائية في العراق واحدة من أهم أسباب التدهور المائي والبيئي والزراعي.
وأضاف أن الحكومة لا تستجيب لمناشدتنا بشأن أزمة التصحر في البلاد على الرغم من تقديم الكثير من الحلول دون أن تلاقي الاهتمام من قبل الجهات المعنية.
وقال الكاتب والباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي، إن انهيار البيئة الزراعية والمائية له تأثيرات متعددة على البلد والمجتمع والاقتصاد.
وأضاف أن حكومات ما بعد الاحتلال عاجزة عن حماية موارد البلاد المائية مما أدى إلى تفاقم مشكلة التصحر نتيجة بناء المشاريع المائية من قبل دول الجوار على حساب العراق.
وأشار الفلاحي إلى غياب الإرادة الحكومية لإنشاء خزانات لخزن المياه تحسبًا لتأثير التغيرات المناخية ومعالجة أزمة الجفاف.
ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن العراق في صدارة البلدان الأكثر هشاشة على مستوى العالم، من حيث نقص المياه والغذاء وارتفاع درجات الحرارة القصوى، وما تخلفه من هجرة سكانية داخلية بين الفلاحين والمزارعين وغيرهم.
من جانبه حذر رئيس برنامج الأغذية العالمي في الأمم المتحدة بالعراق علي رضا قريشي، من مخاطر تغيير المناخ وشح المياه على الأمن الغذائي ونزوح الأفراد.
وأشار إلى أن العراق يحتل المرتبة الخامسة عالميًا بمستوى التأثر بالتغير المناخي، إذ إن هنالك خمسة تحديات أثرت على الأمن الغذائي أهمها الشح الشديد في الأمطار بالأعوام الماضية.
ووثقت منظمات دولية عن حدوث موجات نزوح سكانية تصل إلى نسبة 15 بالمائة من تعداد سكان الأرياف.
حيث سجلت منظمة سوليداريت أنترناشنال الدولية للتضامن الكثير من الأضرار الاقتصادية التي لحقت سكان قضائي سنجار وتلعفر التابعين لمحافظة نينوى جراء التغيرات المناخية.
وأكدت المنظمة على أن الكثير من المزارعين والرعاة في هاتين المنطقتين اضطروا خلال السنوات الثلاث الأخيرة لبيع مواشيهم وتقليص مساحة الأرض المخصصة للزراعة أو تحويل نشاطهم إلى عمال بناء بأجر يومي من أجل توفير لقمة العيش، مشيرة إلى أن تخمينات وزارة البيئة بأن أزمة المياه قد تتسبب بنزوح 4 ملايين شخص بحلول العام 2030.
وتداول عراقيون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر معاناة المزارعين في ظل أزمة الجفاف التي تشهدها البلاد.
وانتقد العراقيون سياسة حكومات ما بعد 2003 التي تهدف إلى تدمير البلاد على مختلف الأصعدة وأهمها القطاع الزراعي لإبقاء البلد بحاجة إلى الاستيراد من الخارج.
وشكى الحاج أبو حسين الجاف وهو أحد المزارعين في محافظة المثنى من الضرر الكبير الذي لحق بأراضيهم نتيجة الجفاف وغياب الدعم الحكومي على الرغم من مناشدتهم المتكررة لكن دون أي استجابة تذكر.
وأكد الجاف خلال مقطع بث في برنامج “صوتكم” في قناة “الرافدين” عن هجرة أكثر من 500 عائلة جنوب المثنى بسبب شح المياه.


من جانبها أقرت وزارة الموارد المائية الحالية، بأن الخزين المائي في العراق لا يزال في مراحل حرجة ومتدنية لمواجهة الاحتياجات المائية للموسم الصيفي المقبل، دون امتلاكها حلولًا استراتيجية للتخفيف من آثار الأزمة التي تعاني منها البلاد.
وقال وزير الموارد المائية الحالي عون ذياب عبد الله، إن الأراضي الرطبة في العراق تتعرض لأعلى معدلات الإنحسار والفقدان والتدهور، وأنه من المتوقع استمرار تردي مؤشرات الاتجاهات السلبية الراهنة في التنوع البيولوجي بفعل مسببات مباشرة وغير مباشرة، وأهمها الآثار السلبية لتغير المناخ.
وأجمعت مصادر صحفية على أن البلاد متجهة نحو كارثة حقيقية بفعل الفساد الحكومي وإهمال ملف معالجة البيئة وتصاعد حدة الجفاف والتصحر إلى مستويات غير مسبوقة، مشيرة إلى أن العراق سيشهد قريبًا هجرة لعشرات الآلاف من المزارعين إلى أطراف المدن بحثًا عن العمل، ما سيفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن أزمة الجفاف تسببت بتحويل مساحات زراعية كبيرة في محافظة نينوى إلى أراض قاحلة بعد أن كانت تعد سلة غذاء العراق.
وفقدان نحو 90 بالمائة من الناتج الزراعي المحلي جراء شح المياه وتدهور الأراضي والبيئة بشكل عام.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن الأهوار فقدت 80 بالمائة من الجاموس فيها، نتيجة لقيام المتنفذين بتحويل أنهار من الأهوار إلى أراضيهم الخاصة باستخدام سطوتهم العشائرية في ظل غياب سلطة القانون.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى