أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الفساد الحكومي وصراع الميليشيات يحول نفط البصرة إلى نقمة على المدينة

وكالة " أسوشيتد برس": محافظة البصرة الغنية بمواردها النفطية تصنف بين أفقر وأقل مدن العراق نموًا.

بغداد- الرافدين
ذكر تقرير لوكالة ” أسوشيتد برس” الأمريكية، ان “صندوق الأكاذيب” الذي رافق احتلال العراق قبل عشرين عامًا تحت مزاعم الديمقراطية والرفاهية ينفتح أمام نقمة وخواء الحياة والأمراض القاتلة في مدينة البصرة الثرية بالنفط.
وذكر التقرير الذي كتبته مراسلة الوكالة في العراق سامية كلاّب، أن البصرة تمثل صورة مزدوجة ومتناقضة عن “النعمة والنقمة” في وقت واحد، فهي مدينة غنية بالبترول لكن أهلها يعيشون في فقر مدقع وتنعدم فيها الخدمات، ويعاني أبنائها من أمراض سرطانية منتشرة بكثافة.
وأشارت الوكالة إلى أن نفط مدينة البصرة، الذي جلب الاستثمارات والأموال الى الخزينة الحكومية، أبقى الكثيرين محرومين من عوائده بسبب الفساد.
وعرض تقرير الوكالة لقصة راغب جاسم “40 سنة” الذي تم تشخيص إصابته بمرض السرطان وخسر مدخراته المالية، أسوة بآلاف من أبناء المحافظة الذين أصيبوا بهذا المرض القاتل، جراء الأشعة التي تركتها المخلفات الحربية للقوات الأمريكية والبريطانية، فضلا عن انبعاثات الغازات السامة من الآبار النفطية.
وقال المواطن البصري الناقم على أوضاع مدينته وبعد عشرين عامًا من الاحتلال، بأن لديه رغبة وحيدة بإيجاد وسيلة لكي يغادر العراق “ليس هناك مستقبل لأولادي هنا”.
وأضاف راغب جاسم وهو يكرر وجهة نظر سائدة بين العراقيين “أُحمّل المسؤولية للحكومة العراقية الفاسدة، وألوم الأمريكيين أيضا لأنهم استبدلوا قادتنا باللصوص”.
وأكد على أنه بعدما أصبح في منتصف العمر أصبح متعبًا من الفساد المستشري ويعاني من مرض السرطان، واستخدم القرض الذي حصل عليه لبناء منزل لدفع 30 ألف دولار، من أجل تسديد قيمة فواتير طبية، مشيرًا إلى أن مستشفيات البصرة العامة متهالكة ومكتظة وليست قادرة على توفير العلاج له.
وتعكس محافظة البصرة، التي تضم معظم احتياطيات النفط في العراق، رمز التفاوتات العميقة التي عانت منها منذ الاحتلال عام 2003، وهي تتسبب بحيرة الخبراء والمبعوثين والسكان، إذ كيف يمكن لمحافظة غنية بالموارد أن تصنف بين الأفقر والأقل نموا في العراق.
والى جانب الإخفاق في عمل المؤسسات، فإن تلوث الهواء الواسع في البصرة، ومستويات الملوحة الناتجة عن أزمة المياه الحادة، تعتبر من الأسباب الرئيسية للأمراض، كما أن البطالة المتفشية، تطال أكثر من نصف السكان من الشباب.
وقال رئيس بلدية قرية “نهران عمر” بشير جابر إن كل عائلة في القرية لديها قصة مرض وديون، وأن القرية التي يبلغ عدد سكانها ألفي شخص ترتفع فيها معدلات الإصابة بالسرطان حيث تقع القرية بالقرب من حقل نفطي تديره الدولة.
وأضاف انه “بعد العام 2003، تم تصدير كميات أكبر من النفط، وتوقعنا الاستفادة من ذلك، وبدلا من ذلك فإنه يؤذينا”.
وتسلط قضية قرية “نهران عمر” الضوء على مفارقة مأساوية اذ أن الغاز الطبيعي الذي يحترق من حقول، إذا تم الاستفادة منه، فقد يكون حلا لمشكلة النقص المستمر في الكهرباء ويحد أيضا من التلوث.
ويقول مسؤولون في المحافظة إن الموارد حققت الثروة إلا أنها أدت أيضا الى نشوب صراع شرس بين الأحزاب السياسية المهيمنة والميليشيات المسلحة على حساب الشعب، وأن نظام محاصصة السلطة على أسس عرقية وطائفية، يمتص الثروة النفطية وسط الفساد والمحسوبية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في المحافظة قوله “كلما ارتفع سعر برميل النفط، أصبح هذا النظام أكثر رسوخًا حيث تطالب الأحزاب الطائفية بمناصب وزارية تجني لها الأرباح، وتعين المؤيدين لها في المناصب الرئيسية وتوزع الوظائف العامة”.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فقد تضاعف التوظيف في القطاع العام ثلاث مرات من العام 2004 الى العام 2013، وفي المقابل فإن توفير الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة، لا يكفي.
وبعد اندلاع احتجاجات شعبية غاضبة عام 2018 ثم في 2019، في ثورة تشرين الرافضة للأحزاب الطائفية الحاكمة وسطوة الميليشيات والفساد الحكومي، شنت الميليشيات والقوات الحكومية حملة اختطاف واغتيالات، أثارت مناخًا من الخوف.
وقال الناشط في البصرة عمار سرحان إن “القتل أسكت العديد من النشطاء.. والعمل يستمر كالمعتاد”.
وبرغم أن ميزانية الدولة وصلت في العام 2021 الى 90 مليار دولار والتي يتم تمويلها بالكامل من عائدات النفط، حيث يصدر العراق أكثر من 3 ملايين برميل يوميا، إلا أن الحكومة فشلت في تقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك قطاعي المياه والكهرباء.
وأوضح التقرير أن الوضع في البصرة يعتبر من بين الأسوأ في العراق، حيث تبلغ نسبة البطالة 21 بالمائة، وهي أعلى من المتوسط المسجل على المستوى الوطني البالغ 16 بالمائة وفقا لإحصاءات منظمة العمل الدولية في العام 2022، وذلك في وقت تمتلك المحافظة حوالي 70 بالمائة من الطاقة لإنتاج النفط في البلد.
وقال الشيخ محمد الزيداوي الذي يقود تجمعًا لشيوخ العشائر في الجنوب، إن دخول المستثمرين الأجانب عزز من حدة التنافس بين العشائر التي غالبًا ما يكون لديها نفوذ أكبر من المؤسسات الحكومية في الجنوب، حيث تمارس الضغوط على الشركات الأجنبية من أجل الوظائف والتعويض وتدريب الشباب وتطوير قراهم.
وأضاف إن معظم المشكلات بين العشائر حاليًا والتي تتحول احيانًا الى نزاعات مسلحة، “سببها وجود شركات النفط، فالكل يريد الاستفادة”.

النقمة مستمرة ضد الأحزاب والميليشيات الفاسدة
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى