أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

كارتلات الفساد تحول دون انتقال النظام المصرفي العراقي إلى الرقمي

إمبراطورية الميليشيات تدير اقتصادًا نقديًا خارج المراقبة الدولية، وتعمل وفق نفس آلية شركة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الإيراني.

بغداد- الرافدين
أجمعت مصادر سياسية واقتصادية على أن النظام المصرفي المتهالك في العراق عاجز عن التحول إلى نظام رقمي في الوقت الحاضر.
وقالت إن سيطرة كارتلات فاسدة تفضل نظام الدفع النقدي المباشر على النظام الرقمي لتمرير صفقات وتحويلات لا تخضع للمراقبة.
وعزا خبراء اقتصاديون الأسباب إلى أن العمليات المالية الإلكترونية تكشف الصفقات غير الشرعية وكمية المال المهرب وغسيل الأموال التي تتم بطريقة الدفع المباشر.
وشكك موقع “ريست أوف ذا وورلد” المختص بأخبار التكنولوجيا العالمية بالجهود التي تبذل من أجل إصلاح الأنظمة القانونية والمالية القديمة، وتطوير القطاع الخاص في العراق، وتنويع الأساس الاقتصادي للبلد.
وأكد على تعثر أي تقدم بسبب المصالح الراسخة للطبقات الفاسدة المسيطرة على هذا النظام.
ولفت إلى أن الفساد يقف بوجه أي تحول إلى نظام رقمي شفاف حيث صنفت منظمة الشفافية الدولية، العراق على أنه أكثر البلدان عرضة للفساد في العالم.
وأكد تقرير موقع “ريست أوف ذا وورلد” الذي كتبه الصحفي المقيم في مدينة السليمانية وينثروب رودجرز، على أن هذه التحديات تعرقل سعي الناس من اجل تحقيق أحلامهم الاقتصادية، وهو ما يفاقم الإحباط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بسبب نظام ما بعد 2003 في العراق الذي ساهم في نشوب احتجاجات ثورة تشرين عام 2019.
وأكد مصدر اقتصادي عراقي مطلع على أن حكومة محمد شياع السوداني ستكون كسابقاتها، وليس بمقدورها تغيير النظام المصرفي المتخلف.
وقال المصدر المطلع على عمل البنك المركزي العراقي، بمجرد حساب عمليات الصيرفة النقدية المباشرة “كاش” في العراق ومقارنتها بالعمليات الالكترونية، نكتشف استحالة إنقاذ هذا النظام المصرفي من دون تغيير جذري شامل خارج سطوة كارتلات الفساد.
وأضاف “إن كل الكلام الرائج اليوم على المستوى الاقتصادي والحكومي والإعلامي يتجنب الحقيقة البسيطة التي تكمن في أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار يعود إلى إمبراطورية الميليشيات الاقتصادية التي تدير اقتصادًا نقديًا خارج المراقبة الدولية، وصارت تعمل وفق نفس آلية شركة “خاتم الأنبياء” التابعة للحرس الإيراني.
وبنت الميليشيات لنفسها إمبراطورية اقتصادية من خلال أعمال تجارية غير مشروعة وعقود حكومية، يعتمد أغلبه على التعامل النقدي المباشر، الذي صار من الماضي في أغلب دول العالم التي تعتمد على الأنظمة الرقمية في التعاملات المالية.
ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.
وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.

موقع “ريست أوف ذا وورلد”: العراق معزول عن النظام الاقتصادي العالمي
ووصف تقرير موقع “ريست اوف ذا وورلد” العراق بالمعزول عن النظام الاقتصادي العالمي. مشيرًا إلى انقطاع العراقيين عمومًا عن أنظمة الدفع الرقمية المعتمدة عالميًا، والتي أصبحت من بديهيات تعاملات الشركات في أنحاء العالم كافة.
ويمتلك خٌمس العراقيين حسابات مصرفية وفقًا للبنك الدولي، في الوقت الذي يفتقر العراق إلى وجود مقدمي خدمات الدفع العالمية. بسبب استمرار “ثقافة الكاش” السائدة في العراق حيث ينقل الحمالون أكوامًا من الدينار العراقي والتومان الإيراني والدولار الأمريكي حول المكاتب الضيقة.
وشكك التقرير بقدرة النظام المصرفي الانتقال إلى النظام الرقمي على الرغم من إعطاء البنك المركزي العراقي، تراخيص لـ 17 شركة لتشغيل عمليات رقمية، لتقديم خدمات الدفع الإلكتروني.
وذكر أن “أصحاب الأعمال الذين يحاولون تطوير القطاع الخاص الهش في البلاد، يواجهون تحديًا مزدوجًا، إذ إن المستهلكين المحليين مترددون في اعتماد منصات الدفع الالكتروني المتاحة محليًا، ولهذا فإن العراقيين معزولون عن أنظمة الدفع الرقمية التي تعتبرها معظم الشركات في جميع انحاء العالم مسألة بديهية مسلم بها”.
وقال أنس أبو فاضل، الذي يعمل في سوق محافظة السليمانية شمال العراق “الناس هنا لا يدركون ما هي العملة الرقمية، والكل معتاد على المال النقدي ويثق به بشكل أكبر من المدفوعات الرقمية”.
وأضاف “أنا وزملائي بحاجة إلى أنظمة العملات الرقمية في حال أردنا إرسال الأموال إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، فغالبية العراقيين لا يستخدمون بطاقات الائتمان المصرفية، كما أن المنصات الإلكترونية العالمية في التسوق على الإنترنت ليست متوفرة للاستعمال في داخل العراق.
غير أن جوانا أبو بكر التي تدير شركة في السليمانية أبدت عدم حاجتها للنظام الإلكتروني تحت ذريعة بأنها ليست بحاجة إلى المدفوعات الإلكترونية، العراق معزول وكل ما تريده، يمكنها دفع ثمنه نقدًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى